صوت الإعلام في الجائحة: الأولوية للسرعة أهم أم الدقة؟

ريتشارد كويست وفيصل عباس أثناء الندوة الافتراضية. سارة بوري
في المحاضرة الافتراضية التي نظمتها الجامعة الأمريكية في الشارقة بالتعاون مع مهرجان أبو ظبي، وبإشراف منتدى القيادات الإعلامية الشابة، تحت عنوان “أصوات الإعلام من الجائحة” خلال الخامس عشر من الشهر الجاري. استضافت الفعالية كلاً من ريتشارد كويست مراسل المال والأعمال لدى سي إن إن (CNN)، وفيصل عباس رئيس تحرير جريدة “عرب نيوز” (Arab news) ليتحدثا عن خبراتهما والتحديات التي واجهتهما شخصيا وعلى مستوى بيئة العمل خلال الجائحة، وهو الشأن الذي مازال مستمراً إلى يومنا هذا. أدار النقاش أمنية صالح المذيعة في إذاعة بالس 95 راديو (Pulse 95 Radio) أولى الإذاعات الناطقة باللغة الإنجليزية في الشارقة. كان التساؤل الذي شغل المحاضرين وبه افتتحت صالح نقاشها: أولوية نقل الخبر في الجائحة للسرعة أو الدقة؟ بعبارة أخرى: الخبر يحتاج إلى السرقة والدقة، لكن في ظل الظرف الاستثنائي، فبالتأكيد ثمة معايير جديدة لنقل الخبر.
طاقم إخباري من شخص واحد
في هذا الصدد، افتتح ريتشارد كويست حديثه بسؤال في غاية الأهمية: “كيف يمكن أن تعمل من البيت وأنت تطلع على الهواء
مباشرةً؟” برنامج كويست الذي يعرض على شبكة سي إن إن المختص بشكل خاص في التغيرات الاقتصادية بالإضافة إلى عمله في القسم الدولي للشبكة واجه عددا من الظروف، على إثرها تعلم كويست الكثير من التقنيات التي تمكنه من الطلوع على الهواء، دون حاجة إلى طاقم كامل، حتى يستطيع تقديم الأخبار، بالأدوات المتاحة. يحكي كويست: “في أحد المرات قلت لا بد أن أتصرف، وضعت الأجهزة التي تنقل البث في البيت، كانت لدي مشكلة إضاءة، ففكرت لم لا أجعل مكان البث من سطح البيت وهو ما فعلته، حتى تدريجياً تعلمت كيف أضبط الإضاءة”
الدرس المستفاد بالنسبة إلى كويست، لم يكن القصة الجيدة “لأن العثور على القصة لم يكن أمراً صعباً، التحدي الجديد الذي واجهناه هو كيفية بثها على الهواء” لم تكن مشكلة كويست أبدا في الدقة، إذ أنها متاحة دائما، لكن بحكم تجربته فالسرعة كانت مطلوبة وسط حالة “الفزع العامة” الموجودة في العالم أجمع الآن. يرى كويست أن السؤال حول الدقة أو السرعة لم يكن هو التحدي، فالأخبار الصحيحة موجودة بالفعل ويمكن التأكد من صحتها بأدوات التثبت من الخبر المعلومة في كل وكالات وشبكات الأخبار. لكن نقلها على وجه السرعة مع قواعد التباعد الاجتماعي كان هو الذي اضطره لتعلم تقنيات البث، وعلى صعيد شخصي واجه كويست الكثير من العقبات لينقل الخبر “في موعده” منها مثلا خوض “خمس اختبارات PCR للكورونا في ٤٨ ساعة تنقلت فيها بين عدة دول”.
المحترفون يذللون الصعاب
بالنسبة إلى فيصل عباس رئيس تحرير جريدة عرب نيوز فالجائحة غيرت من ديناميكية نقل الأخبار، ويفتتح كلمته باقتباس من نيويورك تايمز “البالغون يبحثون عن الاستراتيجية، والمحترفون مشغولون في الإجراءات”. بالنسبة إلى عباس: “هذا هو ملخص ٢٠٢٠”.
كرئيس تحرير لجريدة يومية، يوضح عباس أنه “واجه الكثير من المشكلات التقنية، ليس بالطبع بحجم المشكلات التي تواجه البث الحي كما شرحه ريتشارد، لكن لنتذكر أننا لم نعد في الثمانينيات ونكتفي بطبعة واحدة، لكن لدينا السوشيال ميديا وضرورة أن ننقل الأخبار الموثوقة والحصرية على منصاتنا فيها”. ففي رأي عباس أن السرعة مطلوبة كمسؤول عن منصة خبرية، لكن الأهم هو دقة الخبر. كان السؤال أمام عرب نيوز هو “هل نحرص على السرعة في التغطية أم في الدقة، خاصة وأن كل المصادر الموثوقة أصبحت بشكل ما غير موثوقة! فالكل متأثر بالجائحة”. هذا التحدي الكبير تجاه دقة الخبر جعل من غرفة الأخبار في عرب نيوز مهمتها في تدقيق سيل الأخبار، بشرط أساسي هو عدم “نشر شائعات” ويستشهد بما راج في بدايات الجائحة: “كنا نعتقد أنه لا يعدي الصغار، واكتشفنا أنه يعدي الصغار، باختصار لأنه لا معلومات وافية، كانت الدقة أمرا أقرب للمستحيل”.
وأضاف عباس شارحا أهمية الدقة بالنسبة إليه كرئيس تحرير: أنت تواجه شيئا تأثر به العالم أجمع، يشرح عباس “معنى ذلك أنك دخلت في منافسة للأخبار الحصرية مع كل الجهات الإعلامية على الكوكب” السرعة وحدها كانت بالطبع ستكفل عدد زيارات كبير كما حدث في بداية الجائحة “وزادت نسبة زيارات موقع عرب نيوز ٨٥٪”، لكن في النهاية القراء يريدون المعلومة الصحيحة.
قواعد جديدة لعالم جديد
الجائحة وضعت قواعد جديد للعمل الصحفي، أهمها التصرف بالإمكانات المتاحة لأجل القدرة على نقل الأخبار للجمهور. الاختلاف بين كويست وعباس في النهاية هو اختلاف وسيط ونوعية خبر. فريتشارد كويست كمراسل اقتصادي يتعامل مع الأرقام في ظل الجائحة فمصادره نوعية ومعلومة، لكن بالنسبة إلى بث تلفزيوني فالتحديات التقنية كبيرة لذلك فالسرعة مطلوبة. أما بالنسبة إلى عباس ونظرا لموقعه كرئيس تحرير، يستهدف القارئ الذي يريد أن يعرف “كل شيء متعلق بالجائحة” فالدقة وسط فيض “الأخبار الكاذبة” هو الفيصل.