سورية بين المعارضة و التأييد

منطقتنا العربية ابتداء من تونس مروراً بمصر عبوراًبليبيا و الكثير من الدول العربية, لا بدّ أن يكون قد وقف متسائلاً: متى سوف تندلع ثورة التحرير في سورية؟!

جاءت الإجابة واضحة قبل نحو الأسبوعين, فها هي الثورات اندلعت في سوريا. بدأت من أكثر منطقة شعبية في دمشق, و هي سوق الحميدية, و من ثم امتدّت إلى المنطقة الجنوبية مروراً بالمنطقة الوسطى , حتى باتت واضحة في كثير من المدن السورية.

بدأت الثورة بطابع سلمي تعبيراً عن حقوق الشعب بمطالبه التي تدل على بساطة الشعب السوري, الذي لا يفكّر سوى بتأمين لقمة العيش. فكانت أهم الطلبات هي رفع نسبة الرواتب خمسٍ و عشرين بالمئة, بالإضافة إلى رفع تعويض المواد المعيشية الرئيسية فجاء الرد قاسياً من السلطات السورية التي قابلت الثورة بالقمع و تسبّبت بمقتل بعض المتظاهرين حسب التقارير التي وردت من قنوات الجزيرة والعربية و ال بي بي سي. في حين نفت وسائل الإعلام السورية كل تلك التقارير, و نعتت الثوار بالمخربين و المندسّين من قبل جهات أجنبية.

و بعدما علا صوت الشعب السوري بمطالبه, ظهرت الدكتورة بثينة شعبان (المستشارة السياسية و الإعلامية في رئاسة الجمهورية) في تقرير صحفي معلنةً بعض التغييرات التي تعبّر عن استجابة السلطات السورية لمطالب الشعب.

و لكن كل تلك الوعود لم تكفِ بعض فئات الشعب السوري,التي عاودت المطالبة بالقضاء على الفساد. بينما اندلعت مسيرات أخرى في معظم المحافظات السورية تأييدأ لحكم الرئيس بشار الأسد. و تلك المظاهرات تجسّد فعليّاً سذاجة بعض فئات الشعب السوري, الذي يطمح لمستوىً معيشيّاً أفضل فقط لا غير.

و لكن الحقيقة في سورية كانت غامضة كل الغموض, فتارة نشاهد ثورات المعارضة على شاشات الفضائيات العربية, و تارة أخرى نشاهد مسيرات تأييد الحكم على التلفزيون السوري حصريّاً. و معظم القنوات كالجزيرة و العربية اشتكتمن السلطات السورية, التي تمنعها من ممارسة عملها الصحفي على أكمل وجه. فالوضع في سورية مختلف كل الاختلاف عن باقي دول المنطقة العربية. فسوريا تشكّل نقطة ارتكاز للقومية العربيّة,

و إذا ما حدث تغيير في نظام الحكم السوري فإنّه سوف يؤدّي إلى انقلابات جذرية في الدول المجاورة. و كل هذا ينبع من موقف سوريا المعادي لإسرائيل و الموالي لإيران و حزب الله. و إذا ماحدث التغيير في نظام الحكم السوري, فسوف تغدو سورية ساحةً لصراع تلك القوى, و الخاسرالأكبر من كل هذا سوف يكون الشعب السوري الذي سوف يكون قد جنا على نفسه.

إذا كان الشعب السوري يطالب بالتغيير فهذ ا حقه, و لكن الموقف القومي الحسّاس لسورية يتطلّب من الشعب أن يفكّر بطريقة أكثر دبلوماسيةً تؤدي به إلى إحداث التغيير المطلوب..و نتيجة لكل تلك الضغوط, تمت استقالة الحكومة السورية كاملة بموافقة من قبل الرئيس بشار الأسد في خطوة لتهدئة الشعب و تحقيق مطالبه.

ظهر الرئيس بشار الأسد يوم الأربعاء الماضي في خطاب أمام مجلس الشعب. الخطاب تناول العديد من المواضيع التي كانت تحوم حولها الشكوك في الأيام الماضية. فقد عبّر سيادته: أنّ سورية قد بدأت بالإصلاحات, و أهمها رفع قانون الطوارئ. لكن هذا التغيير لا يحدث بين عشيّة و ضحاها. و أضاف الرئيس الأسد: إنّ الأزمات التي تمرّ بها سورية هي حالةإيجابية للبلد إنْ سُيطر عليها و تم استغلالها بالشكل الصحيح لأجل تقدّم البلد.

و اختتم الأسد خطابه بالرد على أعضاء مجلس الشعب و كل فئات الشعب السوري قائلاً: ” الله,سورية, شعبي و بس.”

و يبدو لنا من خطاب الرئيس الأسد أن الوضع في سورية سيغدو أكثر استقراراً وأماناً. و نحن ما نزال نترقّب الأيام المقبلة لعلّها تحمل في طيّاتها المزيد من الخير للشعب السوري.

و ليس لنا كعرب إلّا أن نتمنى بالوصول إلى كل ما يؤول إلى حرية الشعب السوري و تحقيق مطالبه, و ألّا يتزعزع استقرار و أمن سورية كي لا تستطو عليها اليد الأجنبية.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM