كوفيد-19: دروسٌ من أوروبا، من وجهة نظر يساريّة

صورة 1 في أعلى الصورة على اليمين ناديا ديموند، وفيأعلا الصورة على اليسار أندرو كول بلاكويل، وفي أسفل الصورة كريستين بوبين. 14/4/2020.
مع الانتشار السريع لكورونا (كوفيد-19) في أوروبا ليجعلها البؤرة الأكثر تضرراً من الوباء، يرى نشطاء يساريين في كلّ من إيطاليا، فرنسا، وإسبانيا، وهي البلدان الأكثر تضرراً من الوباء في أوروبا، في مؤتمر عقدته منظّمة “سوشاليست ريزيزستنس” (Socialist Resistance) اليساريّة على الانترنت عبر برنامج “زوم” في 14 نيسان (أبريل)، أنّ هناك دروساً يجب تعلّمها من أوروبا سياسياُ، اقتصادياً، واجتماعياً للتخفيف من حدّة الوباء ودرء خطر كوارث مستقبلية مشابهة. فما هي هذه الدروس والتوصيات؟
دروس اقتصاديّة
من إيطاليا التي تحوّلت إلى أكبر بؤرة لتفشّي وباء كورونا، وعجزت فيها معظم العائلات عن شراء الأغذية والمتطلّبات الغذائية، وتفاقمت الفروق الطبقيّة في البلاد، ترى الناشطة الماركسيّة والنسويّة “ناديا دي موند” أنّ إيطاليا لم تكن مستعدّة لمواجهة الوباء، فكان هناك نقص في المعدّات الطبيّة، والأقنعة، بسبب تركيز الإنتاج الوطني الإيطالي على المنتجات غير الضرورية على حساب المنتجات والقطاعات الضروريّة كقطاع التعليم والصحّة. وتقول دي موند “نريد عالماً تصبح فيه هذه الخدمات والأنشطة الأساسيّة (كالصحّة والتعليم، ومصانع المنتجات الأساسية) والعاملين بها مركزاً للاقتصاد، وأن تصبح أجور عامليها أعلى”.
وفيما يتعلّق بتأثير الوباء على الوعي الطبقي، ترى موند أنّ كان له التأثير الأكبر في منطقة “بيرغامو” (شمال إيطاليا)، وهي الأكثر تضرراً من الوباء، “كانت النقابات المدفوعة نشطة للغاية في مواجهة السلطات بشأن وقف الإنتاج في القطاعات غير الأساسية. لذلك، هناك وعي طبقي كبير في هذه المنطقة بسبب تعرض العمال للمخاطر والوفيات”. وتضيف موند أنّ الشعور بعدم المساواة الطبقيّة في المناطق الجنوبيّة من إيطاليا أيضاً “دفع بعض الناس للذهاب إلى المحال التجاريّة وأخذ ما يحتاجونه للأكل”.
ويشارك موند الرأي من إسبانيا الناشط والمترجم اليساري “أندرو كول بلاكويل” الذي يرى أنّه يجب أن يكون هناك “استثمار ضخم في القطاع الصحّي”. ويضيف بلاكويل أنّه يجب إجراء إصلاحات ماليّة جذريّة وتأميم الصناعات الاساسيّة في إسبانيا، خاصّة مع وقوع الحكومة في الدين العام والخاص والذي “سيؤدّي إلى قفزة هائلة في التاريخ”. ويضيف بلاكويل إلى أنّه يجب إعطاء الأهميّة لعلاقة الاحتباس الحراري بالفايروس، حيث يرى أنّ ” مكافحة الاحتباس الحراري هي مفتاح المستقبل”.
من فرنسا، وليس بعيداً عن رأي كلّ من موند وبلاكويل، تُظهر عضوة “حزب جديد مضاد للرأسمالية” الفرنسي اليساري المتطرّف “كريستين بوبين” استيائها من إعطاء الحكومة الفرنسيّة “الأولوية لإعادة تشغيل الاقتصاد بدلاً من التعليم”. في الوقت ذاته، تثني على جهود فرنسا في التخطيط لتكون “أكثر استعدادًا للأزمة المستقبلية بعد فايروس كوفيد-19 ، لذا فهي تدعم المصانع المنتجة للمنتجات الاحترازية كمصانع الأقنعة”.
موقف النقابات العمّالية في أوروربا
في إسبانيا، يرى بلاكويل أنّ النقابات العمّاليّة تتعرّض للخطر من قبل الحكومة الجديدة، لهذا، لم يكن هناك أي معارضة كبيرة من القيادة النقابيّة. ومع ذلك، كان هناك معارضة من النقابيين اليساريين “لرفع القيود” عن الصناعيين.
فيما تفيد بوبين إنّ النقابات والناشطين في فرنسا يموضعون أنفسهم في فترة بعد الأزمة وأنّهم كانو نشطين في الدفاع عن حقوق العمّال.
فيما تقول بوند إنّ ” إنّ النقابات العمالية في إيطاليا تقوم بدور دفاعي فقط ضد أرباب العمل المخالفين، وتدافع عن العمال في مستويات ضعيفة للغاية”.
مسألة ارتفاع الإيجارات
يؤكّد بلاكويل أنّ مسألة الإسكان تشكّل موضوعاً كبيراً الآن في إسبانيا؛ لأنه منذ الركود الاقتصادي الكبير، فقد الكثير من الناس منازلهم ولا تزال هذه مشكلة كبيرة بسبب القوّة الكبيرة للنظام المصرفي الماليّ في إسبانيا، حيث يتمتع بالعديد من الامتيازات مع قوانين الرهن العقاري “الصارمة” حيث “يمكن أن تخسر منزلك ولا تزال مضطراً لدفع دينك بسبب الرهن العقاري غير المدفوع حتّى لو استردّ البنك المنزل”. من جانبٍ آخر، يرة بلاكويل أنّ ارتفاع أسعار الأجار في إسبانيا يعود لتأثّر قطاع السياحة بسبب الفايروس والذي تعتمد إسبانيا عليه بشكل كبير، حيث “في مدينة مثل برشلونة، تكون أسعار الإيجار مرتفعة بشكل سخيف بسبب كونها مدينة سياحية”.
يقول بلاكويل إنّه كان هناك مطالب كبيرة من الشعب بإلغاء دفع الرهون العقارية، وإلغاء دفع الإيجار. ويضيف بلاكويل “هذه قضية كبيرة تعالجها الحكومة بطريقة حذرة للغاية، لتتجنّب المواجهة مع البنوك، فعلى الرغم من تخفيض الحكومة أكثر من 50 ٪ من دفع الرهون العقارية والإيجار، إلّا أنّ هذا التخفيض ينطبق على الذين يملكون أكثر من 10 عقارات. لذا، فإن هذا القانون يصبّ بصالح الشركات الكبيرة فقط”.
وتؤكّد يوبين على أنّ الحركات والمطالب المتعلّقة بالإجارات نفسها مستمرة في فرنسا أيضاً، وتحديداً في باريس.
تحرير: رزان محمد