طل شهر فبراير وبدأنا نتلقى الرسائل على كل منصات التواصل الإجتماعي عن عيد الحب أو ما يعرف بال “فلنتينز”. فيحلو للكثير من الناس تحريمه وإنكاره والتحذير من شرّه، فينشرون أخبار لا تمت للحقيقة بصلة، مفبركة من عقليات متخلّفة. فالبعض يزعم أن القسيس فالنتين هو راهب زنى ببنت إمبراطور رماني وهو عيب وحرام وإثم عظيم أن نشتبه به والبعض الأخر يعتبرها تشبه بمن يسمونهم “أعداء الله”، واخرون يعتبرون عيد الحب عيد روماني وثني. وللأسف في الكثير من الحالات نرى تدخّل فتاوي من ديانات مختلفة وبالأخصّ الاسلاميّة تحرّم هذا العيد مثل فتوى المفتي العام من المستفتي عبد الله آل ربيعة، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعوديّة: “عيد الفطر وعيد الأضحى وماعداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله”. امّا رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعوديّة، عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، قال: وشه عيد الحب؟ عيد النصارى ما يجوز للمسلمين يشاركوهم، ولا يشجعوهم عليه، ولا يشهدون الزور، هذه أعياد الكفار لا يشجعونهم، حب لمن هذا الحب ؟ حباً لإبليس؟ الحب مع المرأة؟ هذا فاحشة.

هذا التخلّف ينمّ عن جهل وفراغ عاطفي يدفع بعضهم الى التقليل من شأن الحبّ. قلّما يعبّر ربّ البيت عن حبّه بكلمة “أحبك” لأولاده، أو يفاجئ زوجته بقصيدة غزل أو باقة ورود حتى جفّت العواطف وأصبحت الرومانسيّة والحب ضروب “ولدنة” وأصبحت الورود الحمراء أسلحة وقصائد الحب أوكار فساد.

فنحن نعيش في مجتمع يخاف من كلمات ” حب” ويغلفها بمئات المحاذير ويعتبرها عار على المجتمع ويفسرها البعض بتفسيرات متطرفة مجحفة تتناسب مع عقلياتهم وقناعاتهم وكأنّها عار أو جحر فساد في المجتمع. فنحمّلها فوق ما تحتمل من تلوث فهمنا لهذا الإحساس اللطيف المزروع في فطرتنا.

وأما الإدعاء بأن الاحتفال بهذا العيد عادة غربية، فلا شيء يمنعنا من تبنّي عادة غربية كانت أم شرقيّة طالما أنّها تحمل قيمًا خيّرة، فيمكننا أن نجعل من هذا العيد احتفالاً ذو قيمة أسمى وأبرأ من خبث فكرنا ومعتقداتنا. فالحب لغة عالمية موحدة لا تفرّق لوناً أوعرقاً أو ديناً أو عمراً. فعيد الحب هو أبسط مما نتخيّل، ولكن بنو المعمورة ينشغلون بسبّ وتكفير ولعن كل من استورد احتفالاً بعيداً عن خبث معتقداتهم التي أصبحت تملأها الكراهية والتعصّب.

في النهاية، الحبّ ليس بعار وليس من المحرّم المساس به. فهو شعور قامت عليه أمم وأوصت به أديان الله السمحة وهو جزء لا يتجزّء من التراث العربي والاسلامي المليء بأجمل قصائد الحبّ والغزل. فالحب بريء منهم.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM