عشر سنوات على الحرب السورية: هل من أملٍ؟

بستان الزهرة في محافظة حلب، في سوريا، مارس 2021، تصوير حلا حاج طالب

بعد مرور عشر سنوات على الحرب السورية، تفاوتت آراء السوريين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، فمنهم المتفائل بإنهاء الأزمة السورية ومنهم الرافض لفكرة العودة إلى سوريا، واختلفت آراؤهم لتفاوت ما شاهدوه من الحرب على أرض الواقع.

وفي هذا السياق، قالت حلا حرب، طالبة صحافة في الجامعة الأمريكية في دبي وهي من مدينة السويداء وتبلغ من العمر 21 عاماً، إنّ التفاؤل بخصوص الأوضاع في سوريا معتمد على الذين ينظرون إلى سوريا بعين ثالثة، بمعنى أنّهم سوريون مغتربون لم يعيشوا أجواء الحرب في سوريا.

                                                                                      مقابلة خاصة مع الطالبة حلا حرب، دبي، 27 مارس 2021، إعداد ميسا عيد

“لا أحد يرمي نفسه في النار”، هكذا عبّر الحلبي أحمد صائب الذي يبلغ من العمر 69 عاماً ويعمل كمدير للمكتبة في مدرسة دبي الدولية في دبي – فرع القرهود، عن استحالة عودته إلى سوريا في ظل الظروف الراهنة. وأضاف أنّ الذكريات التي عاشها في حلب تجبره على الحنين إلى سوريا، وبخاصةً أنّ زيارته الأخيرة لسوريا كانت في عام 2010، أي قبل عام من بداية الحرب السورية. وأضاف صائب أنّ لديه العديد من الأقارب الذين تهجّروا من سوريا، “فحتى وإنْ عادت سوريا، لن يعود أهلها”. وختم صائب حديثه: “الأمل في سوريا يبقى بيد الله، وحمى الله ما تبقى من سوريا ومن تبقى من أهلها”.

وأما بالنسبة لسجى فيض الله، وهي من مدينة إدلب وتبلغ من العمر 49 عاماً وتعمل كمعلمة للفنون في مدرسة دبي الدولية في دبي – فرع القوز، فقالت إنها متفائلة بشأن الحرب السورية، ولكنها أكّدت على صعوبة العيش في سوريا بالرغم من شوقها لها. وأضافت: “لا أستطيع رؤية ما دمّرته الحرب السورية، فلدي ذكريات جميلة في ريف إدلب ولا أريد أنْ أبدّل هذه الصورة في مخيّلتي”. وذكرت فيض الله أنّ لديها أخ في محافظة حلب لم تره منذ بداية تفشي فيروس كورونا، وأخت في أريحا التابعة لريف إدلب لم ترها منذ بداية الحرب السورية؛ لسوء أوضاعهم المادية.

الحرب السورية في تقارير منظمة الأمم المتحدة:

ذكرت منظمة الأمم المتحدة أنّ الحرب الأهلية السورية أودت بحياة 12,000 طفل سوري تقريباً حتى هذا العام، أي طفل واحد كل ثماني ساعات على مدى السنوات العشر الماضية.

وبين عامي 2011 و2020، تم تجنيد أكثر من 5700 طفل للقتال، من بينهم أطفال دون عمر السبع سنوات. وفي تلك الفترة، تعرضت أكثر من 1300 منشأة تعليمية وطبية للتفجير، بما في ذلك الأشخاص الذين يعملون هناك. نتيجةً لذلك، تشهد سوريا واحدة من أكبر الأزمات في التاريخ الحديث، حيث يوجد حوالي 3.5 مليون طفل سوري خارج المدرسة.

إضافةً إلى ذلك، يعتبر الوضع في المناطق الساخنة – المتنازع عليها، حيث لا يزال ملايين الأطفال نازحين، مقلق، وبخاصةً بعد فرار العديد من العائلات من العنف بحثاً عن الأمان، وانتهى بهم المطاف في خيام وملاجئ ومبانٍ مدمّرة.

وبحسب ما ذكرته منظمة الأمم المتحدة فإن هناك حوالي 13.4 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات انسانية، بزيادة 20% عن العام الماضي.

