حب عميق لا يفرقه الزمان

جلست البارحة مع أمي لمساعدتها في ترتيب ألبومات الصور وعشرات الملفات التي كادت أن تنفجر من كثرة الصور المتناثرة. وجدنا صورة لجدي وجدتي برفقة أناسٍ لم نتعرف عليهم على أحد شواطىء بيروت. هبت بداخلي الحيرة  وانتظرت بنفاد صبر حتى استطعت أن أتصل بجدي عبر السكايب، بما أنه في كندا حالياً، وكما تعلمون التوقيت ليس متقارباً على الإطلاق.

بعدما رد جدي، رفعت الصورة إلى الكاميرا. نظر إليّ باستغراب. وبلكنته الفلسطينية قال: “إيش هاد”؟

جفت الحماسة عن وجهي، وبدأت بالشك  في شخصيات الصورة.

انتظرت كي تخفّ الغشاوة، حتى بينت  الصورة بوضوح، فراح جدي يلهث بصوته العميق:

” ولك من وين نكشتيها”؟ ابتسمت فأحسّ بلهفتي لسماع قصته التي بدأها كعادة أي قصة يرويها لحفيدته بـ”كان يا مكان بزمن بعيد عن الحكي الفاضي والتكنولوجيا تاعكم هاليوم كان أحلى يوم فحياتي…”.

كان جدي لا يزال يواعد جدتي برفقة بعض الأصدقاء من الجامعة، لم يتذكر أسماءهم، ولا أتوقع منه التذكر، مع أنه اعترف باسم واحد وهو أحمد رمضان، حيث وصفه بـ”الخائن” الذي حاول ترغيب جدتي فيه بدلاً من جدي.

بالطبع كانا يتواعدان في مجموعاتٍ، بناءً على تعاليم وتحذيرات خالة جدتي خوفاً من العار والفضيحة.

فلنعد إلى القصة … قضى الأصدقاء يومهم على البحر، أكلوا المجدرة، لعبوا كرة الطائرة، وعرض جدي يومها الزواج على جدتي.

كان هذا اليوم بداية قصة حب لا نهاية لها… قصة حب بين فتىً فلسطيني ويتيمة لبنانية أورثا السعادة وحب الحياة لأولادهما وأحفادهما. 

بعد المكالمة سألت نفسي عن موقع البراءة والبساطة التي تواجدت في الستينات والسبعينات، وتبخرت مع انفجار الظروف الاجتماعية والشخصية التي محت فرصة إظهار أية إحساس أو رغبة حقيقية خوفاً من الطعنة.

نرغب بأزواجنا وفقاً لطبعة جواز سفرهم…

نتفرق من أحبائنا لمجرد كونهم من ديانةٍ أخرى…

ونزيد أسطراً على لائحة الممنوعات، وبالتالي نجبر أولادنا على التسليم بهذه المعايير.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM