استوديو إل سيد ٧٥ : حيث يقطن فن الخط العربي الحديث

22 فبراير 2017
على طرف الشارع في مركز آل سيركال للفن في دبي، تفوح من الأستوديو الخامس والسبعين رائحة الطلاء الذي لم يجف بعد. تلتفت يميناً ويساراً فتقع عينيك على لوحات متنوعة تغلب ألوان الخطوط العربية الملونة فيها بياض اللوحات الناصعة.
يضم استوديو الفنان التونسي الفرنسي إل سيد ١٠ لوحات فنية معلقة، حيث تحمل كل واحدة منها جملاً مختلفة في المضمون والتشكيل الفني. يستخدم إل سيد فن الخط ” الكاليغرافي“ وفن الرسم على الحيطان ”الغرافيتي“، ليجمع بذلك الفنين ويخلق في رحم اللوحات فناً مندمجاً يدعى”الكاليغرافيتي“.
يضم الاستوديو أيضاً صوراً فوتوغرافية لأعمال قام برسمها على حيطان مبانٍ في دول مختلفة منها، تونس ومصر والبرازيل وفرنسا.
تجذب صورة الغرافيتي على حيطان مباني منطقة ”منشية نصر“ في القاهرة انتباه الزائرين لكونها من أكثر أعمال إل سيد تعقيداً، حيث قام بالتخطيط لمدة سنة لنسخ مقولة القديس القبطي المصري أثاناسيو ”إن أراد أحد أن يبصر نور الشمس فعليه أن يمسح عينيه“على خمسين عمارة في المدينة وتنفيد الخطة في ثلاثة أسابيع فقط.
وفي سؤال للسيد عن أكثر عمل مفضل له قال” مشروع منشية نصر كانت من أكثر الأعمال التي رسخت في ذهني لكونها أثرت علي صدمتها بطريقة إيجابية، ولم تستطع صورتها مفارقة عقلي أبداً .“
يختار الكاليغرافيتي المواقع ”الغير اعتيادية“ على حد قوله، أو التي تمثل ”تحدياً فنياً“ له، وقد يقع الاختيار على الموقع الذي يربط بالرسالة الموجهة.
لا يستخدم الفنان الاستوديو لعرض اللوحات المكتملة فحسب، بل يضم أيضاً لوحات مازالت في مرحلة التحضير ليعمل عليها في الاستوديو ذاته، وبين لوحاته المكتملة التي تعرض للبيع بأسعار تتراوح من ٣٠٠ إلى ٨٠٠ دولار أمريكي.
تركز معظم لوحات الاستوديو على جملٍ مختلفة يتم نسخها بشكل أحرف متقطعة فوق بعضها البعض، أشار إل سيد ل”mbrsc post“ أن فكرة كتابة الجملة باستخدام أحرف متقطعة يعطي اللوحة ”حرية أكبر“، كما أنها وسيلة اعتمدها واعتاد عليها منذ زمن بعيد.
أضاف إل سيد إلى أن القراءة والكتب هي إحدى المقومات التي تلعب دوراً كبيراً في إلهامه وترسيخ أفكار جديدة للوحات مختلفة، ويظهر هذا بطريقة واضحة في لوحة ”بلاد الخير“ ((71.5×103 cm حيث كتب باستخدام اللونين الأزرق والأسود الأبيات الأربعة الأولى من أغنية ”بلاد الخير“ للمغني الجزائري داحمام الهاراشي. كما ضم الاستوديو أيضاً مجسماً زهرياً مصغراً عن المجسمات الضخمة التي عرضها الكاليغرافيتي في غالاري إشهار في الإمارات، والتي تحمل مقتبسات من قصائد الشاعر نزار قباني.
يشتهر إل سيد بنموذج التخطيط الحر الذي لا يعتمد على تقنية واحدة، بل يستخدم عدة تقنيات مختلفة ليشكل لوحة ”حرة “بحسب قوله.
بدأ الفنان الفرنسي التونسي رحلته الفنية في عالم الخط العربي للبحث عن هوية انتمائه الحقيقي، والتي تتأرجح بين الهوية الفرنسية، التي ولد وترعرع ليكتسبها، والهوية العربية التي تسكن روحه وتاريخ عائلته، فقد أحس أن عليه الاختيار بين الهويتين، ولذلك تشبث بالعربية التي أصبحت في ما بعد وسيلة تعبيره عن ذاته.
لا يختار إل سيد رسالة واحدة في فنه بل تختلف الرسائل مع اختلاف الموقع الجغرافي للوحة الفنية، ولكنه ومهما اختلفت الرسائل يأكد على وجود هدف واحد قائلاً ”هدفي أن أجعل من فني حلقة وصل بين الحضارات المختلفة.“
صرح إل سيد ل”mbrsc post“ أن كتابه الجديد الذي لم يصدر بعد يكسر قاعدة الشخصية السرية التي يتمتع بها، لتحمل صفحاته المغامرات الفنية والإنسانية التي صادفها الكاليغرافيتي أثناء عمله في مصر.
عبر زوار الأستوديو عن انطباعاتهم حول اللوحات الفنية المعلقة وفن الكاليغرافيتي للسيد بشكل عام، حيث وصف أحد زوار الأستوديو أحمد المحمد إل سيد ب”الأسطورة“ قائلاً ” إن إل سيد فنان بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأنه إنسان حر لا يتبع قوانين الخط الصارمة.“ مضيفاً ”إل سيد يرى الخط كفن لا كسلسلة من القوانين الجامدة.“
أكدت طالبة الجامعة الأمريكية في دبي، ياسمين أرماغان عن انبهارها بأعمال السيد المعروضة قائلة” التقنية والألوان والدقة لم تسمح لي بالتوقف عن التفكير، لقد عشقت تلك اللوحات حقاً.“
كان لطالبة كلية محمد بن راشد للإعلام غزل صلاح رأي آخر في الأستوديو ”لقد أعجبتني اللوحات حقاً، ولكنها لم تملك أي شرح معروض في أسفل الإطار كما هو الوضع في الأستديوهات الأخرى ولذلك، لم أستطع دراسة الخلفية أو المعنى للوحة بطريقة سلسة.“
خلفية عن إل سيد :
إل سيد هو إسم مستعار للفنان التونسي الذي إختار اللقب متأثراً بمسرحية السيد وشخصية القائد إل سيد.
ولد الفنان الفرنسي التونسي عام ١٩٨١ لأبوين تونسيين وبدأ باكتشاف الخط العربي للمرة الأولى عام ٢٠٠٤.
اشتترك إل سيد بعدة معارض في ٩ دول مختلفة، أحدثها معرض بعنوان ”إعلان“ في الإمارات العربية المتحدة ، دبي عام ٢٠١٤.