رحلة البحث عن أسامة الهبالي ضمن مهرجان الفرانكو فيلم في دبي

شباك التذاكر- سنيما عقيل

“بعد فترة طويلة، وقت صير أم ويسألني ابني شو عملت فترة الربيع العربي، رح يكون جوابي واضح ‘رحلة البحث عن أسامة   الهبالي'”. هكذا أجابت مخرجة الفيلم الوثائقي “رحلة البحث عن أسامة الهبالي”، بثينة بوسلامة (٣٨ سنة) ، في مقابلة عبر منصة زوم، بسوآل عن فكرة الفيلم والغاية التي جعلتها توثّق رحلة من البحث عن صديق طفولتها التي دامت لمدة خمسة سنوات.

وتم عرض الفيلم الذي يعتبر أول عمل سينمائي طويل للمخرجة ضمن مهرجان الفرانكو فيلم، الذي انطلق في الخامس من مارس حتى الحادي عشر من الشهر الجاري.

وفي نسخته الحادية عشر، تتعاون سينما عقيل مع كلٍ من سفارات فرنسا وسويسرا وكندا لوكسمبورغ وبلجيكا في الإمارات العربية المتحدة، بهدف الاحتفال باللغة الفرنسية من خلال السينما. ويعكس المهرجان أهداف التنمية المستدامة لمفكرة ٢٠٣٠ للأمم المتحدة من خلال زيادة الوعي حول موضوعات أساسية لبناء عالم مستدام بدءًا من المساواة بين الجنسين والعمل المناخي والنمو الاقتصادي.

يعكس الفيلم الوثائقي “رحلة البحث عن أسامة الهبالي” فكرة القمع الذي يسود في سوريا من قبل نظام الأسد وغياب حرية التعبير. بحيث أن بطل الفيلم نفسه يعبر عن قصص الكثير من الأشخاص الذين اختفوا لمجرد توثيق الحقائق وعرض ما لا يصب في مصلحة السلطة والنظام.

فيجسد رحلة تأخذ الراوية من جنيف إلى الحدود السورية للبحث عن صديق طفولتها أسامة وهو ناشط إعلامي مفقود، الذي كان يوثق التظاهرات في سوريا وتم اعتقاله عام ٢٠١٢ ولم يُترك له أي أثر. تنطلق بثينة بوسلامة للبحث عن أسامة الذي ظهر اسمه في القائمة من بين ٧٠,٠٠٠ حالة اختفاء قسري حدثت منذ بداية النزاع عام ٢٠١١. خلال فترة البحث، ضاعفت لقاءاتها مع النساء والرجال الذين عرفوه. كما عرضت قصص لعدد من الأشخاص الذين فقدوا أحبائهم نتيجة الاعتقال القصري لتحصل على إجابات متعددة حول مصيرهم بعد البحث والتحقيق.

إن الأمل واليأس والعناد يغذي هذا الفيلم الذي هو بمثابة مذكرات بقدر ما هو تحقيق في نظام قمعي. الراوية سعت إلى ضمان العدالة لمصور مواطن “ابتُلع من التربة” لأنه شهد على حقيقة لم يرغب النظام أن يراها أحد.

تقول بثينة بوسلامة أثناء المقابلة: “هؤلاء الذين يُوثقون الحقيقة في ظل القمع وغياب حرية التعبير يذهبون إلى ما وراء الشمس، لا يمكن معرفة أي معلومة عنهم، حتى أننا لا ندري إذا كانوا أحياء أو أموات”.

وأضافت: “فكرة الفيلم أعمق من ذلك بكثير، فأردت تسليط الضوء على حقيقة الاعتقال القصري، تحديداً في الشرق الأوسط، من خلال محاولة الإجابة عن التساؤلات التي تتعلق بكيف وماذا ولماذا يحدث كل هذا”.

