الرابسودي السوري: ملحمة موسيقية تجمع حضارة 3400 سنة

"الرابسودي السوري" على مسرح اليوبيل في "إكسبو 2020 "، 7 شباط (فبراير)، 2022. (حلا حرب)

شهدت منصة اليوبيل في “إكسبو 2020” مساء الاثنين الموافق 7 شباط (فبراير)، ملحمة موسيقية تجمع ثقافة 3400 عام بعنوان “الرابسودي السوري”، من تأليف وتوزيع الموسيقار والملحن السوري، إياد الريماوي.

وجمع المسرح 100 موسيقي ومغنّ بقيادة المايسترو السوري، ميساك باغبودريان، لينشدوا مراحل تاريخية دمجها الريماوي بعرض واحد، بدأ فيها من أقدم تدوين موسيقى اكتشف في العالم في “أوغاريت”- سوريا، يعود لأكثر من 1400 عام قبل الميلاد، والمعروف بـ”ترنيمة إلى نيكال”.

وانتقل إلى عرض الإنشاد السرياني الذي يعتبر أساس الإنشاد الكنسي في العالم، حيث نشأ في حقبة الحضارات السريانية/الآرامية السورية. ومن ثم إلى الإنشاد الصوفي الذي جسد به أشعار الحلاج، حيث تضمنت كل حقبة ابتهالاتها الخاصة.

واختتم الحفل بمزيج يجمع كل الحضارات في آن واحد بإضافة الغناء الأوبرالي من العصر الحديث مظهراً المخزون الغني للموسيقى التي انبثقت في سوريا. كما ترافقت القطع الموسيقية بمزيج من الخلفيات البصرية والضوئية التي تعكس كل زمن.

وقال الريماوي، “استحضرت مخزوني الموسيقي لخلق ما يليق بهذا البلد وهذا التاريخ، عندما دعيت من الجناح السوري والأمانة السورية لتقديم عمل فني في (إكسبو)”.

وأضاف، “كانت لي تجارب كثيرة بالموسيقى الصوفية والسريانية التي بدأت من سوريا، ومن هنا ظهرت فكرة الرابسودي”، وذلك بحسب ما ورد في المؤتمر الصحفي الذي أقيم في الجناح السوري في “إكسبو 2020″، في 4 شباط (فبراير) قبل الحفل.

وعن “الرابسودي”، ذكر الريماوي، “أنها حكاية موسيقية تمتد على مدى ساعة من الزمن على المسرح برفقة أوركسترا كلاسيكية بالإضافة إلى عدد من الآلات الشرقية والإيقاعات، بوجود منشدين صوفيين، وإنشاد سرياني وغناء أوبرالي”.

وعن هذا الخليط والأنماط المختلفة مجتمعة على مسرح واحد، علّق الريماوي، “قد تكون هذه المجموعات تغني بأساليب مختلفة، وتفكر بأساليب مختلفة ولها ثقافة ولغة مختلفة إلا أن هذا العمل قد يترك أثر اجتماع الأنماط الموسيقية المختلفة”.

ونوّه الريماوي عن الحفل، “بقدر ما هو عمل سوري، بقدر ما هو عالمي ويخص البشرية أجمع”.

كما وصف “الرابسودي” للجمهور، في كلمته قبل الحفل، بأنه “رسالة حب، وحكايته قصة كل إنسان عن الغناء والحب والصلاة”.

والريماوي من مواليد 1973، دمشق، وبدأ العزف على الجيتار في سن الثانية عشر. أسّس الريماوي الفرقة السورية “كلنا سوا” في 1995 التي أصدرت أول ألبوماتها بعنوان “سفينة نوح”، كما شارك في تأليف معظم أغاني الفرقة. واشتهر الريماوي في مجال تأليف الموسيقى التصويرية للمسلسلات، ومن أبرزها، الندم، حرملك، وأوركيديا.

ويعتبر “الرابسودي السوري” جزءاً من البرنامج الثقافي الذي ينظمه الجناح السوري بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية وبرعاية شركة أجنحة الشام.

