سكان مدينة تاوس المكسيكية يسمعون أنين السماء

تقرير: صِبا نرش، سارة قراقيش، ولين شموط

تمهيد

في عام 1993، أدلى بعض سكان البلدة المكسيكية (تاوس) والتي تعتبر مكاناً يُقيم فيه العديد من المشاهير ويتصف بالهدوء والسكينة بشهادات عن سماعهم أصوات همهمة مجهولة المصدر، ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتم تسجيل شهادات عن سماع تلك الأصوات، فقد وقعت ذات الحادثة للمرة الأولى في الأربعينيات في مدينة لندن، لكن الخبراء قاموا بتجاهل تلك الشهادات آنذاك إذ إنّ نسبة من يسمعها كانت قليلة. بعد أكثر من ثلاثين عاماً، حصل الأمر ذاته في مدينة بريستول البريطانية مما أدى إلى شروع العلماء في أخذ الظاهرة على محمل الجد ودراستها.

 أدت تلك الحوادث إلى تشجيع سكان تاوس ممن سمع الصوت على الإدلاء بشهاداتهم والإخبار عما سمعوا. إثر ذلك، تلقت الظاهرة اهتماماً إعلامياً، وقام الخبراء والمختصون بعمل عدة أبحاث ودراسات لمعرفة السبب وراء هذه الأصوات. فيما بعد، استطاع العلماء رصد أصوات الهمهمة وتسجيلها عن طريق استعمال أجهزة إلكترونية، فباتت الأبحاث تركز على الأسباب العلمية، عوضاً عن التركيز على السامع ومحاولة إصلاح “الخلل” الذي يعاني منه. بالرغم من أنّ محاولات العلماء في اكتشاف السبب الحقيقي باءت بالفشل، إلا أنهم وضعوا عدة فرضيات تدعم آراءهم، وتسهّل عليهم الوصول إلى الحقيقة.

فرضيات حول الهمهمة في تاوس

الفرضية الأولى التي وضعها العلماء فيما يخص هذه الظاهرة، كانت أنّ هذه المدينة الصغيرة تجلب السيّاح في أوقات مختلفة خلال العام، فضلاً عن الأنشطة المتنوعة التي تقام  فيها باعتبارها معلماً تاريخياً وطنياً، لكن بصرف النظر عن حضارتها العتيقة، إلا أنّ هذه المدينة تحيطها المدن الكبرى المجاورة وما فيها من سيارات ومصانع والتي تصدر أصواتاً ذات ترددات خافتة تصل عبر طبقات الجو الى المناطق الريفية، مما يؤدي إلى التلوث الصوتي. تم إثبات فشل هذه الفرضية، إذ إنّ الصوت لم يُسمع على طول خط انتقاله المفترض.

فيما بعد، وضع العلماء الفرضية الثانية والتي تنص على أنّ جسم الإنسان يُصدر أصواتاً تلقائية نتيجة مؤثر داخلي أو خارجي، فقد توصلت بعض الدراسات إلى أنّ ستين بالمئة ممن خضع للاختبارات يمكن أن يمر بهذه التجربة، إلا أنّ تقدم العلم والتكنولوجيا نفى صحة الفرضية وأثبت فشلها في تفسير سبب حدوث الظاهرة.

من الممكن أن تكون الفرضية الأقل التي قد يحتويها الحس والمنطق، لكن واحدة من هذه الفرضيات كانت إصابة السكان الذين سمعوا أصوات الهمهمة بمرض سمعي، وبالرغم من كون الأمر غير منطقي، إلا أنه تم فحص الكثير ممن سمع الهمهمة ولكن لم تثبت إصابة أي منهم بخلل سمعي.

وفقاً لدراسة أجراها الكونغرس المكسيكي والأمريكي، تبين أنّ اثنين بالمئة من سكان تاوس فقط  تمكنوا من سماع الهمهمة، أي أنّ من الخطأ التعميم على كافة سكان المدينة بالخلل السمعي و ما شابه.

قد تكون هذه الفرضية مستبعدة وغير منطقية، لأنّ بعض المدن التي سمعت فيها هذه الأصوات، ليست ساحلية. فقد اعتقد البعض أنّ أصوات الهمهمة ناتجة عن بعض الكائنات الحية، تحديداً الأسماك، وذلك لأنّ هناك تشابهاً ما بين الأصوات المسموعة، والأصوات التي تصدر من بعض أنواع الأسماك. لكن من الممكن أن تتشابه الأصوات وتتعدد الفرضيات لمعرفة الحقيقة. وكان الأصعب أنّ تلك الأصوات الغريبة يمكننا سماعها بسهولة بالأذن البشرية، لكن عجز الجميع عن تسجيلها من خلال أي أداة تسجيل مهما كانت عالية الدقة. وكما حدث سابقاً، افترض البعض أنّ تلك الأصوات ناتجة عن أصوات البحار والمحيطات، لكنها أيضاً فرضية بعيدة عن المنطق، فكيف تسمع هذه الأصوات في المدن غير الساحلية؟ من الأقرب للمنطق أن يكون لجميع المدن المسموع فيها الأصوات، نفس الصفات، لأنه في النهاية، لا بد أن يكون المصدر واحداً.

 أخيراً، جرت العادة، في كل موضوع من هذا القبيل، أن يتدخل الخيال العلمي للإنسان. في هذه الفرضية فسّر بعضهم أنّ تلك الأصوات الغريبة ناتجة عن كائنات فضائية، أو برامج سرية بعيدة في أماكن سرية تحت الأرض. كما ذكر البعض أنّ ما جعلهم يصدقون هذه الفرضية، هو ما حدث في كل من الحرب الباردة وسباق التسلح المستمر في بعض الدول المتقدمة، وذلك بمحاولة تجربة بعض أنواع الأسلحة الجديدة وغير التقليدية.

 بالإضافة إلى أنّ أحد الأسباب التي دفعت البعض إلى الإيمان بتلك الفرضية، كانت ردة فعل كوكبنا (الأرض) على بعض التغيرات التي تتعلق في تغيير معايير البيئة والمناخ. لهذا السبب، يرجح البعض أنّ ردود الفعل تلك لكوكب الأرض، تأتي على شكل موجات كهرومغناطيسية، ولكن حتى اليوم ليس هناك أي دليل ملموس يثبت صحة أي من هذه الفرضيات، وتبقى كلها توقعات من نسج خيال العلماء.

الجدير بالذكر أنّ “همهمة تاوس” كانت من أوائل الظواهر الكونية الغريبة التي تخرج  إلى الجمهور على المستوى العالمي، وبالتالي حصدت اهتمام الكثير من الإعلاميين والعلماء بها، لدرجة أنّ بعض المشاهير ورواد الفن ورجال الأعمال والسياح العاديين أكدوا تنظيم زيارات لهذه المدينة لتغطية الحدث وكشفه. عقب ذلك، ذاع صيت هذه الظاهرة، مما أدى إلى تحويلها من مجرد خرافات يتناقلها الناس إلى ظاهرة عالمية تستدعي صرف الأموال وبذل الجهد لكشف الأسباب وراء حدوثها.

المراجع:

https://www.almadenahnews.com/article/443611-لماذا-تطلق-السماء-أصواتا-غريبة-هل-تئن-أم-تهمهم-

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM