هوس نتف الشعر: اضطراب شائع في سحب الشعر

رسم توضيحي لداء المشعرات بواسطة رغد مراد.

شعرت نور مثنّى بحكّة على بقعةٍ من رأسها، فطلبت من الخادمة أن تتحقق من الأمر. ولم تكن إلّا خصلة شعر خشنة وملفوفة، ثمّ أخرجتها الخادمة بعدما طُلب منها ذلك. أحسّت نور بالارتعاش، وعلى مدار ثلاثة أسابيع، ظهرت عليها جميع علامات حالة هوس نتف الشعر أو .(Trichotillomania)

هذا الاضطراب أو الهوس يعرّف على أنّه “حالة نفسية تجبر صاحبها على السحب أو النتف المتكرّر لشعره، مما يؤدي إلى تساقط الشعر وضعف ملحوظ” ، وفق بحث نُشر على الموقع الرسمي للمركز الوطني للتكنولوجيا الحيوية.

وصفت العشرينية مثنّى، التي باتت تعاني من هذا الاضطراب منذ سبع سنوات، خلال اتصال فيديو، أنّ “عندما يسوء الأمر، أشدّ شعري وأنتفه لثلاث، أربع، خمس، أو ست ساعات متواصلة، حتّى أشعر بألمٍ شديدٍ في معصمي وأصابعي”. وأضافت أنّ “الأمر يرهقني جسدياً وذهنياً، حتّى في بعض الأحيان أشعر بالتوتر لعدم مقدرتي على الكف عن سحب شعري، فأسحب شعري أكثر.

في عمرٍ مقارب، بدأت تظهر ذات العلامات على نوال ظريفة. بعدما مرّت في ظروفٍ صعبةٍ خلال الحرب في لبنان، تخطّت مصاعبها وعاشت حياةً سعيدة في مدرستها، وبين رفاقها. وفي عمر الثالثة عشر، عندما شاورها والديها للانتقال إلى منطقة أخرى، شعرت بالتوتّر.

شرحت ظريفة عبر رسالة نصّية أنّها كانت تنتف شعرها بالسرّ، “إلّا أنّ لاحظت والدتي بقعة فارغة في رأسي، ظنّت أنّها مشكلة جلدية وأخذتني إلى طبيب جلدي”.

بعدما لفت الطبيب إلى أنّ المشكلة لم تنبع من جلدها، أصرّت عائلتها على تنبيهها من الاستمرار في نتف شعرها. وأضافت أنّ “الأمر ازداد سوءً، فاضطرّت للتظاهر بأنّني مشغولة بالواجبات الكثيرة حتّى أبقى في غرفتي طوال اليوم”. وبعد سبعة وعشرون عاماً من ذلك، تجرّأت ظريفة للحديث عن مشكلتها مع والدتها.

يرتبط هوس نتف الشعر إلى حالات ملحّة أخرى، ويمكنه أن يكون سبب إحدى هذه الحالات، أو نتيجة ناجمة عنها.

قال العشريني لوك، الذي رفض كشف اسم عائلته، إنّه يعاني من “أزمة الوسواس القهري، وأحدهم متعلق بنتف شعر رأسي ووجهي”. وأضاف أنّه يحسّ شعره ووجهه طوال الوقت، “وكلّما وجدت حبّة أو خصلة شعر خشنة أو طويلة، أشعر بالرغبة لإزالتها من مكانها”.

Picture courtesy of Luke.
Picture courtesy of Luke.

 

Picture courtesy of Luke.

كشفت العشرينية كاثرين هالفورد، عبر رسالة نصّية، أنّ في بعض الأحيان، تسحب خصلاً من شعرها دون سبب، أو كلّما شعرت بالتوتر. وأضافت أنّها ترسم كثيراً، “فعندما أواجه رسمة صعبة التلوين، أشعر بالرغبة لشدّ شعري”.

هالفورد، التي تعاني أيضاً من مرض التوحّد، بدأت معاناتها مع شدّ الشعر عندما كانت تبلغ الثامنة من عمرها. وقالت إنّها تتذكّر الشعور بالانبهار عندما تجد بصلة شعر معلّقة بجذر الشعرة المسحوبة.

كشف البحث أيضاً أنّ “حالة نتف الشعر تعتبر حالة شائعة، وقد تأتي بقوّة معتدلة أو شديدة”. وبالرغم من أنّ الدليل التشخيصي والإحصائي لجمعية الطب النفسي الأمريكية في عام 1987، قام بالاعتراف بهذا الاضطراب، الكثير من الناس، حتّى الذين يعانون من هذا الهوس، لا يعرفون شيئاً عنه.

قالت بيترس، التي رفضت التصريح عن اسم عائلتها، خلال رسالة نصّية، إنّها لم تدرك وجود هوس كهذه، إلّا عندما قامت بالبحث عنه.

بدأت حالتها في عام ٢٠١٨، عندما كانت تمرّ في مرحلةٍ صعبةٍ تتعلّق باختيار اختصاص في الجامعة. وشرحت أنّ ليس هناك وعيٌ كاف عن الأزمة “وبالتالي الأمر مستخف به، ولا يتلقى المعاملة الجدّية”.

نظراً لوجود أشخاصٍ لا تدري بالاضطراب، ومدى خطورته، هناك الكثير من مواجهي هذا الهوس الذي يشعرون بالخجل أو العار تجاه هذه الحالة. وبناءً على تصريح مثنّى، فيشعرون “غير طبيعيين لأنّنا نقوم بشدّ ونتف شعر رأسنا”. يبدأ هؤلاء الأشخاص بإخفاء البقع الفارغة من رؤوسهم، ولا يلجؤون لمساعدة أحد.

كشفت بيترس أنّها تستغلّ فترة حظر التجوّل حاليّاً لترتدي قبعة، كي لا تمسّ شعرها مجدّداً. وأضافت أنّها تستخدم إحدى كرات التوتر الاسفنجية، لتمنع نفسها من الوصول لشعرها.

أمّا بالنسبة لمثنّى، “في بعض الأحيان شعرت بالارتياح الشديد لأنّني أرتدي الحجاب، فلا أعرف كيفية التعامل مع الأمر”. وأضافت أنّها اضرّت لحلق شعرها كلّياً، ثم تركه قصيراً كي تمنع نفسها من الشد.

نظرًا لعدم تواجد “علاجات صيدلانية يمكن قبولها عالميًا كعلاجات خط أول لعلاج داء شدّ الشعر”، وفقًا للبحوث، غالبًا ما يتم علاج الأشخاص باستخدام العلاج السلوكي الذي يعتمد على “العلاج العكسي للعادة (HRT)” ويتضمّن أحيانًا مكوّنات علاج القبول والالتزام والعلاج السلوكي اللّغوي أيضًا”.

ترجمة هيا محفوظ

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM