تحديث سنابشات: نظرة تحليلية أبعد من الانتقادات المتداولة

أثار تطبيق سنابشات ضجة كبيرة في آخر تحديثٍ له، إذ هبطت أرقام المستخدمين فيه وقيمة أسهمه في البورصة العالمية. فالتطبيق “كاد أن يموت”، بحسب موقع ذي اندبندنت، وذلك لعدّة أسباب متعلّقة بالتحديث الجديد الذي أُعلن عنه على موقعه الرسمي في ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٧ وأُطلق في شباط (فبراير) ٢٠١٨. ما هي هذه الأسباب؟ وكيف تمّ معالجتها؟ ومن هو المستفيد من كل هذه الفوضى؟
ما قصة الضجة؟
بالنسبة إلى طلّاب الجامعة الأمريكية في دبي، لقي تحديث سنابشات الكثير من النقد. وكانت مشكلتهم الأساسية معه أنّه مُعقّد. فأغلب الطلّاب يجدون صعوبة في الوصول إلى قصص أصدقائهم التي اختلطت مع أحاديثهم الخاصّة.
في حوار مع خبير سنابشات والمرشّح لجائزة “شورتي” كالناشر الأول على هذا التطبيق جورجيو كوبتر، قال الأخير أنّ “انفعال الناس بهذا الشكل هو مجرد trend أو موضة”. برأيه، لا يوجد أي سبب لكي يكره الناس هذا التحديث، فالميزات التي يتمتعون بها في سنابشات، لا زالت هي نفسها. “لم تقم الشركة إلا بتغيير المظهر”، يشرح كوبتر.
وذكر كوبتر مثالاً، حين قام تطبيق انستغرام بتغيير طريقة عرض المحتوى على الصفحة الرئيسية من الترتيب الزمني إلى الترتيب الذي يعتمد على معادلة معيّنة (algorithm) تمامًا مثل الفيسبوك. حينها، استاء المستخدمون من انستغرام، وأثاروا ضجّة عارمة. ولكنهم سرعان ما اعتادوا على الفكرة واستمرّوا باستخدام التطبيق. لذا يعتقد كوبتر أن الناس ستتقبّل سنابشات بشكله الجديد، “فالتحديث لم يكن بلا سبب. بالتأكيد توجد دراسات كبيرة أدّت للقيام بهذه الخطوة”.
عند الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي يجب مراعاة ٥ جهات:
١. المستخدم اليومي والمعتاد.
٢. منتجو المحتوى أو الناشرون (publishers): شركات الإعلام كالصحف والمجلّات ومحطّات التلفاز.
٣. المؤثّرون (influencers/creators).
٥. شركات الإعلان.
٤. شركة الموقع الاجتماعي أو التطبيق: في هذه الحالة شركة سنابشات.
مشاكل سنابشات الأساسية قبل التحديث:
منذ إصدار شركة فيسبوك ميزة الStories في الانستغرام في آب (أغسطس) ٢٠١٦، شهدت شركة سنابشات انخفاضاً كبيراً في كمّية الاستخدام اليومي لخاصّيتها هذه، كما تراجع نموّ عدد المستخدمين بنسبة ٨٢٪ حسب ما ذكر موقع ميديا كيكس “Media Kix“.
أمّا من ناحية المؤثّرين، فقد ذكر موقع ميديا بولزآي “Media Bullseye” أنّ استخدام الانستغرام كان أكثرعمليّة بالنسبة لهم من سنابشات. فمستخدمو التطبيق الأخير لطالما اشتكوا من أداة البحث فيه، وصعوبة الوصول إلى حسابات المشاهير والمؤثّرين. كذلك، لم تتوفّر الأدوات التحليلية (insights) في سنابشات، والتي تلعب دوراً كبيراً في بناء استراتيجية فعّالة لتوسيع قاعدة المتابعين لدى المؤثّرين. نقاط الضعف هذه كلّها تلعب دوراً في الإعلانات على هذا التطبيق، والتي هي مصدر الأرباح الرئيسي له.
الهدف من التّحديث:
أعلن مؤسس التطبيق والمدير التنفيذي للشركة إيفان سبيغل، على موقع سنابشات الرسمي، بأن التحديث الأخير هو بهدف الفصل بين العلاقات الاجتماعية للمستخدمين (social) ومنتجي المحتوى والمؤثّرين (media). في هذا التحديث، يجد المستخدم أصدقاءه وقصصهم كلّها في جهة واحدة (اليسار)، ومنتجي المحتوى والمؤثّرين والقصص العالمية والعامّة في الجهة الأخرى (اليمين) باسم صفحة الـDiscover. وبحسب الاهتمامات الشخصيّة للمستخدم أعطى هذا التحديث دعماً واضحاً للمؤثّرين. فإذا كان محتواهم يلقى تفاعلاً كبيراً ومشاهدة عالية، يظهر عند المستخدمين على صفحة الDiscover كقصّة شعبيّة (Popular Story).
وتعبيراً عن رأيه بالتحديث، قال جورجيو كوبتر، والذي يُعتبر مؤثّراً على السنابشات (١٠٠ ألف مشاهد): “تطبيق سنابشات بلغ مرحلة حيث جميع التطبيقات الأخرى تريد أن تقوم بتقليده. إن كان ذلك من ناحية الStory أو حتى الميزات الأخرى. لذلك حان وقت التغيير”. وأضاف: “هي خطوة جيدة إلى الأمام. شركة سنابشات الآن تقوم بمساعدة المؤثّرين بشكل كبير. كانت متجاهلة الأمر من قبل، لكنّها الآن تقدّم لنا الأدوات التحليلية التي تلزمنا.”
المنافسة ما بين المؤثّرين ومنتجي المحتوى:
أما من ناحية الناشرين (Publishers)، صرّحت لنا المحررة الإلكترونية والمسؤولة التنفيذية على السنابشات في مجلة سيدتي آية مُحسن: “لقد انصدمنا بالتحديث، فنحن لم نعلم بالأمر. توقّعنا هبوطاً في أرقام المتابعة ولكن يبدو أننا بخير. جمهورنا يعرف مجلّتنا ولا يزال يبحث عنها”، وشرحت: “بالطبع لم نكن سعيدين بالتحديث. رأينا ظهوراً ملحوظاً للمؤثرين على صفحة الDiscover وليس للناشرين فقط. كان يوجد خليطٌ من الاثنين والناس كانت تائهة”.
وأخيراً ذكرت مُحسن: “لا يمكننا تقييم الوضع بعد. أعتقد أن هذه المرحلة لا زالت تجريبية، ولكن عندما يأتي الأمر إلى سنابشات، لكل ناشر فريق عمل تحريري كامل. ومن المستحيل من ناحية الاختصاص والاحترافية والمصداقية أن تتعادل المجلّات مع المؤثّرين الذين يقومون بالنشر من بيتهم”.
من السّهل جداً الانفعال مع التغيير المفاجىء، وهذا هو حال المستخدمين مع تطبيق سنابشات، خاصّةً أنّ الأمر أثار ضجّة حول العالم. ولكن عند الانتباه لتصريحات الشركة وخلفيّتها، يمكن للمستخدم أن يرى الأمور من منظورٍ أبعد. و يساعد التفكير النقدي عند تحليل الجهات الخمس المذكورة على رؤية الصورة الكبيرة بشكلٍ أوضح. وفي نهاية الأمر، ما علينا إلّا أن ننتظر ونرى آثار هذا التحديث على مختلف الأصعدة مع الوقت.
الصورة: من تصوير تالا الحنّاوي