وأشارت بوسلامة إلى أن القضية بحد ذاتها هي قضية عالمية نشهدها في أي مكان توجد فيه النزاعات، فيتعرض الكثير إلى الاعتقال ومن ثم يختفون ببساطة.

وأكدت المخرجة التونسية: “على الرغم من أنني تونسية الأصل وترعرعت في بلدان عدة مع عائلتي، إلا أن ذلك لم يمنعني من توثيق قصص الاعتقال القصري في سوريا، فالقضية لا تتعلق بمكان معين إنما بمبدأ وفكر معين مرتبط بغياب حرية التعبير في بلادنا العريية”.

عرض – رحلة البحث عن أسامة الهبالي
ملصق الفيلم في سنيما عقيل

تركز أحداث الفيلم على ضرورة محاولة فهم واكتشاف أين هو ما وراء الشمس؟ أي بمعنى ما هو مصير الذين يتم اعتقالهم بشكل قصري. وضمن هذا الإطار، تعتبر بثينة بوسلامة أن عبارة “الله يرحمه مات شهيد” ليست كافية ولن تكون كافية أبداً.

كما تربط المخرجة صديق طفولتها الذي كان يأتي لها بالكرز، أسامة الهبالي، بالرشد والدم. تقول بوسلامة: “قضيت صيف ١٩٩٤ في سوريا لألتقي بأسامة الذي كان يأتني بالكرز الأحمر لشدة حبي له، هو نفسه صديق طفولتي الذي لم أسمع عنه شيئا لمدة ٢٠ عاماً حتى اليوم الذي سمعت خبر اعتقاله في الأخبار وتحول اللون الأحمر في الكرز إلى دماء”.

وأشارت إلى أن: “أسامة هو رمز الحرية والإصرار على التعبير بحرية كاملة في ظل أنضمة القمع هذه”.

كما أكدت أنها واجهت الكثير من التحديات أثناء تصوير الفيلم، ولمدة خمس سنوات من البحث والتحقيق وصلت إلى مكان مسدود، حتى أنها خسرت التمويل المادي للمشروع، فصورت نصف المشاهد بكاميرا الايفون. ومن هذا المنطلق، تقول بوسلامة: ” لقد شعرت بحرية التعبير عندما توقف الأطراف المعنيين عن دعمي، ببساطة عندما لا تدعمك أي جهة فهذا يعني أن لا أحد يدينك أي توضيح”.

وتابعت: “أخرجت الفيلم الذي أريده بالطرية التي أريدها، بكل بساطة”.

وأضافت: “عندما تسعى للقيام بأي عمل ولديك إيمان كبير بفكرة العمل، ستقوم بمواجهت أي العقبات التي يمكن أن تظهر أمامك لإتمامه، وإذا لم تفعل ذلك، فمن الصعب أن تنام الليل”.

أثناء المقابلة، أكدت بوسلامة أن الاعتقال القصري يتجسد بمصطلحات عدديدة مثل: “راح ورا الشمس- مشى عند خالته- سيارة بيضا أخدته… لكن جميعها تكمن في إطار واحد وهو اختفاء الشخص بطريقة لا يمكن تفسيرها”.

وضمن هذا الإطار، ترتبط فكرة الفيلم الوثائقي بواقع الإعلام العربي المسيس الذي لا يعطي مساحة شاسعة لحرية التعبير أو لنقل الوقائع والأحداث من دون فبركة أو إضافة بهارات كما يُقال.

الجدير ذكره أنه تم إصدار الفيلم عام ٢٠١٩ وحاز على جوائز عددية، كجائزة سيستيرس دور لأفضل فيلم سويسري٢٠٢٠، وجائزة فيشن دو ريل ٢٠١٩، كذلك جائزة سوليير ٢٠٢٠. كما تلقت المخرجة والفنانة التشكيلية بثينة بوسلامة جائزة سولوتورن لعام ٢٠٢٠ عن فيلمها “رحلة البحث عن أسامة الهبالي”.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM