كورونا عادل…لا يعرف لوناً أو منصباً

لا يبدو أن فيروس كورونا يميز بين البشرية أو الشخص أو الدولة التي يريد أن يستهدفها، بناءً على قوة اقتصادها أو بنيتها التحيتة أو ما إلى ذلك. الفيروس جائحة “عالمية” وحالة طوارئ ووباء، حسبما وصفته منظمة الصحة العالمية. الفيروس، أيضاً، دعا البشرية إلى التكاتف لمهاجمة عدو واحد. ولأول مرة في العالم الدول لا تحارب بين بعضها، وإنما تحارب ضد عدو بيولوجي خطير.

وقد وصل عدد حالات المصابين بفيروس كورونا (كوفيد-19) عالمياً إلى مليون ونصف مليون حالة تقريباً، حسب البيانات الدورية التي سجلتها جامعة جونز هوبكنز بتاريخ (09-04-2020). وقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة المصابين، إذ بلغ عددهم 432 ألف تقريباً. والجدير بالذكر أن فيروس كورونا ينتشر بسرعة أكبر في الجزء الثاني من العالم، فقد سجلت الدول الأوروبية، مثل إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، أعلى نسبة للمصابين.

ومن جانب آخر، الدول الأفريقية ودول الشرق الأوسط التي تتصدر قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، وفقاً لبيانات نشرها صندوق النقد الدولي عام 2019، لم يصل عدد حالات المصابين إلى ما وصلت إليه الدول المتحضرة، ما دفع البعض إلى وصف الفيروس بأنه “عقوبة إلهية”. وفي حال كان حقاً عقوبة إلهية، فهو قد فُرض على كل دول العالم، وليس على الدول الغنية فقط، حتى إن كان عدد المصابين في دول الأفريقية والعربية أقل، إلا أنه حاضر.

ويستمر الفيروس بالانتشار حول العالم، فارضاً توقف الحياة على الجميع، فتحولت المدن المكتظة بالناس إلى مدن للأشباح. وقد طال الفيروس عدداً كبيراً من الشخصيات المرموقة، فالمناصب أو الشهرة لا تنفع للوقاية منه. فمن كان يعلم بأن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون البالغ من العمر 55 عاماً، سيدخل إلى العناية المركزة إثر إصابته بفيروس كورونا؟!

وقد أصيب رئيس البرتغال مارسيلو ريبيلو دي سوسا (80 عاماً) بالفيروس، وكان أول رئيس يتخذ قرار حجر نفسه لمدة أسبوعين. وقد تلقّى الفيروس بعد زيارته لمجموعة من الأطفال في القصر الرئاسي، واتضح لاحقاً بأن تلميذاً في تلك المدرسة تم نقله إلى المستشفى بعد مرضه المفاجئ. كما طال الفيروس وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر (46 عاماً) بعدما زار البرلمان.

وفي إيران كذلك طال الفيروس مسؤولين وشخصيات مهمة، حيث أصيب مسؤول الرقابة والتدقيق الحسابي في مكتب المرشد الأعلى، محمد جواد إيرواني (35 عاماً). وتُوفي مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، محمد مير محمدي (71 عاماً)، بعد إصابته بفيروس كورونا. وتوفي نائب قائد مقر القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في الشؤون اللوجيستية، محمود بلارك، جراء إصابته أيضاً.

وإلى جانب السياسيين، وقع الممثل الأمريكي توم هانكس (63 عاماً) وزوجته ضحية الفيروس، بعد معاناتهما من أعراض طفيفة. وبعد أيام قليلة من إصابتهما، أعلن الممثل البريطاني إدريس إلبا (47 عاماً) إصابته بفيروس كورونا، رغم عدم ظهور أية أعراض.

وفي ظروفٍ كهذه وقعت البشرية بأكملها ضحية الحجر الصحي، وتوقفت أشغال غالبية القطاعات، وتغيرت نظرة العالم للكون، فالناس بدأت تقدر الحياة التي سلبت منهم برفة عين. وبدأت تشتاق لرؤيةِ وجوهٍ كرهت رؤيتها، وللعودة إلى روتينها اليومي الذي كان “مملاً” في عيونها. وفي مثل هذا الوقت النادر توحدت آمال الشعوب بالكادر الطبي، وتركزت أفكارهم حول أمرٍ واحدٍ فقط “كورونا” الذي أصبح محور اهتمام الجميع، بلا استثناء. ويبقى العالم منتظراً لحظة اكتشاف العلاج الفعال، لأن الحل لا يقع بين أيدي رؤساء الدول. ولحين تلك اللحظة، الأمر متروك للسماء وللعلماء.

تقرير: لولوة الفوال

تحرير: ليندا أبوبكر

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM