هيثم صلح: من غرفة الطوارئ إلى ماراثون الجري

هيثم صلح في ماراثون رأس الخيمة عام 2021

هناك خيط رفيع يفصل بين النجاح والفشل، بين العزيمة والاستسلام، وقدرة الانسان على تخطي هذا الخيط واتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح هو ما يميزه عن غيره ويساعده في تحقيق أهدافه وطموحاته. وهذا ما تميّز به بروفيسور الرياضيات / الابتكار في الجامعة الأميركية في دبي، هيثم صلح.

قبل حوالي تسع سنوات، واجه صلح (46 عاماً) العديد من المشاكل التي أثرت على صحته النفسية والجسدية. بعض هذه المشاكل كانت بسبب تدهور صحة أمه في لبنان، وأخرى بسبب تعرض منزله في لبنان للسرقة.

وأضاف صلح: “زاد وزني بشكلٍ ملحوظ بعد تلك الفترة، ولم أستطع أنْ أتعامل مع ذلك الوضع بشكل صحيح، حتى وصل وزني إلى 124 كيلو غرام تقريباً”.

وقال إنّه، في إحدى الليالي، كان مستاءً جداً من أشياء بسيطة، فشرع بالصراخ على ابنه ذو الأربع سنوات “الذي بالكاد أخطأ”، وشعر صلح آنذاك بمدى العصبية التي اجتاحته. وكوسيلة لتفريغ غضبه، تناولَ وجبة عشاء ثقيلة، “شاورما حسب ما أذكر”، قرابة الساعة العاشرة ونصف الساعة مساءً.

وبعد أنْ خلد للنوم، شعر بثقل على صدره، ولكنه لم يجد صعوبة في التنفس. وصف صلح الشعور على أنه “مجرد عجز. إنه شعور غير مبرر”، ولم يستطع النوم في تلك الليلة. “ظللتُ أتقلب يميناً ويساراً، حتى بات الأمر مزعجاً للغاية وبدأ تنفسي يضايقني”، وشعر بضرورة الذهاب إلى المستشفى.

“ذهبتُ إلى مستشفى الإمارات في البرشاء الذي يبعد عن منزلي خمس دقائق ولم يعتبر الأطباء حالتي من ضمن حالات الطوارئ، حتى اكتشفوا أنّ ضغط الدم لديّ مرتفع جداً عن المستوى الطبيعي الذي يعادل 120 مليمتر انقباضي و 80 مليمتر انبساطي”.

وأمضى صلح تلك الليلة في المستشفى حيث كان الأطباء يزوّدون جسمه بأدوية تؤمن سيولة الدم وتمنع تخثره بعد أن اكتشفوا تراكم الدهون في أحد الشرايين الرئيسة المتصلة بقلبه.

واتخذ الأطباء قراراً بضرورة فتح الانسداد في ذلك الشريان، وسرعان ما باشروا عملهم بتوسيعه (قسطرة قلبية). وقال له طبيب القلب في المستشفى، علام القوتلي: “تبلغ من العمر 37 عاماً ولكن شرايين قلبك توحي بأنك في الخمسين من عمرك”. وأضاف القوتلي لصلح: “لقد كان بينك وبين انسداد الشريان بالكامل بضعة غرامات أو كيلوغرامات من الدهون”.

أخذ صلح قسطاً من الراحة لبضعة أيام بعد العملية وقرر أنْ يدخلَ في مجال الرياضة واللياقة البدنية، أي الحياة الصحية بشكلٍ عام. وعلّق صلح: “عندما أنظر إلى ما حدث لي، أعتبره نعمة من الله لأنّه كان سبباً في تغيير نمط حياتي إلى الأفضل”.

ومارس صلح رياضة كرة السلة إضافةً إلى رياضة الجري على المسار الرياضي المحيط بملعب كرة القدم في الجامعة. ويركض صلح الآن مع ثلاث مجموعات مختلفة في دبي بإجمالي 4 إلى 5 مرات في الأسبوع. وتعلّم صلح، مع مرور الوقت والتدريب، “تكتيك” الركض الصحيح.

وشارك صلح في العديد من السباقات لتحسين أدائه وسرعته في الركض وحاز على العديد من “الميداليات” والجوائز. وتتراوح مدة السباقات من قصيرة، 5 كيلومتر خلال نصف ساعة، إلى طويلة، 10 كيلومتر خلال ساعة.

الميداليات التي حاز عليها بروفيسور هيثم صلح في الركض. 5 مارس 2021

وقال صلح: “أول 10 كيلومتر شاركتُ فيها كانت في ماراثون ستاندرد تشارترد في دبي”، واستغرقته ساعة و26 دقيقة لإنهائه. بينما ركض مسافة 10 كيلومتر خلال 55 دقيقة في آخر سباق شارك فيه.

وأنهى صلح أربع أنصاف “ماراثون” كان آخرها في رأس الخيمة في 19 شباط (فبراير) من هذا العام. كما استطاع صلح أنْ ينهيَ ماراثوناً كاملاً، 42.2 كيلومتر، خلال 4 ساعات و56 دقيقة. وأضاف: “معرفة أنّ هناك من أنهى الماراثون الكامل خلال ثلاث ساعات يعطيني حافزاً أكبر لتحسين أدائي”.

“5:30 Run” هي إحدى المجموعات التي يركض معها صلح، ويديرها “الكابتن” فؤاد ناصر. وفي هذا السياق، أفصح ناصر عن العزيمة التي يملكها صلح، “وما يميزه عن غيره، هو أنّه يشجع الآخرين على إنهاء السباق وإنْ لم يكن هو في كامل طاقته”. وأضاف، “صلح لا يفوّت أي فرصة للركض”.

5:30 Run هيثم صلح وفؤاد ناصر في مجموعة   

تعتبر “Run 4 a purpose”، برعاية “نايك”، أيضاً من ضمن المجموعات التي يركض معها صلح. وعبّر مدرّب المجموعة “ديميهين أديبانجو” عن تحسّن أداء صلح من فترة انضمامه إلى المجموعة من قرابة السنتين إلى الآن. وقال إنّ صلح واجه أوجاعاً في ركبتيه بسبب وزنه الزائد في البداية، ولكن “لم يشكّل ذلك عائقاً بالنسبة له”.

Run 4 a Purpose هيثم صلح وديميهين أديبانجو في مجموعة 

وأكّد صلح أنّ الجري وحده لا يساهم في خسارة الوزن، ولذلك، “أعملُ على زيادة كتلة وحجم العضلات في جسدي”. وقال إنّ لديه مدرب شخصي يدعى وسيم صالح. وكان صالح أحد طلاب “البروفيسور” في الجامعة نفسها، حتى تخرّج بشهادة هندسية قبل بضعة سنين.

وفي هذا السياق، ذكر صالح أنّه لم يتوقع أنْ يدرّب أستاذه في يوم من الأيام. وأضاف: “لم أرَ أحداً يركض بهذا القدر من قبل. إنه يركض لدرجة أنّي متأكد من أنّه إذا عاد به الزمن، لأسّس من الركض مهنة له”. وختم حديثه: “أعتبر صلح قدوة بالنسبة لي، فهو المعنى الحقيقي للتفاني بالعمل”.

ودخل صلح في مجال التعليم من 22 سنة تقريباً، وحاز على جائزة “أفضل بروفيسور في الرياضيات” في عامي 2014 و 2019. وحصل على شهادة البكالوريوس في لبنان، والماستر والدكتوراه في أميركا.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM