القهوة الشعبية: مقهى شعبي يُعيدك إلى الزمن الجميل

على ضفاف بحيرة خالد في الشارقة، تقف شامخة بين محال الماركات ومطاعم الوجبات السريعة وناطحات السحاب، تفرض نفسها في ظل الغلاء والتقليد والتعقيد. القهوة الشعبية، مقهى شعبي يجمع بين المطعم والمجلس الشعبي، استطاعت هذه التحفة المعمارية التراثية أن تنافس التطور العمراني المجاور لها، فحافظت على مكانتها التاريخية رغم التقدم، ولفتت الأنظار إليها باعتبارها مكاناً مختلفاً ومميزاً، حيث يأتي هذا التباين والتناقض ليجمع بين ما هو ماض أصيل وحاضر متطور، تحكي القهوة قصص ألف ليلة وليلة، وتفوح من جدرانها رائحة عبق الماضي، مع ديكور يجسد التراث الشعبي الإماراتي الأصيل، يجعل كل من مر بجانبها إلى الوقوف لشراء ما يحلو له من مأكولات شعبية ومشروبات ساخنة.
تأسست القهوة عام 1937، متربعة على بحيرة خالد والتي ارتدت حلتها الجديدة المنزوعة من ملامح الماضي من “الجص” و”أحجار البحر” والأبواب المرصعة و”الشبابيك” الملونة، على الكراسي الطويلة كان يجلس صاحب المقهى، عبدالعزيز محمد، عاد بنا إلى 70 عاماً من الذكريات ليحكي لنا قصة المقهى والتي بدأت أحداثها في الثلاثينيات من القرن الماضي، “افتتح عمي ساباز قهوته التي أطلق عليها اسمه قبل 70 عاماً في سوق “العرصة” في قلب الشارقة حيث يتجمع الناس للبيع والشراء من داخل المدينة وخارجها وتجار الجملة من البدو الذين كانوا يأتون بمنتجات مزارعهم في مواسم الرطب. وكان لابد للجميع أن يزور القهوة سواء لشرب الشاي والقهوة، وكنا نقدم أنا وأخي عبدالله الطعام للفقراء الذين كنا نعرفهم ونعرف أحوالهم الإقتصادية، كنا نقدم لهم الطعام بنصف “روبية” وإلى جانب هذه الوجبة كنا نقدم الدنقو (الحمص) والباجنة (الفول). وأضاف، “من حسن الحظ أني عايشت لحظات البداية مع عمي وأبي وجدي، وقال إن هدف إنشاء المقهى لم يكن من أجل الربح والتجارة، بل بهدف المحافظة على التراث الإماراتي”.
وحسب رواية زائر المقهى، يعقوب الحمادي، “إن أكثر ما يميز هذا المكان، هو الطراز الشعبي المعتمد لسعف ومواد الجريد والشندل والحصى، كما زينت المداخل بأبواب قديمة، ولم يعد المكان حكراً على كبار السن، بل بات يرتاده الكثير من الشبان الإماراتيين والأسر الإماراتية، حيث يتواجد ركن خاص للعائلات، حتى أن البعض منهم يفضل الجلوس في المقهى لساعات طويلة من الليل من أجل التسامر وتناول الوجبات الشعبية التي تحمل نكهة إماراتية”.
وأما بالنسبة للزائر اليومي، أحمد خليل، “أقوم بالمجيئ إلى هنا بشكل يومي، للاجتماع ولعب الشدة مع أصدقائي، وأكثر شيء يعجبني في هذه القهوة، أنها تتمتع بموقع مطل على البحيرة، للاستمتاع بهذا المنظر عند غروب الشمس”.
وعلى الرغم من شعبية وبساطة هذه القهوة، إلا أن هذا لا يلغي الأسعار الرمزية للمأكولات والمشروبات الشعبية المقدمة التي تبدأ من درهمين إلى 40 درهم.
وعن طبيعة زبائن المقهى، قال رئيس الصالة، محمد علي، “يجذب اليوم المقهى العديد من الناس، منهم المواطنين والوافدين وحتى السياح الأجانب، الذين أعددنا لهم “منيو خاص” باللغة الإنجليزية، فالأجانب يطلبون أطباقاً خاصة، وهم يقبلون بشكل خاص على طبق “سمك البرياني”، أما المواطنون فيقبلون على الأطباق البحرية الشعبية مثل “المكبوس” (أرز مطبوخ مع مرقة اللحم) والسمك المقلي مع الأرز الأبيض، وبرياني الدجاج واللحم”.
وعن الإقبال على المقهى مقارنة بالماضي، يؤكد علي، “تزال تشهد القهوة إقبالاً كبيراً كما
كانت في الماضي، وأكثر زبائننا من المواطنين، وبخاصة كبار السن، كما يأتينا المواطنون الشباب، وخاصة في أيام عرض مباريات كرة القدم، وذلك للاستمتاع بمشاهدتها خلال تناولهم للأطباق والمشروبات الشعبية”.
ولاتزال تعتبر القهوة الشعبية ضمن سلسلة المعالم التراثية في إمارة الشارقة، التي لا تضيع جهداً للمحافظة على هذا الموروث الثقافي التاريخي.
أوقات عمل القهوة:
الأحد: 12 مساءً إلى 12 صباحاً.
الأثنين إلى السبت: 12 مساءً إلى الواحدة صباحاً.
الموقع: