معرض الشارقة للكتاب: “هكذا نبدأ” في نشر العلم وإثراء المعرفة

في رحلة جديدة من الإبداع والاحتفاء بالمعرفة، يعود معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والأربعين لعام2024 تحت شعار هكذا نبدأ، ليصنع عالماً متكاملاً يجمع فيه الكلمة والصوت والصورة من كل أرجاء المعمورة.

على مدى 12 يوماً، يلتقي في الشارقة أكثر من 2520 ناشراً من 112 دولة. وفي تكريم للتراث العربي العريق،يحتفي المعرض هذا العام بالمملكة المغربية كضيف شرف، ليعرّف الزوار على إرثها الثقافي الغني وإسهاماتكتّابها ومفكريها، ويمكّنهم من اكتشاف جوانب جديدة من تاريخ المغرب المتنوع وإبداعاته الأدبية. يمثل المعرضنقطة تلاقٍ بين الثقافات، حيث يعكس شغف الشارقة بدعم الحوار الحضاري، ويجسد رسالتها السامية نحو نشرالعلم والمعرفة، وتحفيز الأجيال القادمة على بدء رحلتهم الثقافية، هنا، في الشارقة، عاصمة الثقافة العالمية، حيثهكذا نبدأ“.

ويعكس هذا الإقبال الكبير من الناشرين والمثقفين الشغفالذي ولّده المعرض على مر السنين، حيث أكد مدير داركنعان للدراسات والنشر في سوريا، سعيد البرغوثي،على هذا الدور الفريد للمعرض، وقال لمعدّ هذا التقريرنحن نشارك في معرض الشارقة الدولي للكتاب منذبداياته عندما كان يُقام تحت الخيمة، وبذلك أصبحنامدمنين على المشاركة في هذا الحدث. فالمعرض ليسمجرد مكان لبيع وشراء الكتب، بل هو فضاء يتيح اللقاءاتالمباشرة مع المؤلفين والمترجمين، ما يوفر لنا فرصاًومعلومات قيّمة لم نكن نتوقعها.                                                                    الناشر سعيد البرغوثي                                                    

في لفتة تقدير لإبداعها الأدبي، كرّم المعرض الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي بمنحها لقب شخصيةالعام الثقافية، وذلك تقديراً لإبداعها وتأثيرها الأدبي. كما يقدّم المعرض هذا العام تجربة شاملة تضم أكثر من1357 فعالية تفاعلية تتجاوز عرض الكتب ودور النشر، حيث يتضمن فعاليات متنوعة تشمل توقيع الكتب من قبلمؤلفين بارزين، ومحاضرات وجلسات حوارية تثري النقاش الثقافي. كما يحتضن محطات للطهي وأركاناً مخصصة للطعام، مما يضفي على الحدث جواً تفاعلياً يجمع بين المعرفة والترفيه ويلبي شغف الجمهور المتنوع.

في إطار الفعاليات، أقيمت جلسة نقاشية بعنوان الحياة في الكتب،حملت حواراً ملهماً حول تأثير القراءة في حياة عدد من المؤلفين وأثرالكتب على مسيراتهم الأدبية. شارك في الجلسة الكاتب والصحفيالسوداني حمور زيادة، والكاتب والمترجم المغربي محمد آيت حنا، وكاتبةأدب الأطفال الأردنية لينا أبو سمحة، وأدارتها الإعلامية علياءالمنصوري.

تحدث حمور زيادة عن نشأته الأدبية التي تأثرت بكتب الجيب المصريةوسلسلة المغامرون الخمسة، وكيف كان شغفه الكبير بالقراءة فيصغره يسبب بعض المتاعب، حيث قال بابتسامةأصبحت قراءتيالزائدة مزعجة لوالدي لأنني أصبحت أقرأ أكثر من اللازم، فسحب منيكتبي خلال الأيام الدراسية وأعادها لي في يوم الإجازة فقط.

أما الكاتب المغربي محمد آيت حنا، فقد تناول تجربته الثقافية الفريدةفي بيئة متعددة اللغات والثقافات، معتبراً القراءة وسيلة للتوازن بين التنوعات الثقافية المحيطة به، ومشيراً إلىشغفه بإعادة قراءة الكتب بعمق.

من جانبها، شاركت لينا أبو سمحة شغفها بأدب الأطفال ودورها كأم لطفلة من أصحاب الهمم، موضحة أن حبهاللكتب بدأ منذ صغرها، حيث كانت ترافق والدتها إلى معارض الكتب وتصنع كتباً خاصة بها، واستذكرت موقفاًطريفاً من طفولتها، عندما وقع اختيارها على كتاب أطفال ملون لطيف، وأردفت بس أمي شافت السعر، رجعتهوقالت لي لا، تعالي، ثم أخذتها إلى ركن كتب الطبخ بدلاً من ذلك، مما دفعها للبكاء في المعرض.

كما شهد المعرض تقديمالكاتب والشاعر مدحت العدلديوانه إنسان عادي، حيثيلتقط ببساطة وتجرد تفاصيلالحياة اليومية وما يمر بهالإنسان من مشاعر وتجارب. خلال الجلسة، قرأ العدلمقاطع من الديوان، منها ونانايم هزمت كل أعدائي، حققتفي الأحلام أعظم انتصاراتي،عملت فلوس كتير وحسيتبالفخر من ذاتي وبذاتي، ميناللي معذبني مين اللي ساحبكبريائي ومبهدل كراماتي،زليت أبوه واللي جابوه. تعكس هذه الكلمات بساطة أسلوبه وتعبيره عن صراعات الإنسان مع ذاته وأحلامهبطريقة تجعل القراء يشعرون بالقرب من معانيها، حيث يجدون في الديوان مرآة لتجاربهم ومشاعرهم وهواجسهم اليومية.

   الشاعر مدحت العدل خلال تقديم وتوقيع ديوانه

يترك معرض الشارقة للكتاب أثراً عميقاً في نفوس الزوار، حيث يجمع بين أجواء مبهجة، ومناطق ترفيهية، وتجاربتقنية حديثة تُثري التجربة. المعرض يقدم رحلة مليئة بالتنوع، تجعل الزوار يتنقلون بين المعرفة والمرح، ليعيشوالحظات ممتعة ولا تُنسى.

انطلق معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 1982 بمبادرة خلاقة من سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمدالقاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبرؤية ثقافية طموحة لخلق مساحة تحتفي بالكتاب والثقافة فيالإمارات. بدأ المعرض كفعالية بسيطة لكنه سرعان ما تطور ليصبح حدثاً دولياً مرموقاً يستقطب آلاف الناشرينوالمؤلفين والزوار من مختلف أنحاء العالم، ويضبط المثقفون والقراء ساعات عقولهم على موعده.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM