العنصرية في كرة القدم، ما الحل؟

Unsplash.com

وصلنا إلى القرن الواحد والعشرين، ولسوء الحظ، لا يزال الاعتداء العنصري منتشرًا في ملاعب كرة القدم، حيث يتم استهداف بعض اللاعبين بسلوك متعصب بشكل منتظم، بناءً على لون بشرتهم أو عرقهم. في العديد من البلدان الأوروبية، كانت هناك حالات عديدة من استهداف لاعبي كرة القدم المهاجرين غير البيض أو من خلفيات الأقليات باعتبارهم “آخرين”، ليتعرضوا لهتافات وملاحظات وانتهاكات عنصرية.

Unsplash.com

وتُعد إنجلترا أحد أبرز الساحات الكروية التي تُعاني من العنصرية في ملاعبها، حيث تُظهر الأرقام التي كشف عنها موقع منظمة “كيك إت آوت” البريطانية التي تعمل على معالجة التمييز في كرة القدم الاحترافية والشعبية، ثلاث سنوات من الزيادات في الحوادث العنصرية المُبلغ عنها عبر إنجلترا، مع ارتفاع حاد في الأرقام من موسم ٢٠١٨ إلى موسم ٢٠١٩، فبعد أن كان عدد الحوادث ٣١٩ حالة في موسم ٢٠١٨، بلغ عدد الحوادث ٤٢٢ خلال عام ٢٠١٩، أي نسبة ارتفاع ٣٢٪ (https://www.kickitout.org/Pages/FAQs/Category/reporting-statistics). وشهدت بداية عام ٢٠٢٠ العديد من الاعتداءات العنصرية اتجاه اللاعبين ذو البشرة السمراء، ففي شباط (فبراير)، هتفت جماهير نادي توتنهام هوتسبير الإنجليزي بهتافاتٍ عنصرية وقلدت أصوات القردة مُستهدفةً لاعب نادي تشيلسي أنتونيو روديجر الألماني من أصول سيراليونيا ليُغرد عبر حسابه على التوتير: ” “إنه لأمر محزن حقا أن نرى العنصرية مرة أخرى في مباراة لكرة القدم، ولكن أعتقد أنه من المهم جدا أن نتحدث عنها علناً، إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيتم نسيانه مرة أخرى في غضون يومين (كما هو الحال دائمًا) … متى ستتوقف هذه الحماقات؟”

وتعرض بدوره لاعب أرسنال الجابوني بيير إمريك أوباميانج للعنصرية في مباراة فريقه أمام توتنهام هوتسبير، وذلك من خلال قذفه بقشرة موز بعد تسجيله الهدف الأول. وفي تصريح خاص، يقول المحلل الرياضي مُعتصم زقوت بأن “الوضع في إنجلترا مقلق بشكل خاص لأن الدوري الإنجليزي الممتاز أحد أغنى المسابقات الرياضية وأكثرها مشاهدة، وقد بنى سمعة على المستوى الوطني والدولي لموقف أقوى ضد التمييز من نظرائه الأوروبيين”.

وتنتشر ظاهرة العنصرية اتجاه اللاعبين في أبرز الملاعب الأوربية كإسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وفي مُقابلة خاصة عبر الواتساب مع لاعب نادي برشلونة وباريس سانت جيرمان وروما السابق الفرنسي لودوفيك جولي، يقول: “خلال وقتي مع برشلونة، وفي مباراةٍ ضد فريق ريال سرقسطة، تعرض زميلي الكمروني في الفريق صامويل إيتو لهتافاتٍ عنصرية من قبل جمهور الخصم، ولولا أننا لم نحاول أن تهدئته، كان سيترك الملعب خلال المباراة، شعرنا بخيبة أمل كبيرة كفريق عندما شاهدنا ما يتعرض له أحد زملائنا بسبب لون بشرته” وأضاف: “كان الصمت يعُم غرفة الملابس بعد انتهاء المباراة، فرغم أننا انتصرنا في تلك المباراة، إلا أننا كنا في حالة صدمة”.

وعلى الرُغم من وجود العنصرية في الملاعب الفرنسية، إلا أنها ليست بنفس الحدة التي نجدها في إيطاليا على سبيل المثال، ويؤكد على ذلك عالم الاجتماع الفرنسي نيكولاس هوروكاد لوكالة الأنباء الفرنسية: “العنصرية موجودة في الملاعب في فرنسا، لكن ليس بنفس المستوى كدول أوروبا الشرقية أو إيطاليا”. وربما لا تكون العنصرية في الملاعب الفرنسية بحدة العنصرية في الملاعب الأخرى، إلا أنه في نيسان (أبريل) من ٢٠١٩، اضطر حكم مباراة فريقي ديجون وأميون إلى إيقاف المباراة بعد تعرض قائد فريق أميون برينس جوانو لهتفات عنصرية ورفضه لاستكمال المباراة.

وتعتبر العنصرية في إيطاليا الأكثر شراسةً، حيث أنه تصل في بعض الأحيان لبطولات كرة القدم للأطفال دون ١٢ سنة، ويقول الصحفي الألماني في جريدة بيلد الرياضية كريستيان فالك بأن ” إيطاليا لم تعتبر نفسها قط بلدًا متعدد الأعراق، وبينما تعاملت دول أخرى مع العنصرية بجدية في كرة القدم، إيطاليا لم تفعل ذلك.”

ولا تقتصر العنصرية في إيطاليا على المشجعين فقط، بل أنها تصل للإعلام في بعض الأحيان، حيث نشرت صحيفة “كورير ديلو سبورت” الرياضية في كانون الأول (ديسمبر) من عام ٢٠١٩ صورة لكل من روميلو لوكاكو وكريس سمولينج، اللاعبين من أصول أفريقية، تحت عنوان “الجمعة السوداء”.

 ليُغرد روميلو لوكاكو عبر حسابه في التوتير: “العديد من اللاعبين يعانون من التمييز العنصري، كرة القدم لعبة ليستمتع بها الجميع، يجب ألا نقبل أي نوع من التمييز في اللعبة. أتمنى من الاتحادات الكورية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في حالات التمييز”.

وعن كيفية يمكن الحد من هذه الظاهرة، يقول لاعب نادي برشلونة السابق لوديفيك غولي: ” يجب أن نبدأ بالتغيير في العقلية، للانتقال من الرضا والغضب إلى إدراك بأن هناك عدوى عنصرية عبر كرة القدم الأوروبية، سببها عوامل مثل صعود الحركات السياسية اليمينية المتطرفة وفشل في التصرف من قبل اتحادات كرة القدم”. ويضيف: “لا يكفي معاقبة الجمهور العنصري، بل يجب مُعقابة الفريق أيضاً، لأننا إذا لم نتخذ إجراءات صارمة كهذه، سنخسر معركتنا مع العنصرية”.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM