صالات السينما بين نارين: الكورونا والمنصات الرقمية

صورة تعبر عن خطر السينما عالمياً، من موقع أنسبلاش

مع بدايات عام 2020 تشهد البشرية حدثها الاستثنائي مع الجائحة. حيث تم إغلاق موسع وفي جميع أنحاء العالم لصالات السينما للسيطرة على الفيروس الذي أصاب البشرية، مما جعل من التحديات التي تواجهها الصناعة، تكون صراعاً على الوجود والبقاء.

“بدأنا العودة إلى السينما بنسبة إشغال للصالات 30%، ثم ارتفعت إلى 70% ثم الآن قللنا إلى 50% من طاقة الصالات” تشرح، نورا محمد، الموظفة بعمليات إعمار للترفيه، أن الخدمة التي تقدمها “ريل سينما” كانت واعية بحجم التغير الذي أصاب العالم اليوم. وتكمل نورا: “نعم، الإقبال تأثر، لكن أعتقد أن هذه المسألة مؤقتة، فلا بديل عن متعة التجربة السينمائية”.

على صعيد عالمي، وبعد عام من الإغلاق المؤقت على أمل عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي، وبحسب موقعهم الرسمي “آركلايت سينما” التابع لشركة “ديكوريون” الأمريكية، وهي واحدة من الشركات التي تعود ملكيتها لصالات السينما لستينيات القرن الماضي، ومالكة سلاسل “آركلايت” و”باسيفيك سينما” في مدينة لوس آنجلوس، أن هذه الصالات سوف تغلق بشكل دائم وأضافوا أنه: “بعد أكثر من عام من إغلاق صالاتنا، لم يعد بإمكاننا الاستمرار، ولم تكن هذه هي النتيجة التي نريدها”

صراع لأجل البقاء

المنصات الرقمية مثل نتفلكس، وأمازون برايم وهولو وغيرها، بحسب الدكتور عز العرب علوي، أستاذ السينما والمخرج المغربي، “كانت ومن قبل الجائحة قد بدأت الاستحواذ على الصناعة دون وجود الوسيط التقليدي الكلاسيكي وهو الصالات، وبدأت تزاحم الشركات الكبيرة في المحافل السينمائية العالمية. مما حدا شركات الإنتاج الكبيرة مثل ديزني ووارنر بروز إلى إطلاق منصاتها الرقمية الخاصة بها”.

أيضا، بحسب علوي، وخلال فترة الحجر الصحي وذروة نشاط جائحة كورونا في عام 2020، تم عرض أفلام لأول مرة على المنصات الرقمية، ففي الصين عُرض أحد الأفلام الرئيسية مباشرة على منصة ترفيه رقمية حيث شاهده أكثر من نصف مليار مشاهد. وأضاف علوي “كما تم عرض الجزء الثاني من الفيلم الأمريكي المرأة الخارقة “واندر وومان” على منصة “إتش بي أو ماكس” الرقمية المملوكة لشركة وارنر بروز، في نفس يوم عرضه في ديسمبر الماضي بـ 200 دار سينما في الولايات المتحدة وكندا حيث تضاعفت ساعات عرضه رقمياً 3 مرات، بمعدل مشاهدة نصف مليون متفرج في الثلاثة أيام الأولى فقط”. أما عربياً، يختم علوي “شهدت منصة “شاهد” الرقمية لأول مرة عربياً عرض أول فيلم دون عرضه في الصالات وهو فيلم “صاحب المقام”.

السينما أصبحت في البيوت، صورة من موقع أنسبلاش

طقس السينما في مهب الريح

فيما يبدو أن الجائحة العالمية قد عجلت من المحتوم في مستقبل صناعة السينما، حيث بديل الخروج والذهاب إلى الصالات هو الجلوس في البيت ومتابعة المنصات الرقمية، وهو الذي كان شُغلاً شاغلاً للمهتمين بالسينما في مختلف أنحاء العالم، وظهر السؤال الذي كان محطاً للنقاش والاختلاف وهو: هل المنصات سوف تقضي على الصالات للأبد، أم أنها مجرد تقليعة لن تقدر على مجابهة الطقس السينمائي المهيب في الخروج بغرض المشاهدة؟ الإجابة على السؤال بالنفي تأتي من الفئات التي مازالت متعلقةً بالطقس وترى أنه لا بدائل منطقية له. لكن الأرقام كما في الإنفرجرافيك التالي تبين حجم المشكلة في الصناعة عربياً.

الإحصائيات من مقابلات شخصية، بتاريخ 2 أبريل،2021

أيضا قمنا بتوجيه السؤال لعدد من السينمائيين العرب في بودكاست نقاشي حول مستقبل الصالات.

التجربة السينمائية أبقى

البيان يطلق صيحة تتواءم مع عنوان “السينما في خطر” التي لم تتوقف، وهي الصيحة التي أطلقها سينمائيون عندما ظهر أول فيلم ناطق عام 1927 باعتبار أن السينما فن بصري فقط. ثم تكررت نفس العبارة مرةً أخرى عام 1939 مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، غير أن السينما كانت واحدةً من الأدوات التي استخدمت في الترويج للمعسكرات المتحاربة، بل لم تغلق الصالات في ذروة الحرب والقصف على المدن الأوروبية المختلفة وصمدت الصناعة.

صالةٌ أو دون صالة، أثبت الفن طوال عمره وهو عمر الإنسانية كلها أنه شيء قادر على مواجهة أعتى الظروف الإنسانية والطبيعية. والسينما كتجربة فنية لها متعتها الخاصة، وتقدر أن تبقى، في البيت كانت أو خارجه. وهو ما يتفق معه كاتب السيناريو المصري محمود دسوقي حيث أكد أن الصناعة تمر بتغيير جذري هذه الأيام، وأضاف “في كل الأحوال كنا متجهين إلى البلاتفورم، هذه مسألة محتومة في رأيي، صحيح أنني مازلت منحازاً إلى التجربة السينمائية في الصالة. لكن هذا هو واقع الحال وعلينا قبوله”.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM