فن الحرب في زمن التواصل الاجتماعي

الإنترنت، مساحة حرة للجميع للتعبير عن آرائهم في زمان ومكان يصعب الكلام فيه. وفي زمن الحرب السورية، أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي المكان الذي كسر قيود الإنسان، المكان الوحيد للخصام والوفاق والتعبير، المكان الذي أفسح المجال لمواهب مخفية في الظهور.

رامي عبد الحي، شاب سوري مقيم في حلب يهوى التصوير. وبسبب ضغوطات المجتمع على ميوله الفنية، كون التصوير والإخراج لا يعتبران مهنة، قرر أن يدرس الهندسة. غير أنّه ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، استطاع أن يخلق صوتاً لنفسه وأفكاره. بعد اندلاع الحرب السورية في ٢٠١٢، قرر أن يصور فيديو يسخر فيها – بنوع من الكوميديا السوداء –  من أوضاع الناس في سوريا ومعاناتهم بسبب الحرب وحملها على يوتيوب تحت اسم “Syrian style”. وخلال أيام، أحدث الفيديو ضجة كبيرة، وتم مشاهدته أكثر من ٣٣٧ ألف مرة. وفي أجدد فيديو حمّله بعنوان “Aleppo the ancient city”، قام رامي بتصوير مناطق من حلب القديمة التي دمرت بسبب الأحداث. وكان هذا الفيديو الأول من نوعه، إذ  كشف عن مناطق انقطع التواصل معها منذ سنين. وعن تأثير الحرب عليه، قال رامي في حديث معنا “بالنسبة لي أصبح التصوير نوع من التعبير عن نفسي، أكان ذلك سلبيًا أم إيجابياً. إن لم تكن الحرب، لا أتوقع أني كنت سأصور فيديوهات، وأنها ستحمل رسالة قوية كالآن . فقوة الفيديو تتمحور حول حقيقة الرسالة. فإذا نحن لم نقم بتصوير الواقع السوري فمن سيفعل ذلك؟”

مشروع آخر ومثال مختلف عن الفن عبر منصات التواصل الاجتماعي هو مشروع ونبقى. هي صفحة على موقع الانستغرام افتتحت عام ٢٠١٧ من قبل سوريين اثنين، هاني الألاف وسوزان مونزير. هذه الصفحة  تتضمن معلومات عن فن وثقافة سوريا التي إمّا نسيها العالم، تجاهلها، أو لم يكن يعرفها من الأساس. فكرة الصفحة أتت بعد أن ترك هاني سوريا بسبب الحرب، حيث بدأ يزداد تعلّقه للبلد واشتياقه له بسبب الغربة. فبدأ بالكتابة والتعبير عن عن آرائه على  صفحته الشخصية، ووجدت سوزان صفحته وقررا أن يعملان على صفحة مشتركة. وفي خلال ١٤ شهر، اكتسبا أكثر من خمس ألاف متابع، من بينهم الممثلة الأمريكية سارة جسيكا باركر، والممثلة لينا شماميان، والمغنية فايا يونان. عن الصفحة ورسالتها قال هاني: “ما دفعنا لإنشاء هذه الصفحة هو جهل الغرب للشرق الاوسط وخصوصاً سوريا. أردنا لهذه الصفحة أن تكون رسالة أمل للسورين، ورسالة للعالم بأنّ ثقافتنا لن توت مهما حصل”.  

اذاً، برزت مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة لإبراز فنون جديدة، منصة جعلت لكل فنان صوت يستطيع من خلاله تفريغ كل ما في قلبه. هذا الصوت الصغير استطاع أن يخلق رسالة أمل جديدة، لعلّه بذلك يترك أثرًا إيجابياً على الناس، وربما بصيص أمل.  

الصورة من تصميم نالا شبلي

 

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM