فدوى القاسم: أنا فنانة غجرية لا تعترف بالحدود

22 نوفمبر 2016

تصف نفسها بأنها غجرية، لأنها تنقلت بين أكثر من بلد، وأقامت في أكثر من مدينة. وقد جعلها ذلك تشعر بانتمائها إلى الإنسانية أكثر من انتمائها إلى جغرافيا محددّة، وهوية خاصة، وعلم وحيد. وحدود مرسومة على الخريطة.

إنها الفنانة فدوى القاسم التي ترسم وتكتب، وتعتبر الإبداع لعباً خلاقاً يثمر تجارب جديدة، ويتحرّر من أغلال الرتيب والعادي والمكرور..

التقيناها، وأجرينا معها الحوار التالي:

 

–        من أنت يا فدوى؟

–         من أنا ؟ أستطيع أن أقول لكم من أنا اليوم، ولكن من أنا البارحة فلا أعلم، ومن أنا غداً فالله أعلم.

–        من أنت اليوم؟

–         أنا اليوم تعبيرية .. لا أعلم إن كانت هنالك كلمة بهذا المعنى، ولكن في الإنجليزية فهي . ( self expressionist )

من ناحية (self expressionist)؟

أنا أعمل في الفن والكتابة ويهمني جداً التعبير عن الذات.. ولكن ليس بشكل أناني أو نرجسي، ولكن بشكل معبر وحر، بشكل فيه تواصل يفتح حواراً مع الآخرين لأتعرف عليهم وليتعرفوا عليّ.

–        من من الفنّين يطغى على شخصيتك أكثر؟ وما الفرق بين التعبير بالكلمة والرسم؟

–         كلاهما، لا شيء يطغى علـى الآخر، أنا كالمياه تطغى الكتابة ساعة ويطغى الرسم ساعة …لماذا؟ لا أعلم. الوحي (الإلهام) قد يقول لي أتركي الرسم واذهبي للكتابة.

–        وكيف من الممكن أن يطغى الإثنان معاً؟

في بعض الأحيان أضمّن الكتابة في اللوحات، وفي مرات أخرى عندما أكتب أكون أرسم لوحات بكتاباتي.. وفي أوقات أستوحي واحدة من الأخرى.

–        ما الفرق بين التعبير بالكتابة والتعبير بالرسم؟

التعبير بالرسم له مساحات أكبر، لأنك مقيدة بلغة وكلمات وأفكار لربما الناس يفهمونها كما يودون فهمها … ربما تكونين تقصدين شيئاً ما ولكنهم يفهمونه بطريقة مختلفة ولكن هذا الشيء طبيعي نوعاً ما لأنه عندما تنتهين من الرسم أو الكتابة لا يعود العمل عملك، بل يصبح عمل غيرك …فهو الآن ملك المتلقي والقارئ .ولكن بالرسم أحس بأن هنالك حرية أكبر في التعبير..

–        ولكن ألا يستطيع المتلقي ترجمة الرسم بطريقة أخرى على عكس ما قصدتِ؟

طبعاً، أنت لا تتحكمين بالناس وترجمتهم أو رؤيتهم، فهذا ليس دورك.. هذا دورك أنت كمتلقية، تعبرين خلاله عن رأيك وتستخدمين أسلوبك وأفكارك، ولكن متى ما خرج العمل من يدك، تكون مهمتك انتهت وصار عملك ملك الآخرين، ولهم أن يترجموه مثل ما أرادوا وكثيراً من الأحيان ستتعلمين منهم، عندما يأتيني شخص ويسألني عن قصدي في اللوحة لا أجيب، بل أسأله عن الذي يراه هو .. فأنا أتعلم منهم وأجد أفكاراً لم أرها وأفكر بها من قبل، ومن الممكن أن أضيفها إلى سلة أفكاري، وهذا شيء جميل جداً، فهم يأخذونني معهم في المشوار وأنا إنسانة تحب المشاوير.

–        وهل هذا يكون محدوداً باستخدام الكلمة؟

نعم، لأنّ ثمة مصطلحات تحددنا وكلمات وأحرف ولغة.. يوجد مجال للحركة ولكن ليست كالرسم برأيي.

