هل أصبح لـ”أطباء بلا حدود” حدودًا في فترة كوفيد ١٩

ماريو ستيفان. 11 فبراير 2021. الصورة: سارة بوري
“نعم يُطلق علينا أطباء بلا حدود، لكن عندما لا نتمكن من عبور الحدود لأنها مغلقة، فإن ذلك يحد أيضًا من خياراتنا كثيرًا”. بهذه الكلمات يشرح المدير التنفيذي لمنظمة أطباء بلا حدود، ماريو ستيفان في محاضرته الافتراضية عن التحديات التي تواجه عملهم كمنظمة مع الجائحة التي أصابت العالم، ويكمل: “أريد أن أفكر فيما وصلنا إليه الآن، بعد عام من كوفيد ١٩، فقد ضربت الجائحة منظمتنا بالطريقة نفسها التي أصابتكم جميعًا”.
تأسست أطباء بلا حدود رسمياً في عام ١٩٧١، وكانت تضم المنظمة وقتها ٣٠٠ متطوع بين طبيب وممرض وطواقم أخرى بينهم أطباء وصحفيين. الآن تعمل المنظمة في أكثر من ٧٧ دولة حول العالم بعدد كبير من المكاتب. عدد منها في الشرق الأوسط، حيث تتركز جهودها في البلاد التي عانت وتعاني من مشكلات سياسية أو بيئية أو حروب وكوارث طبيعية، مثل سوريا واليمن والعراق ولبنان. وهو ما أضاف إلى تحدياتها تحديا جديدا مع كوفيد ١٩.
في هذا السياق يؤكد المدير التنفيذي للمنظمة: “أولوياتنا لم تتغير، لكن للأسف ثمة دول لا يزال الوباء خارج نطاق السيطرة” ففي بلد مثل لبنان ما تزال الحالات مرتفعةً للغاية، ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف حالة يوميا، والحالات في حالة تزايد مستمر، يكمل ستيفان: “معدل وفيات مرتفع ونظام صحي ينهار بشكل متزايد في ظل عدد المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى العلاج”.
قيود جديدة على حركة الأطباء
لقد أصابت فاعلية المنظمة ضعفًا بسبب القيود المفروضة من الحكومات (حظر دخول البلد، العزل الوقائي لـ١٤ يوماً، إلخ.) على الطواقم من بلدان معينة كإيطاليا وفرنسا واليابان “التي يأتي منها بعض موظفينا” كما يقول استيفان، إضافة إلى إغلاق الحدود وتعليق روابط جوية معينة.
ويكمل المدير التنفيذي للمنظمة “وبالرغم من هذه القيود فإن قوتنا تكمن في أننا نستطيع الاعتماد على الطواقم الموظفة محلياً في البلدان التي نتدخل فيها. وهم يشكلون ٩٠٪ من طواقمنا الميدانية”. أما في الدول التي تتمتع بأنظمة صحية أقوى لكن التفشي فيها منتشر بشكل واسع كإيطاليا، يكمن التحدي الرئيسي في تفادي تحميل قدرات الرعاية في المستشفيات فوق طاقتها.
لقد أضافت الجائحة، تحديًا جديدًا للمنظمة، يؤكد ستيفان: “أطباء بلا حدود تقدم المساعدة الطبية في ثلاث حالاتٍ: النزاعات والحروب، الكوارث الطبيعية، وفي ظروف الدول التي لا يحصل فيها الناس على الرعاية الطبية اللازمة” أولوية المنظمة في هذه الفترة الحرجة في التاريخ الإنساني، إذن هي أن تكون قادرةً على الحفاظ على أنشطتها الأساسية في ظل الجائحة، “لأن الحرب والكوارث الطبيعية لا تتوقف بسبب فيروس كورونا، في اليمن مثلًا نحاول توفير ما يقرب من ثمانية آلاف من الأكسجين يوميًا على الأرض. يصبح الأمر أكثر تعقيدًا بعض الشيء عندما تُغلق الحدود”.
نشر الحقائق لمحاربة الفزع
واحدة من أهم التحديات التي تواجهها المنظمة في وقت الجائحة هي “حالة الفوضى” الإعلامية والمعلوماتية التي انتشرت في كل مكان، يؤكد استيفان “واحد من أولوياتنا هي النشر عبر جهاتنا الإعلامية كل الحقائق التي تخص الكورونا” يرى استيفان أن هذه الحالة جعلت الكثير من الشائعات والأخبار الكاذبة تهيمن، مما يجعل السيطرة على الوضع متعذرة قليلًا، ويكمل “إننا نتعامل مع بلاد منكوبة، لسنا في حاجة إلى إضافة سبب جديد للفزع، ولذلك نحاول قدر المستطاع أن تكون المعلومات آتيةً من مكاتبنا الإعلامية أو على الأقل من الجهات الطبية المعتمدة الموثوقة”.
في هذا السياق، يوضح مدير المنظمة “كنا واحدة من الجهات الطبية المشغولة بالفعل بالتحكم في السردية التي تتحدث عن الجائحة، لأنه يصب في مصلحتنا ألا ينتشر الفزع في الأماكن الحيوية التي نعمل فيها” ويوضح استيفان أن أطباء بلا حدود واعية تماما بأهمية الميديا في مثل هذه الحالات ويؤكد “منظمتنا تأسست على يد أطقم طبية وصحفيين”.
جدير بالذكر أن منظمة أطباء بلا حدود بدأت نشاطها في الإمارات عام ١٩٩٢، عبر مكتب رئيسي في أبو ظبي وآخر في دبي، يقول استيفان: “عندما بدأ المكتب هنا، كان بعدما شعرنا أننا نفقد اتصالًا مهمًا مع هذه المنطقة من العالم، خاصةً وأن الإمارات يتوفر فيها عدد من العناصر المميزة الذي يساعد لعمل المؤسسة، أهمها علاقتها المميزة بالدول من حولها ووسائل الاتصال الحديثة” وهو ما دعا للانتقال لاحقًا إلى دبي التي يسميها استيفان: “مدينة الإنسانية العالمية” وهذا ما ساعدهم على العديد من المستويات “فكل ما ترونه في وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة صادرة من فريقي هنا في دبي” حيث يمكنه من نشر الحقائق المتعلقة بالمرض.