قصي حسين: قساوة الحياة علمتني ألا أستسلم للأمر الواقع

Qusay Hussein, 29, survived a suicide bombing in Iraq in 2006. He lost his vision, nose and cheek before moving to the United States. He graduated from a community college in Texas on Thursday and aspires to be a psychologist.

“قبلوني عند أطباء بلا حدود في عمّان، وعندما سافرت إلى هناك من العراق، التقيت بالطبيب أشرف. عرف أنّني لم أستطع الرؤية، وأكّدت آنذاك أنّني فقدت بصري. كنت مدمراً، وفقدت جميع آمالي.” هذا ما قاله قصي حسين، مخاطب تحفيزي، سارداً لتجربته في فلم الوثائقي “افتح عينيّ.”

وأكّد، في جلسة Media Chat نظمتها كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية بدبي، الأربعاء الماضي، أنَّه “بفضل الله والحمدلله، كسبت القوة”. وأضاف: “قساوة الحياة علمتني ألا أستسلم للأمر الواقع، فرغم العوائق في العراق والحادثة التي تعرضتُ لها، إلا أنّني تركت البلد وذهبت إلى عمّان، ورأيت عالماً آخر ساعدني على الاستمرار.”

وعلى صعيدٍ آخر، أردف: “وصلت بالفعل لمرحلة اليأس. وأتذكر أنّني تعرضت لمرحلةٍ عسيرةٍ جداً حيث كان لدي التهاباتٌ كثيرة، واضطررت للعلاج في قاعدة أمريكية، لأنَّ الأجهزة الطبية في العراق لم تكن ستساعد، فكانت حالتي سيئة جداً. ولكن الحمدلله زالت الالتهابات وعادت حياتي مجدداً.”

بين عمّان وتكساس

انضم قصي حسين إلى منظمة أطباء بلا حدود في الأردن بعد حادثته. وساعده الأطباء على بناء حياته من جديد، ومن ضمنهم الطبيب رشيد السامرائي، وهو منسق جراحي في مستشفى أطباء بلا حدود، اعتبره قصي بمثابة “صديقه وليس طبيبه فقط.”

وخلال مسيرته في الأردن، ذهب قصي إلى أماكنٍ كثيرة، حيث كان “يكتشف مكاناً جديداً في كل أسبوع” وتعرف على أشياء جديدة.

وسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعة تكساس، وكانت البداية صعبة بالنسبة له. يقول: “كان صعباً بسبب حالتي أن أذهب إلى بلدةٍ جديدةٍ تملك ثقافاتٍ مختلفة، خصوصاً أنّني كنت وحيداً دون عائلتي. ولكن العزم ساعدني على البقاء.”

حنيني للوطن يشبه حنيني للأم والأب

نجا قصي حسين من تفجيرٍ انتحاري جرى في مدينة  الموصل بالعراق، في الثالث من آب (أغسطس) 2006، وتعرض لإصاباتٍ عديدة في وجهه، وفقد بصره.

وعند سؤاله عن مدى تأثير هذه الحادثة على حبه للوطن، قال: “يمكننا الزعل من الأم، ولكننا نعود إليها، فأنا أحنّ للعراق مثلما أحن لأمي وأبي”. وأردف: “بعض الأفراد هم من يتسببون بالتفجيرات ولا نستطيع لوم العراق لذلك.”

وأعرب عن أسفه أنَّ “هؤلاء الأفراد لا يخافون من الله ولا يعرفون معنى الإنسانية.” وأضاف معبّراً حنينه لوطنه: “إنّي أبكي على العراق يومياً، حتى عند مشاهدة المباريات، حيث بكيت عندما فازت إيران عليها في إحدى المباريات. وسنعود مجدداً إلى العراق لكي نبنيها مرةً أخرى.” 

“قصي هو مثالٌ على كيف للشخص أن يقوم بفعل الكثير” – الطبيب رشيد السامرائي

يعتبر قصي نفسه اجتماعياً، وأنَّ هذا ساعده كثيراً. فعند تواجده عند أطباء بلا حدود، حصل على فرصة ليكون قائداً في فعالياتٍ نسقتها المنظمة، حيث أخرج قصي المرضى من “نمط حياتهم العادية”. وقال: “أخذت الجميع إلى متاحفٍ وأماكنٍ ترفيهية مختلفة.”

وبصرف النظر عن صعوباتٍ واجهها قصي بعد الحادثة التي أفقدته بصره، إلا أنّه يسعى دائماً لفعل الكثير، حسبما قاله الطبيب رشيد عنه أثناء الحوار. حيث تخرّج من جامعة تكساس في حقل علم النفس وخدمة المجتمع، ويدرس حالياً الماجستير في كلية الخدمة الاجتماعية. وهو متطوع في الترجمة منذ 2015، بالإضافة إلى أنه مخاطب تحفيزي حضر 200 شخص أحد خطاباته.

وقال قصي عن أهدافه المستقبلية: “أسعى إلى إنهاء الماجستير في آب (أغسطس) العام المقبل، وأن أحصل بعدها على الدكتوراة. وكشف عن حلمٍ “كبير يود تحقيقه بشدة”: “أريد بناء مدرسة، وأن أصبح مدرّساً لأساعد الطلاب، وأن أقدم برامج لأناسٍ يعانون من حالات الصدمة.”

تخرُّج قصي حسين من جامعة تكساس، من فلم الوثائقي “افتح عيني”

من هم أطباء بلا حدود؟

وصف الطبيب رشيد السامرائي، أثناء الحوار، أطباء بلا حدود بأنهم “مجموعة أشخاص يعملون معاً ويتشاجرون معاً، في الوقت ذاته، من أجل مساعدة المرضى.”

وأضاف: “مشروعنا هذا هو أول مشروع، ليس فقط للأطباء بلا حدود، بل للمنظمات غير الحكومية، وهو مخصص لمساعدة المرضى والمدنيين والمصابين خارج بلدهم. وهو مشروعٌ غريب لأنّه واجه صعوباتٍ كثيرة.”
أراد المشروع أن يأخذ المرضى “بعيداً عن أجواء العمليات”، كما يوضح السامرائي: “نأخذهم إلى فعالياتٍ ومتاحف لكي نبني بيئة شفاء.”

ولدى المنظمة مدارسٌ لأطفالٍ تعرضوا للإهمال مسبقاً في مدارسهم في بلدتهم، وينسّقون لهم فعالياتٍ متعددة مثل العلاج بالموسيقى. وأكّد السامرائي: “علاقتنا ليست مبنية على طبيبٍ ومريضٍ فقط، بل هي مبنية على هذه البيئة.”

وشدّد الطبيب رشيد السامرائي على أهمية الاستماع إلى المرضى عند التحدث، إذ يعتبر ذلك “مفتاح النجاح.” وقال: “هناك دراسة من 2018 تقول إنَّ الأطباء يقاطعون مرضاهم بعد 11 ثانية فقط. ويكون المريض قد عبّر عن مشاكله بنسبة 70% خلال دقيقةٍ ونصف الدقيقة، وهذه المدة مهمة جداً.”

وبالنسبة له، لا يعتقد قصي بأنَّ تكوين صداقات بين الطبيب ومريضه يؤثر على عمله الاحترافي، موضحاً: “العلاقة تساعد المريض بأن يكون منفتحاً أكثر مع طبيبه، ليقول له براحة عما يعاني منه من أعراض، وذلك يحسّن من التفاهم بينهما.”

شعار منظمة أطباء بلا حدود
Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM