.مبادرات خلّاقة فجّرت همم أصحاب الهمم
تقول مستشارة مجلس إدارة ألف للتعليم، عائشة الياماهي، لصحيفة كلية محمد بن راشد للإعلام: “في دولة الإمارات، ليس من المستغرب أبداً أن ترى واحداً من أصحاب الهمم يمارس عملاً أو يقوم بوظيفة عامة أو في القطاع الخاص بكل ثقة واقتدار. فدولة الإمارات التفتت مبكراً إلى هذه الشريحة من المجتمع؛ واعترفت بها وجعلتأفرادها يعترفون بخصوصية حالاتهم ويتعاملون معها على هذا الأساس“.
يمثل مصطلح “أصحاب الهمم“، الذي أطلقته دولة الإمارات على أصحاب الإعاقات في عام 2017، نقلة نوعية فيفهم هذه الشريحة من البشر، إذ تجاوز هذا المسمى التصورات التقليدية عن الإعاقة، وعبر عن فلسفة جديدة تشير إلى القوة والإرادة التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص، من خلال التركيز على الإمكانيات والقدرات، بدلاً من التحديات والصعوبات. وتعزز هذه الفلسفة بيئة مجتمعية خالية من الحواجز، تهدف إلى تمكين أصحاب الهمم وأسرهم عبر مجموعة من المحاور، تشمل الصحة والتعليم والتأهيل المهني والحياة العامة والثقافة والرياضة وإمكانية الوصول.
انطلاقاً من الأثر المعنوي الإيجابي لمصطلح “أصحاب الهمم“، بادرت المؤسسات الحكومية والأهلية، بتشجيع ودعم من الدولة، إلى ترجمة ذلك من خلال العديد من المبادرات الخلاقة الهادفة إلى دمج أصحاب الهمم في المجتمع وجعلهم أشخاصاً فاعلين ومنتجين وليسوا عالة على محيطهم.
“قادرون” هي إحدى هذه المبادرات التي تركز على توظيف الأشخاص من أصحاب الهمم في وظائف تتناسب مع مهاراتهم ومؤهلاتهم، مع توفير المعدات التيسيرية اللازمة لتمكينهم من أداء مهامهم بشكل فعال.
ودعماً لهذه المبادرة، أصدرت الإدارة العليا لهيئة كهرباء ومياه دبي مبادرة “صديقي” التي تخصص زميلين مدربين ومؤهلين، لكل موظف من أصحاب الهمم في المؤسسة، يعملون على تقديم الدعم والمساعدة في بيئة العمل وفي أوقات الطوارئ.
وفي بيانات إحصائية صادرة عن وزارة تنمية المجتمع، تقدم أكثر من 22 جهة عمل، عام 2023، بطلب لتعيين موظفين من أصحاب الهمم، وذلك من خلال الموقع الإلكتروني للوزارة، الذي يتيح تقديم طلبات من جهات العمل الراغبة في توظيف أصحاب الهمم أو من أصحاب الهمم الراغبين في الحصول على الوظائف.
في سياق آخر، تقدم مبادرة “بيتي مكان للجميع” دليلاً شاملاً لبناء وتهيئة المساكن الصديقة لأصحاب الهمم. يشتمل الدليل على معايير تصميمية تأخذ في الاعتبار احتياجات فئات الإعاقة المختلفة، ما يمكّن أي فرد من تحويل منزله إلى بيئة مريحة وملائمة لأصحاب الهمم، سواء كانوا من سكان المنزل أو من زواره.
تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز رؤية دبي لجعلها مكانًا يمكن للجميع التعايش فيه بتقبل واحترام. وفي عام 2023، أكد رئيس مجلس تمكين أصحاب الهمم في شرطة دبي، الرائد عبد الله حمد الشامسي، أن المجلس انتهى منتنفيذ خطته في إعداد وتأهيل 40 مبنى في شرطة دبي بنسبة 100%، لتكون صديقة لأصحاب الهمم، وفقاً لمعاييركود دبي للبيئة المؤهلة وقوائم التدقيق الخاصة بها، مبيناً أن 16 مبنىً منها حصلت فعلياً على شهادة “وصول” المعتمدة من بلدية دبي لنجاحها بكافة اختبارات كود دبي للبيئة المؤهلة، في حين تقدم المجلس للحصول علىالاعتماد في المباني المتبقية.
لا تقتصر جهود الدولة على تعزيز دور أصحاب الهمم وحسب، بل تركز على نشر الوعي لدى عائلاتهم، وذلك منخلال فعالية “أنا وأخي” التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع والتي ركزت على تمكين أخوة أصحاب الهمم من خلال إشراكهم في أنشطة ترفيهية وتعليمية مع أصحاب الهمم، ما يتيح الفرصة أمام الأخوة لتبادل الخبرات في عمليات التأهيل ولعب دور أساسي في الدمج إلى جانب الأبوين.
في هذا الإطار، تبرز الأخصائية والاستشارية في عملية الدمج، شريفة اليتيم، نظرة إيجابية نحو أطفال التوحد، مؤكدة أن التوحد ليس إعاقة أو نقصاً، بل هو طريقة تفكير مختلفة. تقول اليتيم لصحيفة كلية محمد بن راشدللإعلام: “إن هؤلاء الأطفال لديهم مواهب فريدة تتطلب الاهتمام والدعم. ولتمكينهم والارتقاء بهم، أنشأتُ ورشاً لتوجيه أولياء الأمور في كيفية التعامل مع ذوي اضطرابات التوحد، باستخدام اللهجة الإماراتية لتبسيط التواصل. كما قدمتُ تطبيق “توكانت” المجاني لأولياء الأمور والاختصاصيين، لتعريف أطفال التوحد على السلوك الصحيحمن خلال نظام تحفيزي قائم على الرموز.”
وصلت دولة الإمارات بأصحاب الهمم إلى ما هم عليه اليوم، أصحاب همم حقيقيون ينافسون الأسوياء في كلالمجالات، وذلك إيماناً من رؤوس هرم القيادة في الإمارات بأن الإعاقة ليست بفقدان عضو من الجسد أو حاسة منالحواس، وإنما الإعاقة الحقيقية هي في ضعف الإرادة والعجز الحقيقي هو فقدان الأمل والطموح. وعليه يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “ما حققه أصحاب الهمم في مختلف المجالات وعلى مدى السنوات الماضية من إنجازات هو دليل على أن العزيمة والإرادة تصنعان المستحيل وتدفعان الإنسان إلى مواجهة كل الظروف والتحديات بثبات للوصول إلى الأهداف والغايات“.