كيف يصنع البودكاست الناجح؟ استراتيجيات ومقومات جذب المستمعين.

يُعد البودكاست وسيلة إعلامية متنامية تعتمد على أسلوب سرد مميز يجذب الجمهور بتفاعله وبُعده عن الرسمية التقليدية. يرى خبراء في هذا المجال أن نجاح البودكاست يعتمد على تقديم محتوى مثير للاهتمام يتسم بالعفوية والبساطة، إلى جانب مجموعة من العناصر التي تساهم في تحقيق تجربة استثنائية تشد انتباه المستمعين وتحفزهم على العودة للاستماع مرة بعد أخرى.
في حديثها عن نجاح البودكاست، أكدت مقدمة برنامج ” صارت معي ” على تلفزيون الآن، مها فطوم، أن العناصر الأساسية التي تساهم في نجاح أي بودكاست هي المحتوى المثير الذي يحترم عقل المستمع، وجودة الصوت الواضحة، والاستمرارية في النشر. كما أشارت إلى أن البودكاست المرئي يتطلب اهتماماً بجودة التصوير، الديكور، والإضاءة لتعزيز التجربة المرئية.
وفي سياقٍ أوسع، أوضحت فطوم أن “شخصية المضيف وطريقته في التقديم تلعب دوراً كبيراً في نجاح البودكاست. من المهم أن يكون التقديم عفوياًوطبيعياً، بحيث يشعر الجمهور بأنهم يستمعون لشخص حقيقي يمتلك شغفاً حقيقياً بموضوعه.” كما شددت على أهمية استضافة ضيوف مميزين، مضيفة أن “استضافة شخصيات ذات خبرة أو تأثير في مجالاتهم المختلفة لا يجذب فقط مستمعين جدد، بل يضفي مصداقية وقيمة مضافة للبودكاست.”
ويحث الخبراء على أهمية استقطاب مستمعين جدد والحفاظ على الجمهور الحالي، الذي يلعب دوراً أساسياً في نجاح أي بودكاست. فبينما يعتبر المحتوى الجيد وجودة الصوت عوامل جوهرية، إلا أن النجاح على المدى الطويل يعتمد بشكل كبير على القدرة على جذب جمهور جديد باستمرار مع الحفاظ على ولاء المستمعين الحاليين.
ويلفت مقدم برنامج “جلسة كرك” على منصة يوتيوب، محمد الهنائي إلى “أهمية التعامل مع البودكاست كبرنامج شامل يلبي احتياجات جمهور متنوع، فبينما تستهوي الحلقات الطويلة المستمعين الذين يفضلون الاستماع إلى البودكاست أثناء التنقل أو القيام بأعمالهم اليومية، هناك فئة أخرى تفضل المحتوى القصير والموجز على منصات مثل تيك توك، إنستغرام، وتويتر (X حالياً).” لذلك، شدد الهنائي على أهمية تقديم مقاطع قصيرة لا تتجاوز مدتها ثلاث دقائق لجذب اهتمام هذه الفئة، مع الاستمرار في عرض الحلقات الكاملة على المنصات الرئيسية لضمان تلبية احتياجات جميع الفئات وتحقيق نجاح مستدام للبودكاست.
وبحسب تقرير صادر عن الجزيرة، آخر تحديث له في 15 سبتمبر الجاري، شهدت منصات البودكاست نمواً هائلاً، حيث ارتفع عدد المستمعين حول العالم إلى أكثر من 460 مليون مستمع. هذا الانتشار السريع بدأ منذ جائحة كورونا، حيث زاد الإقبال على البودكاست بفضل مرونته وسهولة الاستماع له في أي وقت ومكان، مقارنةً بالإعلام التقليدي الذي يفرض مواعيد ثابتة. من المتوقع أن يتجاوز حجم سوق البودكاست 17.5 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يشير إلى مستقبل واعد لهذه الصناعة.