محفلٌ ثقافيّ من آسيا لهارفارد

صورة 1 وفد طلبة الجامعة الأمريكية في دبي وطلبة جامعة هارفارد المستضيفين لهم
عندما هبطت بي الطائرة في مطار “جون إف كيندي” في نيويورك، واستقلّيت الحافلة إلى كامبريدج ماساتشوستس، لم يكن لديّ أدنى فكرة عمّا ينتظرني في جامعة هارڤارد، فبين أغاني البوب الكورية، ورقصات بوليوود الجماعية، والقهوة التركية، وحال الإعلام في هونغ كونغ تزامنًا مع التظاهرات، وضخامة صناعة الرسوم المتحركة والقصص المصوّرة في اليابان، وغيرها من ثقافات الشعوب، اجتمعنا أكثر من مئة طالب من ثمان دولٍ مختلفة في صرح جامعة هارڤارد ضمن مؤتمر كلية هارفارد لبرنامج آسيا. جامعين العالم في مكانِ واحد تحت ظل التبادل الثقافي.
ويقام مؤتمر كليّة هارفارد للبرنامج الآسيوي سنوياً منذ سبعة عشر عام في جامعة هارفارد. وذلك للتبادل الأكاديمي، والثقافي، والاجتماعي، حيث يعدّ نقطة تمازج أفكار وثقافات لمدة أسبوع تحت مواضيع مختلفة كل عام. وتفّرد مؤتمر هذا العام بعنوان: كسر الحواجز: التكنولوجيا والإعلام، إشارة إلى ضخامة تأثير المجالين على الإنسان المعاصر وثقافته.

وتّنوّع جدول المؤتمر بين خبراء متحدّثين في مجاليّ التكنولوجيا والإعلام مثل سيدة الأعمال روبن تشيس، التي تحدثت عن أهمية التكنولوجيا عبر الثقافات المختلفة. والمبرمج كينو فيتشر، الذي تحدّث عن تطور الكمبيوتر ومشكلة اختراق السرية الشخصية التي يعيشها الأفراد الآن. وفِي سؤالٍ له عن أهمية مشاركته في مؤتمرات تعزز التبادل الثقافي قال إنّ “جزء من المسؤولية الإنسانية هو نشر الفائدة، وإثارة الفضول الفكري بين الناس، خصوصاً الشباب، ومن هم من خلفيات مختلفة وذلك لخلق حوار غنيّ ومتماسك”.
وتضمّن المؤتمر أيضاً عروض تقديمية من قبل جميع الطلبة المشاركين لوصف حال التكنولوجيا والإعلام في بلادهم، كالتطور المتأجج في اليابان وطرح التساؤل حول مدى تأثير التطور التكنولوجي على التواصل الإنساني، وحال الرقابة الإعلامية والفجوة التكنولوجية بين طبقات المجتمع في الهند. وقال الطالب الهندي، وأحد المتحدّثين في المؤتمر آستك أرجوال من وفد مومباي في مقابلة خاصة بعد المؤتمر إنّ “الاطّلاع على مختلف العروض التقديمية كان مثيراً للاهتمام، مثل معرفة التطور التكنولوجي في العمارة في الإمارات، والتطور التكنولوجي في مجال الطب في تركيا”.

ومن جانبٍ آخر، امتلأ جدول المؤتمر بفعاليات ثقافية تعزّز معرفة المشاركين بالثقافة الأمريكية وتجربة الحياة الجامعية هناك، والتي تُذكّرُ بالأفلام الأمريكية في فترة التسعينيّات والألفين، التي تدور حول الحياة الدراسية وقصصها، مثل أمسية المواهب، وملك أو ملكة جمال المؤتمر، وحفل الرقص الختامي، وحفلات السكن الجامعي الليليّة.

والإضافة الحقيقية التي يضيفها المؤتمر للمشاركين، هي تقوية العلاقات بين مختلف الطلبة لخلق شبكة علاقات وصداقات عابرة للحدود الجغرافية، هذا ما عبّر عنه الطالب في جامعة هارڤارد، ورئيس الاتّصال الخارجي في المؤتمر ماثيو سبنس خلال جولتنا في بوسطن، حيث قال إنّ “المؤتمر يعد تجربة فريدة من نوعها، والعلاقات التي تنشأ من خلاله لا تنقطع بانتهاء زمنه”، وأضاف سبنس “بسبب العلاقات التي كوّنتها مع بعثة الطلبة من تايلند العام الماضي، حصلت على فرصة لتعليم اللغة الإنجليزية لمدة عام في تايلند”.

وكما جئت دون أدنى فكرة عمّا ينتظرني، عدت أدراجي بذات الحافلة وذات الطائرة إلى دبي-الإمارات، ولكن محمّلة هذه المرّة بكثيرٍ من العلاقات، الصداقات، القصص، واللحظات التي سوف تمتدّ لوقتٍ وأمدٍ طويل.
تحرير: حلا حاج طالب