كرة القدم.. قليلٌ من المتعة وكثيرٌ من المال

شهدت فترة الانتقالات الصيفية والشتوية في كرة القدم في السنوات الأخيرة ارتفاعاً مبالغاً في أسعار اللاعبين، مما غير الكثير من المفاهيم الكروية. فأصبح كل نادٍ يطلب أرقاماً باهظة للتفريط في نجومه، بالرغم من المستوى المتواضع لبعضهم، والذي لا يستحق كل تلك الأموال. أصبحت “صناعة النجوم ثم بيعهم بالملايين” تجارة مشروعة جعلت كرة القدم استثماراً عالمياً.
لعل امتلاك كبار أوروبا للأموال الطائلة، دفع الأندية إلى رفع سقف أسعار اللاعبين وعدم التفريط فيهم إلا بمقابل مالي باهظ. أصبحت كرة القدم في وقتنا الحالي تعتمد بشكل كبير على عنصر المال، بسبب حقوق البث المرتفعة وعقود الرعاية والإعلان وغيرها من الأمور الاقتصادية التي تعود بالنفع المادي على ملاك الأندية. كما تعد أندية ريال مدريد، وباريس سان جيرمان، وتشيلسي، وقطبا مانشستر أحد أهم الأسباب في الوصول لهذا الحد من الجنون بالأسعار، نظراً لفائض الإنفاق الجنوني على أي موهبة تظهر.
ولكن هناك الكثير من الصفقات والانتقالات التي أثرت سلبياً على اللاعبين إذ يشكل ارتفاع الأسعار هاجساً مرعباً على اللاعبين. فقد يجعلهم تحت الضغط بشكل كبير، مما يجعل مردودهم ضعيفاً مع النادي مقارنة بالمبالغ المدفوعة لهم. على سبيل المثال، تعاقد نادي ريال مدريد مع النجم البرازيلي ريكاردو كاكا، مقابل 67 مليون يورو. ولكن لم ينجح في تحقيق المطلوب منه مع النادي الملكي، وتراجع كاكا بأدائه كان أمرأ ملحوظاً.
والأهم من كل ذلك أن دفع تلك المبالغ يؤثر على مردود اللاعب مع منتخب بلاده، فيصبح عطاؤه وانتماؤه للنادي أكثر بمراحل من المنتخب بسبب المبالغ والأجور التي يتقاضاها مع النادي. فيكون اللاعب بعد ذلك تحت ضغط الانتقاد من الإعلام المنتمي لمنتخبه.
وقد علّق مدرب فريق كرة القدم في الجامعة الأمريكية في دبي، محمد النمري، قائلاً “للأسف يتم إعطاء اللاعبين أكبر من حجمهم. لكن هذا ليس ذنبهم وإنما كل تلك المؤشرات والمعطيات السلبية أثرت بشكل كبير على متعة كرة القدم التي أصبحت تجارة يتنافس عليها رجال الأعمال والشركات، الذين يملكون أعرق الأندية الأوروبية، فغيروا خريطة كرة القدم في وقتنا الحالي من لعبة رياضية ممتعة إلى لعبة تجارية”.
وبدوره، أشار لاعب في فريق كرة القدم في الجامعة الأمريكية في دبي، محمد منير، عن سؤال ما إذا كانت تتعامل الأندية مع اللاعبين بلغة التجارة وتحقيق المكسب المادي، أم بلغة البطولة وتحقيق الألقاب، قائلاً: “من المؤكد يختلف الأسلوب من ناد لآخر، إذ يتم الإعتماد على هوية الفريق وهدفه ما إذا كان يلعب من أجل الألقاب، أم أنه من أندية الصف الثاني ويفضل الاستثمار في اللاعبين الذين يشتريهم ليصنع منهم نجوماً ثم يبيعهم من باب الاستثمار الكروي”.
وانتقالاً إلى أغلى صفقة كروية في العالم، بات نيمار رسمياً أغلى لاعب في تاريخ كرة القدم، بعد أن كلّف انضمامه إلى باريس سان جرمان الفرنسي بشكل إجمالي، نحو نصف مليار يورو. وكسرت “أم الصفقات”، بما كشفت عنه من أرقام “مفزعة”، كل الحدود التي كان في الإمكان تصورها سابقا، فيما يتعلق بأسعار لاعبي كرة القدم في أوروبا والعالم. وتبلغ قيمة هذا الانتقال أكثر من ضعف الصفقة القياسية التي شهدت انتقال الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي الصيف الماضي، مقابل 105 ملايين يورو.