هل تعليم الطفل الـ”لا” بهذه السهولة؟

باشر المسؤول الاجتماعي في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة طارق عيد، كلامه بالدعوة “تعليم الطفل كيف يرفض الاعتداء هو جزء من حماية الطفل” في محاضرة توعوية عُقدت الاثنين، تحت عنوان “كيف تعلم طفلك أن يقول لا لمن يؤذيه،” ضمن الفعاليات التي يُنظمها معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثامنة والثلاثين.
وأشاد عيد بأهمية تعليم الطفل أن يقول “لا” عندما “لا يريد” أن يفعل شيء ما” وعندما يشعر أن هناك “شخصاً ما يريد له الأذى” وعندما يطلب منه شخص ما شيء يُشعره “بالخوف أو الحرج أو عدم الراحة أو التردد.” ثم عَرَف الحضور ب “٦ إستراتيجيات يقول الطفل بها “لا” من ضمنها:
١) أن يتهرب بقول “أنا مشغول”
٢) أن يبتعد عن الشخص ولا يكون معه في نفس المكان
٣) أن يمتنع بأن لا يبقى وحيداً حتى لا يكون عرضة للخطر
٤) أن يهرب بأن يركض من مكان الخطر أو مكان تواجد المعتدي
لكن يبدو أن هذه الإستراتيجيات “سطحية وافتراضية لا تلامس الوضع والتأثير الذي يعايشه الطفل المعتدى أو سيُعتدى عليه من جانب أعمق وأقرب للواقع” حسب تعليق أحد الحضور من واقع تجربة شخصية، مضيفة “مثلاً بنية الطفل الجسدية لا تسمح له بالهرب من اعتداء جسدي أو جنسي.” من هذا الجانب، تكمن المشكلة الأساسية في الاعتداء على الطفل: أنه من الأمور المسكوت عنها في مجتمعاتنا.
الاعتداء وباء صامت
ويبدو أن هذا السكوت ليس بغرض التقليل من أهمية الاعتداء أو “الستر عليه”، بل يُرجح عيد الأمر إلى أن الطفل المعتدى عليه في الأغلب “يلتزم الصمت ولا يصرح بما حدث.” يحدث ذلك لعدة عوامل، مثلاً “الخوف أو عدم الوعي التام بما يحدث.”
ويلقي عيد الضوء على أن “الإيذاء، الإساءة أو الاعتداء” الذي يتعرض له الطفل ينقسم إلى عدة أشكال بينها، “الجسدي، الجنسي، العاطفي، الإهمال.” وبذلك ينوه أن المضاعفات النفسية والجسدية التي تطرأ على الطفل المُعتدى عليه “من واجب الآباء والأمهات ملاحظتها.” بعض المؤشرات تكون “تأتأة في كلام الطفل” أو “ملامح توحي بالخوف” أو “طريقة ألفاظه مع الأطفال الآخرين” أو “تكرار لبس الملابس التي تغطي جميع أنحاء الجسم” قد تكون دليل تغطية اعتداء جسدي.
وكون هذه المؤشرات قد تعطي نبذة لكن لا تكشف واقع الاعتداء، يَحُث عيد أولياء الأمور على مصادقة أطفالهم وتعويدهم على “سرد أحداث يومهم دون مقاطعة،” فذلك جدير بأن يبني علاقة ثقة ومصارحة وقدرة على اللجوء “لك أو لكي” عند الحاجة. وهذه العلاقة التي تبنى على “الثقة العمياء” يجب أن تكون حصرية بين “الأب والأم و الأطفال.”
ثقة في غير محلها
لذلك، نصح عيد أولياء الأمور، “عدم إبداء أي نوع من الثقة لأي شخص، مهما كانت قرابته وترك الطفل معه بشكل منفرد،” لأن ذلك يجعله عُرضة “للوقوع ضحية لأي اعتداءات جسدية.” فهذا الحرص يمنع وجود أي بيئة مناسبة لوقوع حالات اعتداء على الأطفال.
موضحاً أن بحكم طبيعة عمله، تعامل مع حالات، “اتُهم فيها أقارب وأشخاص لهم علاقة مباشرة بالأطفال، كالعاملات المنزلية أو السائقين.”
وأضاف أن القانون الإماراتي “يحمي الطفل ويحاسب من يعرض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر حتى ان كان ولي أمره.” وينوه عيد أنُه واجب الأهل تأمين بيئة مناسبة للطفل “تكون آمنة وسليمة فيحظر تركه في حالة إهمال، أو اعتياد تركه من دون رقابة أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده وتوجيهه،” وكذلك تأمين حقوق الطفل من ضمنها “أوراق ثبوتية ورعاية صحة وإلحاقه بمؤسسة تعليمية.”
فيبقى الحمل الأكبر عل عاتق أولياء الأمور للعب دور إيجابي في تثقيف أنفسهم أولاً بشكل “عميق و واقعي” بشأن الاعتداء على الأطفال، ثم نقل هذه الثقافة لأطفالهم كي يستطيعوا تجنب الأسوء بقول “لا.”
وتأتي هذه الجلسة في إطار فعاليات معرض الشارقة التي انطلقت يوم الأربعاء الماضي الذي يقام هذا العام تحت شعار “افتح كتاباً.. تفتح أذهاناً”، وتستمر حتى يوم 9 تشرين ثاني (نوفمبر) الجاري، ويستضيف الحدث نخبة من رموز الإبداع الثقافي والفني العربية والعالمية تزامناً مع احتفالات الشارقة بنيلها لقب العاصمة العالمية للكتاب 2019، وهو اللقب الثقافي الذي منحته لها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» تقديراً لجهودها لنشر وتعزيز القراءة.