كاتبة فرنسية تتحدث في معرض الشارقة عن فن إدارة الآلام

“أنا ممتنة لوجودي هنا، ومندهشة في الوقت ذاته، وذلك بسبب أنه في فرنسا حيث أقطن، 99% من الأشخاص الذين يقرأون كتابي، كينتسوجي، لا يفهمون مضمونه، ولكن في الأيام الثلاثة التي أمضيتها هنا حتى الآن، الكثيرون استطاعوا فهم فكرة الكتاب الذي كتبته.” هكذا افتتحت سيلين سانتريني، مؤلفة كتاب “كينتسوجي ، فن المرونة”، الجلسة النقاشية مساء الجمعة، والتي تمت بحضور سانتريني ، بالإضافة إلى سفيرة السلام العالمي والنوايا الحسنة، تهاني التري، في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
وفي البدء، وعند سؤال التري لسانتريني عن رأيها في أهمية العناية في النفس، تكلمت عن أهمية الصمود أمام تحديات الحياة، حيث قالت أنه “يجب على كل إنسان أن يدرك ما هي نقطته الساخنة في حياته، أي نقاط الضعف، وعليه أن يقوم بتحويل نقاط ضعفه إلى نقاط قوة تترك بصمة خلفه.” وتابعت كلامها بشرح نظرية بيرما للعلاقات الإيجابية، والتي تدور فكرتها حول التفكير الإيجابي في علاقاتك وسلوكياتك مع الآخرين، وأهمية تقبل الذات وكيفية تعاملك مع من حولك.
ومن ثم، تم تسليط الضوء في الجلسة النقاشية حول الكاتبة سانتريني ، والتي حضرت المؤتمر مرتدية فستاناً بنفس التصميم الذي على غلاف كتابها. “أعتقد أنّ الناس تجد صعوبات في فهم الفكرة اليابانية في كتابي، لأنه يحتوي على الكثير من الاستعارات والتماثلات”. وتابعت “يتحدث كتابي عن مهمة الحياة والمرونة، والتي تذكرني بمفهوم ياباني يسمى إيكيغاي، فيما يتعلق بالعثور على المهمة الذاتية، لذلك كينتسوجي هي الإيكيغاي الخاصة بي، ولهذا شعرت بأن مهمتي هي التحدث عن كينتسوجي.
وأوضحت سانتريني معنى كلمة كينتسوجي، والتي تعني المفصل الذهبي. وواصلت حديثها بشرح فكرة الخطوط المرسومة على كينتسوجي، والتي تكشف عن ندوب القطعة المكسورة بدلاً من إخفائها، موضحةً أنّ “كينتسوجي هي استعارة مثالية للصمود.” وتابعت سانتريني “عندما رأيت كينتسوجي لأول مرة، شعرت وكأنه حب من النظرة الأولى، كما لو أنه كان يرمز إلى حياتي.”
وتحدثت الكاتبة عن الخطوات الست في إنشاء كينتسوجي، وعرضت مجموعة من صور مراحل إنشاء الكينتسوجي، والرابط المشترك لنا بها شخصياً. المرحلة الأولى هي الكسر، وهذه المرحلة هي “استعارة لمواقف في حياتنا حين ننكسر ونتخبط.” المرحلة الثانية هي التجمع، ومن ثم الانتظار، والإصلاح، والكشف، وأخيراً اللمعان. وأكملت سانتريني حديثها بربط علاقة بين عملية إنشاء الكينتسوجي، وعملية الشفاء بعد التحطم والإنكسار، إذ قامت بتذكيرنا بأنه الكينتسوجي يحتاج وقتاً لأن يصبح صلباً وجافاً بعد صنعه، وكذلك على الإنسان بأن ينتظر وقت شفائه ليصبح صلباً وقوياً.
وانتقلت سانتريني في حديثها عن مشاكلها الشخصية والتحديات التي واجهتها في حياتها، حيث قالت “من المثير للسخرية أنه في وقت ما كنت أعمل كمنظمة لحفلات الزفاف، ولكني حصلت على الطلاق مرتين، وفي كلا المرتين كان لدي طفلتان صغيرتان”، مضيفةً أنه “في نفس الوقت قامت والدتي بالانتحار، هنا شعرت بالإنهيار والانكسار”. ووضحت أنه بعد أسابيع قليلة من كل هذه المصاعب التي واجهتها، رأت صورة كينتسوجي على مواقع التواصل الإجتماعي، وكانت هذه اللحظة التي كانت تنتظرها. “غُصت حينها في تفكير عميق، ظننت بأنّ الكينتسوجي يرمز لي، ولذلك قررت الكتابة عن أهمية هذا الشيء، وكيف على الإنسان بأن يقع ليستطيع أن يقف مجدداً”.
وحين سئلت عن الدافع الذي شجعها أن تقف من جديد بعد كل المشاكل التي تعرضت لها، ردَت سانتريني بأنّ هناك عوامل كثيرة ساعدتها في النهوض، ومن ضمن هذه العوامل أصدقاؤها المقربون. ” في بعض الأحيان، يحاول الكثيرون مساعدتك ولكنك لا تدرك ذلك، لأنك لست في الوضعية الصحيحة لتدرك أنك لست على ما يرام. في الوقت الذي حدث فيه كل هذا، كانت ابنتي تبلغ عامين، إما كنت سأسقط أو أنهض، واخترت النهوض لأنه لم يكن لدي خيار آخر، وقامت بمساعدتي صديقتي المقربة، ومعرفتي بها تمتد على أكثر من 30عاماً.”
وانتهت الجلسة النقاشية بسؤال طرحته صحيفة كلية محمد بن راشد للإعلام عن رأيها في السماح للنفس بأن تشعر بالألم لتستطيع مواجهة هذا الوجع، فأجابت سانتريني بأنّ ذلك يأخذ وقته في الصمود، وعلينا أن نسمح لأنفسنا بأن نتعايش مع الألم، لا أن نغض النظر عنه، وشدّدت بأنه “علينا أن نمنح أنفسنا الوقت الكافي لاستيعاب ما يجري حولنا من مصائب لنستطيع أن نتعايش معها.”
وتعد الكاتبة الفرنسية سلين سانتيني مؤلّفة ومتحدّثة في مجال الاعتماد الذاتي، تُرجِمَ أحدث كتبها الذي أصدرته بعنوان “كينتسوجي: فايندينغ سترينث إن امبرفكشن” إلى 10 لغات.
يذكر بأن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب في دورته الثامنة والثلاثين افتتحت الأربعاء برعاية حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى الشيخ سلطان القاسمي.
مقالة رائعة وضحت الغاية من الكتاب بشكل سلسل وممتع