–        ما مصدر إلهامك سواء في الرسم أو الكتابة؟

الحياة.. كل شيء في الحياة كلقاء شخص مثلك تعطيني أفكاراً جديدة بأسئلتك وشبابك وأفكارك، إلى الطبيعة، إلى كتاب، إلى القصص من الناس، إلى الخيال.. الخيال الذي أدعه يشرد ويأخذ راحته المطلقة، ففي بعض الأحيان خيال الإنسان يلجم نفسه بنفسه فيقول “لا يجب التفكير هكذا.. و أن هذا الشيء خارج عن الواقع لدرجة كبيرة”، ولكن هذا كله لا يهمني.

–        في أي عمر بدأتِ مشوارك الفني؟

من عمر الخامسة والسادسة والسابعة.. فقد تعلمت من أمي التطريز والخياطة. لا أعلم كلما أرجع في الزمن إلى الوراء أتذكر أنني كنت أفعل شيئاً ما أو أفكر بفعل شيء ما.

–        يوجد رسامون وفنانون يعبرون عن عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم باستخدام الفن، هل فعلت هذا مسبقاً؟

أكره كلمة العادات والتقاليد ..لأنني أحسها مقيدة جداً، لا سيما إن اقترنت بالمواعظ (عاداتنا وتقاليدنا) ما هذه العادات والتقاليد؟ إذا كانت تساعدنا وتدفعنا إلى الأمام، فحسناً، ولكن إن كانت ترجعنا إلى الوراء وسأتبعها فقط لأن أجدادي اتبعوها، فهذا ليس ما يستهويني أو يحفزني على التمسك به.

–        ألا يوجد تراث في فنك؟

توجد حكايات جدتي، ولكن لا أعلم إن كنتم تعتبرونها تراثاً، ولكن هي أقرب إلى السيرة من أن تكون تراثاً.

–        تخرجت في عمر الثامنة عشرة. كيف كانت تلك رحلتك مع الإبداع؟

انهيت المدرسة وأنا في السادسة عشرة من العمر، وأنا عجولة لا أحب الإنتظار. لا أعلم لماذا تقدمت لامتحان الدخول في الجامعة، ولم أتوقع أن أنجح لكنني فعلت، وكان ذلك في جامعة شيلر الدولية في لندن، لكن في الجامعة كنت في السادسة عشرة وكان مَن حولي في التاسعة عشرة، فأحسست أنني صغيرة، لكن هذا الشعور تغير عندما تحدثت مع أصدقائي في الجامعة فأحسست بأنّ (عقلهم صغير) وفي الأخص الشباب.

–        تصفين نفسك بالغجرية. لماذا؟

لأنني من أصول فلسطينية، ولكنني لم أعش في فلسطين فقد عشت في ليبيا وبريطانيا واسبانيا ودبي وكندا، فأصبحت هويتي أوسع من فلسطين.

الكثير من الناس يسألونني أين قضية فلسطين في رسوماتك وكتاباتك، فأقول لهم إن كل فلسطيني هو قضية فلسطين، وكل إنسان هو قضية إنسانية ليس بالضرورة أن أكتب كلمة فلسطين أو أضع صورة ياسر عرفات أو الكوفية لأثبت هويتي وليس عليّ إثبات هويتي لأحد بأنني فلسطينية فخورة أم لا فهذا يخصني أنا.. وكوني أحس بغجريتي جعل هويتي أوسع من فلسطينتي، وجعلني أقدر على الإحساس مع فلسطينيتي أكثر، لأنني أحس بإنسانيتي أكثر، وقد اكتشفت خلال اعترافي بغجريتي أننا لا نضحك على النكت ذاتها لكننا نبكي على الألم ذاته، وأحسست أن هذا أهم من تمسكي بهوية واحدة.

–        ضمّنت الكروشيه أو فن الخياطة في فن الرسم، فكيف خطرت هذه الفكرة على بالك؟

أنا أحب اللعب .. أحب اللعب والتجربة، وهذا أكثر شيء أحبه في الكتابة و الرسم.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM