كلية محمد بن راشد تحتفي بـ “طوبة لهنّ”: شاعرية الألم

أعربت الطالبة الخريجة رزان محمد عن سعادتها بالاحتفال، الذي نظمته كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية بدبي، الأحد، السادس والعشرين من أيلول (سبتمبر) 2021، تكريماً لفيلمها الوثائقي “طوبة لهنّ”، بعد حصولها على الحصة الأكبر من منحة تطوير الأفلام المالية والإنتاجية المقدمة من جوائز بافتا (BAFTA) لعام 2021، والتي تنظمها الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون، فئة الأفلام الوثائقية.
ويتناول فيلم “طوبة لهنّ”، الذي أعدته الطالبة كمشروع تخرج في كلية محمد بن راشد، توثيقاً لمعاناة النساء في إقليم دارفور بالسودان الذي تعصف به النزاعات.
وأشرف على الفيلم، أستاذ الصحافة في الكلية د. موسى برهومة، بمعاونة مساعدة عميد الكلية، الأستاذة إيليسا أيوب، حيث قال برهومة: “سعادتي غامرة بما حققته رزان، ففيلمها يستحق التكريم والإشادة، وفيه مشهدية بصرية بالغة الجمال، ولا يمكن لذلك إلا أن يصدر عن عين مدرَّبة، ماهرة، تنقّب عن الدهشة، وتصنع الاختلاف”.
وقالت رزان محمد، خلال الاحتفال الذي شارك فيه أساتذة الكلية وطلبتها وأساتذة الجامعة، بحضور رئيس الجامعة د. ديفيد شميدت، الذي سلمها درعاً تكريمياً: أنا “مهتمة بقضايا النساء ومدى تأثير الحرب عليهنّ، خصوصاً في ظل تعتيم على قضايا مُماثلة لقضية الفيلم المطروحة، لذا قررت أن أجعل النساء يحددنّ ويملكنّ قضيتهن، من خلال التعبير عن أفكارهنّ حول ما تعرضن إليه منذ الحرب الأهلية التي جرت في إقليم دارفور، وتحديداً في مدينة الفاشر عاصمة الإقليم”.

الطابع الشاعري للفيلم
الطالبة/ المخرجة قالت خلال الحوارية التي أعقبت عرض فيلمها أمام الحضور، إنها أرادت أن يأخذ فيلمها طابعاً شاعرياً أكثر، عبر مقابلات أكثر وأعمق، تعبّر عن أحلامهن وأدق التفاصيل في وجدانهن، حتى رغباتهن البسيطة، “لكنّ توقيت الفيلم داهمني وجعلني أركز على مشاكلهن في المجتمع”، ما يستدعي تطوير الفيلم في هذا الجانب.
الذين تابعوا الفيلم، لاحظوا أنه يركز على التجارب الإنسانية الشاقة التي خلّفتها الحرب غير الموثقة عادة في الصحافة الاستقصائية خاصة في قارة أفريقيا، إذ كان للسودان النصيب الأكبر في الأزمات المعيشية والإنسانية في أفريقيا، بعد ظهور بوادر المعاناة عليها إثر الحرب الأهلية في 2003 بين المسلحين والحكومة في إقليم دارفور غرب السودان، حيث أرخت الحرب سدولها على مدينة الفاشر، ما أسفر عن نزوح الآلاف، غالبيتهم نساء تيتّم أطفالهن بعد تشريدهن.
وبسبب الحرب والتشرد واللجوء، افتقدت النساء رجالهن الذين اعتادوا مساعدتهن، لذلك اضطررن للبحث عن فرص عمل، فعثرن على عمل في الطوب واسمها الشعبي “الكماين”، وهو طوب تقليدي لصناعته جوانب اجتماعية واقتصادية، ويتم توراث المهنة أباً عن جد، رغم محدودية رواتبها وأجورها اليومية أو الأسبوعية، حيث تذهب غالبية الأرباح لجيوب ملّاك الطوب.
أنامل تسيل منها الدماء
تقول رزان محمد عن مشاهداتها أثناء تصوير فيلمها: بروث البهائم يُخلط الطين ويُصَب في قوالب مستطيلة الشكل وتبدأ النساء برصّ الطوب في أماكن تحت أشعة الشمس إلى أن تجف. وتكمن في هذه العملية الصعوبة غير المماثلة لأي من عمليات صنع الطوب، لأنها تنال من أنامل النسوة، فتسيل منها الدماء، وفي بعض الأحيان تُبتر الأصابع من كثافة الخليط الذي أخفى معالم الأنوثة لديهن.
رحلة رزان محمد جاءت في ظل تصاعد جائحة فيروس كورونا، لكنها لم تجعل منها عذراً ولا مبرراً لعدم إتمام مهمتها، فسافرت وتكبّدت المصاعب، من أجل أن تملك النساء روايتهن الخاصة من تجارب في محاربة مُعضلات الفساد والطفولة الضائعة في غمار الكرب والمُعاناة.
صنعت مخرجة “طوبة لهنّ”، بمعاونة شقيقتها لينا وشقيقها مازن، سرداً إبداعياً من قضية مألوفة عن معاناة النساء، إلا أنها تأكدت من فرادة وجودة محتوى الفيلم ليشارك الأذهان مدى قدرة تحمل ما تخوضه العاملات بشكل يومي وصلابة أيديهن التي أرهقتها التجربة والمعاناة.