المساعدات الإماراتية لسوريا:

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول السبّاقة لمساعدة الشعب السوري. فمنذ بداية الحرب في سوريا إلى الآن، قدّمت دولة الإمارات مساعدات انسانية وتنموية تقّدر بحوالي 3.81 مليار درهم إماراتي، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام). وذلك بهدف تلبية احتياجاتهم الضرورية وتوفير الخدمات الأساسية من التعليم والصحة والإسكان والكهرباء وغيرهم. ومن أحدث المساعدات لسوريا كانت وصول قافلة مساعدات برية من “الهلال الأحمر الإماراتي” إلى دمشق بتوجيهات من الشيخ حمدان بن زايد، رئيس هيئة الهلال الأحمر؛ للحد من تفشي فيروس كورونا في سوريا.

وفي هذا السياق، أبدت الدمشقية سيدرة اللو، طالبة في الجامعة الأمريكية في دبي وتبلغ من العمر 20 عاماً، حزنها تجاه الحرب السورية، مؤكدةً أنّها جاءت إلى دولة الإمارات لتبني مستقبلها وأنّها ستعمل جاهدةً لإحضار عائلتها من دمشق إلى دبي، حيث الأمان والطمأنينة.

                                                                                        مقابلة خاصة مع الطالبة سيدرة اللو ، دبي، 30 مارس 2021،  إعداد ميسا عيد

من احتجاجات سلمية إلى حرب متعددة الأطراف: كيف بدأت الحرب السورية؟

بدأت أحداث الحرب السورية عندما كتب الطفلين معاوية وسامر صياصنة على جدران مدرستهما في درعا “حرية.. يسقط النظام” في السادس من آذار (مارس) عام 2011. وكانت سوريا متأثرة بأحداث الربيع العربي التي اندلعت في الوطن العربي في العام نفسه، وبخاصة الثورة التونسية والمصرية اللتان انتهتا بإسقاط الرئيسين.

وبدأت الانتفاضة السورية في 18 آذار (مارس) في عام 2011 عندما خرج متظاهرون في مدن سورية عديدة مطالبين بإطلاق الحريات وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون، ومن ثم زادت هذه الاحتجاجات تدريجياً لتصبح معارضةً لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد. وشرع عناصر من الجيش السوري بإطلاق الرصاص على المحتجين وباتت الحرب السورية حرباً دامية.

ونتيجةً إلى الحرب، تشكلت العديد من الفصائل التي تناحرت فيما بينها وبين الجيش السوري، مثل الجبهة الإسلامية – جماعة متمردة إسلامية، وقوات سوريا الديموقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية، أو ما يعرف بداعش، بالإضافة إلى الجيش السوري الحر وجيش النظام السوري. وتلقت جميع الأطراف المتنزاعة دعماً متفاوتاً من دول خارجية.

وهناك العديد من الدول التي تدخّلت في الحرب السورية، فالداعمان الأساسيان للحكومة السورية هما روسيا وإيران. وعلى الصعيد الآخر، تدخّلت تركيا وأمريكا في الحرب السورية لحماية مصالحهما، وقدّمت المملكة المتحدة وفرنسا ودول غربية أخرى مستويات مختلفة من الدعم للشعب السوري.

“بالرغم من قساوة الحرب، مازال حلم العودة مشرقاً في قلوب السوريين” بحسب ما ذكره اللاذقاني سامر زاهر، الموظف في دائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبوظبي والذي يبلغ من العمر 35 عاماً. وأضاف زاهر أنّه مستعد للعيش في سوريا سواءً في فترة الحرب أو عدمها، “فمهما اشتد الألم، ستفرج في النهاية”. وقال إنّ آخر زيارة له لسوريا كانت من قرابة السنة ونصف السنة، فالعامل الوحيد الذي يمنعه من زيارة سوريا الآن هو فيروس كورونا. وأكّد زاهر: “الأمل تجاه إنهاء النزاع السوري لم يتزعزع في قلبي”.

                                                                                                                    في أحد شوارع حلب – سوريا، مارس 2021، تصوير حلا حاج طالب
Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM