لغز أسطورة الجامعة “شارلوت” القطة السوداء

إنها شبحٌ أسود، تطوف بين الردهات بمعطفها المخضرم وخطواتها الهادئة. شارلوت، القطة التي اتخذت الجامعة الأمريكية في دبي موطناً لها، فاحتضنها التلامذة والأساتذة معاً لتمضي السنين وتصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

جلست القطة شارلوت أمام مبنى الهندسةِ كعادتها، ترعى الطلاب المقدمين على يومٍ دراسيٍ جديد، وتلقي التحية عليهم بوجدانها العريق الذي أمسى على أجيالٍ من الطلبة من قبل. شعرها الأسود اللامع هو أول شاهدٍ على الحياة الطويلة التي أمضتها شارلوت في أروقة الجامعة، فقد بدأ معطفها بالميلان إلى اللون الرمادي، الذي انتهك جمالها العفوي ليضفي عليها وقاراً من نوعٍ آخر، يكتسبه المرء فقط عندما يمضي وقتاً طويلاً في أحضان العلم.

لم تكن شارلوت كأي قطةٍ أخرى، فلا أحد يعلم من أين أتت وكيف اكتسبت مكانةً خاصةً في قلوب الجميع بهذه الطريقة. فمع مرور الوقت، وكما قال رئيس الجامعة الأمريكية في دبي، الدكتور لانس دي ماسي بِحيرة، “لم أستطع حل لغز هذه القطة، فهي هنا منذ زمنٍ طويلٍ لا يقل عن عشرة أو خمسة عشر عاماً. لا أعلم أيضاً من أعطاها اسم شارلوت، ولكن هي الآن شارلوت أسطورة الجامعة”. 

ولم تسلم القطة شارلوت من أيدي الزمن، فبعد الظروف التي مرت بها هذه القطة المناضلة، بات يليق بها لقب أكثر القطط حظاً. فقد عاشت شارلوت سنيناً لوحدها، ودعت فيها العديد من القطط الأخرى الذي انتهى بهم المطاف في أقفاص البلدية. ولا يعلم مدير أمن الجامعة الأمريكية في دبي تمام طنوس كيف استطاعت شارلوت الفرار من تلك الأقفاص ولكنه علق على الأمر قائلاً، “اضطررنا للاتصال بالبلدية لتتعامل مع مشكلة القطط الزائدة في حرم الجامعة، ولا أعلم كيف استطاعت شارلوت الهرب من ذلك ولكن هي الآن جزءٌ من الجامعة، نحتضنه ولا يتعرض له أحد”.

ولكن لم يستطع السيد تمام طنوس صباح الأحد الموافق للتاسع والعشرين من يناير بالوقوف صامتاً عندما لاحظ أنه هناك بضعة قطرات من الدم على فم القطة شارلوت. فمع كبر السن أصبحت صحة شارلوت تتداعى وازدادت حاجتها لرعايةٍ صحيةٍ خاصة، فقام تمام طنوس بالاستجابة لذلك من خلال وضعها في قفصٍ بهدف المساعدة، ليتم أخذها إلى بلديةٍ لتلقي العلاج.

واحتجّت على ذلك عميدة كلية التربية والتعليم في الجامعة الأمريكية في دبي الدكتورة كاثرين هيل التي أفجعها منظر القفص، فعلاقتها بالقطة شارلوت ودودةٌ جداً. فقامت الدكتورة فور علمها بالأمر بنقل القطة شارلوت على حسابها الخاص إلى طبيبٍ بيطري، قائلةً، “كنت أهتم بكل القطط قبل أن يتم أخذهم. وأنا الآن أهتم بشارلوت”.

ووقفت الدكتورة كاثرين هيل بجانب شارلوت التي اختبأت بين الشجيرات الصغيرة، مموهةً بين الظلال، حتى أتت مساعدتها، ماريا تولينتينو، لمراقبة القطة في حين ذهبت الدكتورة لإحضار صندوقٍ خاصٍ لنقلها فيه. وقالت ماريا عن القطة، “تهتم بها الدكتورة كاثرين هيل جداً، فتطوعت أنا أيضاً لمساعدتها في الاهتمام بها، وهو أمرٌ يتطلب إطعامها مرتين في اليوم. أطعمها أنا في الصباح وفي حال لم أعثر عليها بعد الظهر، تطعمها الدكتورة هيل في الليل”. 

وأحضرت الدكتورة هيل الصندوق وانتظرت لتخرج شارلوت من مخبئها وقالت، “سأذهب بها إلى طبيبٍ بيطري، وسأشرف على علاجها بنفسي، فقد تكون بحاجة إلى دواء”. وأضافت، “من الممكن أيضاً أنه قد حان وقتها، فهي الآن قطةٌ كبيرة السن جداً”. 

ولا يظل لغز هذه القطة السوداء سؤالاً يطرحه الكثيرون من عشاق شارلوت، ليتداول البعض تفاصيل قصةٍ تُروى في سبيل البحث عن إجابة. وقالت دكتور هيل حيال ذلك أنه، ”يقال أن هناك أستاذ رياضياتٍ قديمٍ هو الذي قام بتركها. هذا ما أعرفه من رئيس الجامعة الذي أخبرني أيضاً بأنها أصبحت مع مرور الزمن قطةً رمزيةً جداً للجامعة، لدرجة أنه يستقبل الناس أحياناً برواية قصتها”. 

وقد تم الاستجابة لحالة شارلوت الصحية بإعطائها المحاليل اللازمة ووضعها تحت مراقبة الطبيب البيطري لمدة ثمانية وأربعين ساعة بسبب ورمٍ صغيرٍ لديها. وفي حال احتاجت القطة أن تتابع علاجها، عرضت الدكتورة هيل بأن تستقبل القطة في منزلها وقالت،” إذا احتاجت شارلوت لأخذ الأدوية والاستمرار في علاجٍ مطول، سأستقبلها في منزلي وسأهتم بها حتى تسترجع قوتها”. 

وإلى أن تتعافى، ستترك شارلوت ورائها فضاءً في حرم الجامعة سيشتاق إلى بصمتها وتاريخٍها الطويل والعريق. وقد علق خريجٌ من الجامعة الأمريكية في دفعة 2014 في دبي، عمرو عبد الحميد، عن قصة القطة قائلاً، “انضممت للجامعة في سنة 2009، وكانت شارلوت موجودة حينها. إنها فعلاً قطة أصيلة جداً”.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM