هل الموسيقى خيار أم انعكاس؟

تلعب الموسيقى في حياة الفرد اليومية دوراً هاماً، من تعالي ترانيم فيروزية في الصباح إلى موسيقى الجاز أو الروك أو الماتيل خلال النهار، إلى أغاني كوكب الشرق في المساء. هذا خط ليس بضروري لجميع المستمعين والمستلذين بالموسيقى بل هو فقط مثال لما اعتدنا سماعه.
إلا أن سماعنا واختيارنا نوع موسيقي معين يعكس، نقلاً عن صحيفة “The Independent”، خيارات المرء الموسيقية والتي، وكما أعرب العالم النفسي في جامعة كامبريدج، David Greenberg، مبنية على أوجه ثلاثة للتفكير. الوجه الأول هو المتعاطفون”sympathizers”، أي من يهتمون بمشاعر وأفكار الناس عامة، والوجه الثاني هو الممنهجين أو المنظمين “systemizers” وهم محبو النظام والقواعد والأسس، أما الوجه الثالث فهو المتوازن”balanced”. وأضاف دايفيد أن أبحاث شملت أربعة آلاف مشترك وجدت أن المتعاطفون يميلون إلى اللون الحزين والعاطفي في الموسيقى أما الممنهجين فيفضلون غالباً الموسيقى الحادة والصاخبة كالروك والبانك والماتيل، أما المتوازنون فقد تمتد اختياراتهم للموسيقى لأكثر من مجموعة.
وفي سؤالنا لعدد من الطلاب في الجامعة الأمريكية في دبي، أعرب سايمون، مغني في فرقة جامنايشن، “أن الموسيقى تمثل له انعكاس لحالات داخلية يريد التعبير عنها ويتمثل هذا في الاستماع للموسيقى ليس فقط في عزفها” أما جايمس، عازف في فرقة جامنايشن، فقال “الموسيقى تعكس الاثنين، الشخصية والحالة، فحتى في حالات معينة نختار موسيقى تتفق مع شخصنا لنقل المشاعر أو الحالة التي يمر فيها الفرد”. أما الطالبة غزل فقالت أنها تستطيع السماع للموسيقى الصاخبة فقط مع الأصحاب إلا أنها شخصياً تفضل الموسيقى الهادئة وهي ما يعكس جزءاً كبيراً من شخصيتها”.
ولكن عدا عن الانعكاس الشخصي الذي تمثله الموسيقى توجد حالات ذهنية ونفسية وعاطفية تتحكم معظم الأحيان باختياراتنا الموسيقية. وماذا إن كانت اختياراتنا دائماً مبنية على هذه الحالات الذاتية التي أردنا التخلص منها أو تمثيلها بلون معين من الموسيقى؟ رداً على هذا السؤال أجابت الأستاذة الجامعية والباحثة في علم الاجتماع،د. دينيز غوكالب ” من نظرة اجتماعية، الخيارات الموسيقية للفرد مكتسبة من المحيط الذي يعيش فيه، من المكان إلى اللغة إلى الحالة الاجتماعية وصولاً إلى العمر وحتى الجنس” وأضافت “لكن لا بد أن يكون نوع الموسيقى المختار جزء من الخيال الاجتماعي للفرد الذي تشكل بفعل العوامل السابقة ليستطيع التفاعل مع الموسيقى، والحالة النفسية ما هي إلا الدافع لاختيار نوع من الموسيقى المتعارف عليها في المنظومة الفكرية للفرد”.
وبهذا تبقى الموسيقى لغز لا نستطيع تعريفة بنوتات وحروف وتقلبات مزاجية، لتبقى سراً لسامعيها سواءً كانت انعكاساً لحالة معينة أو انعكاس لشخصية المستمع أم الإثنين معاً.