وفي المؤتمر الصحفي، أفصح أمين عام الأمانة السورية للتنمية، فراس كلاس، “يعتبر الرابسودي جزءاً من نشاطات الأمانة السورية للحفاظ على الإرث الثقافي السوري”.

وذكر المدير التنفيذي للـ”رابسودي”، صلاح منصور، “بدأنا العمل على المشروع منذ سنة تقريباً، ممثلاً بآلة زمن تنقلنا لآلاف السنين من الحضارة التي تمس البشرية جمعاء”.

وأضاف، “قد يكون صوت الحرب عالياً، إلا أن صوت الموسيقى أيضاً عال، وصوت المحبة عال ويصيب بالقلب”.

المؤتمر الصحفي في الجناح السوري في “إكسبو 2020″، 4 شباط (فبراير)، 2022. (حلا حرب)

 

وافتتحت الأمسية الموسيقية بحضور أكثر من 1500 شخص، الإعلامية السورية شهد بلان، التي ذكرت عبر “واتساب”، “لا يوجد جنسية للموسيقى، يوجد لها روح فقط”.

وشارك في تقديم الحفل الممثل السوري، باسم ياخور، والذي دعا وزيرة الثقافة السورية، الدكتورة لبانة مشوح، لإلقاء كلمتها قبل بدء الحفل.

ومن الأوركسترا، قالت مغنية السولو السورية المستقرة في إيطاليا، ميرنا قسيس، “بدأت العمل مع الأستاذ إياد (أونلاين) على أنشودة نيكال والغناء الأوبرالي على مدى شهرٍ كامل من التحضير”.

وبينت قسيس، “أن الحفل كان من المفترض أن يكون في شهر 12، إلا أنه تأجل لهذا الشهر”، وذلك عبر “واتساب”.

وأوضحت قسيس أنها عادت إلى سوريا لاستكمال التدريبات بعد غياب دام 7 أعوام بسبب الحرب، كما ذكرت، “كان العمل فرصة لي لأعود إلى سوريا من جديد، وأسرق لحظات جميلة، رغم أنها ليست بأفضل أحوالها، إلا أننا دائماً نبحث عن الفن والجمال”.

وعن تجربتها، عكست قسيس إعجابها بهذا العمل “الفريد من نوعه، والذي أتاح فرصة التعرف على ما تركه أجدادنا وتقديمه للأجيال الجديدة”.

واستكملت “يقدم الريماوي أعمالاً تناسب جميع الأعمار وتلامس قلوبهم بدليل تنوع أعمار الجمهور”.

ميرنا قسيس أثناء إنشادها على مسرح اليوبيل في “إكسبو 2020″، 7 شباط (فبراير)، 2022. (حلا حرب)

وذكرت المغنية الأصغر في الكورال، طالبة الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقا في دمشق، نتالي زيات (19 سنة)، “كنت محظوظة باختيار اسمي من بين أكثر من 200 مرشح، من قبل أكبر أساتذة الموسيقى بسوريا، لأستطيع عيش تجربة موسيقية بهذه الأهمية، حيث تعلمت بفضل هذا العمل نوع جديد من الغناء”.

كما أوضحت، “اعتدت أن أغني (بوب) إلّا أن هذا العمل أضاف لي الكثير، كما استمتعت بمشاركة المغنية إيلونا في القطعة التاسعة وهي أغنية سريانية”.

وأشارت الزيات، “استمر التدريب منذ منتصف الشهر الأول حتى يوم الحفل في دبي لنصل إلى النتيجة التي وصلنا لها يوم الحفل”. وذلك عبر حوار معها في “إنستغرام”.

وتضمن الحفل 14 قطعة موسيقية جمعت مختلف الحضارات وصهرت الاختلافات الثقافية، وأثارت تفاعل الجمهور.

إياد الريماوي على مسرح اليوبيل في “إكسبو 2020″، 7 شباط (فبراير)، 2022. (حلا حرب)

 

مقاطع موسيقية من “الرابسودي” على مسرح اليوبيل في “إكسبو 2020″، 7 شباط (فبراير)، 2022. (حلا حرب)

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM