دينا فاعور: بعيداً عن صفوف الدراسة، قريباً من القلب

بابتسامتها العريضة، ووجهها الذي تكسوه حلّة من التفاؤل استقبلتني الأستاذة دينا فاعور في مكتبها الذي طالما فتح ذراعيه للطلاب الذين لا يتوقفون عن زيارتها لسؤالها عن درس، فكرة أو عمل فنيّ. كيف لا وهي التي اعتادت على التحكم بجبروت الألوان و إخضاع الفرشاة (الإلكترونية) لسنوات عديدة تنقلت فيها بين لبنان واستراليا ودبي .
في هذه السطور نكتشف الكثير عن الأستاذة دينا فاعور المصممة الجرافيكيّة والأستاذة في كلية الاتصال المرئي “Visual communication” في الجامعة.
دينا الأستاذة والفنانة
تركتِ وطنكِ لبنان وسافرت إلى استراليا في سبيل دراسة التصميم الإلكتروني ، فمتى بدأ هذا الشغف للتصميم ؟
درست التصميم حتّى مرحلة البكالوريوس في لبنان، ومن ثم انخرطت في مجال العمل في عدة شركات للتصميم لكن شغف الاستطلاع وحب التجديد أعادني إلى مقاعد الدراسة من جديد، فسافرت إلى استراليا للحصول على الماجستير في التصميم الإلكتروني.
بالعودة إلى طفولتي وصباي، كانت كل المؤشرات ترجّح احتمالية دراستي لفرع من فروع الفن أو الأدب كالرسم أو التصميم أو الكتابة ، (تضحك هنا) حيث أني كنت فاشلة في دراسة الفيزياء والعلوم. وعند دراستي للتصميم أخدت بعين الاعتبار كوني ممارسة هاوية للرسم منذ الطفولة، كما أنّني وجدت في التصميم فرعاً جديداً لم أعرفه من قبل، مما زاد حماستي لتجربة الدراسة.
ماهي أبرز الصعوبات التي واجهتكِ خلال دراسة التصميم؟
إن أصعب ما واجهته هو نظرة المجتمع للتصميم كمهنة، إذهناك شيء من الضبابيّة يعتري صورة المصمم ومهنته. فكثيراً ما كنت أواجه أسئلة من نوع “إنتي شو بتدرسي ؟ و شو بتعملوا ؟ وكيف يعني بتصمموا ؟”. كما أننا نجد كمصممين شيئاً من قلة التقدير لما نقوم به رغم أننا نخطط ونصمم وفقاً لاستراتيجيات مدروسة وعن وعي بما نفعله من الألف إلى الياء. وأذكر أني أيام الجامعة كنت أعاني من صعوبات الدراسة المتعلقة بضغوطات الوقت و التعب الجسدي والنفسي الذي يقف أحياناً في وجه قدرة الفرد على الإبداع والابتكار .
عملت تصميمات لصالح عدة شركات كبرى مثل BMW و Nivea و L’Oréal، كيف انتهى بكِ المطاف إلى أمريكية دبي كأستاذة ؟ وما الفرق بين العمل كأستاذة والعمل كموظفة في شركة؟
في الحقيقة أنّني كنت أعمل لشركات مختصّة بالتصميم مثل (فورتشن برومو 7) و (هاكو هودو) و عن طريق هذه الشركات كنت أقدّم تصميمات لكل من الشركات التي سبق ذكرِتها مثل BWM وغيرها . عملت لفترة طويلة في السوق كمصممة، لكن ، عند خوضي لتجربة الدراسة في استراليا، تعلّقت كثيرًا بأساتذتي وأحببت تجربتهم في التدريس وبدأت أفكر جديّاً بالتكرّس لهذه المهنة بعد الحصول على الماجستير، فكانت الوجهة الأولى هي دبي، لأني أعيش قصة حب مع هذه المدينة.
لاشك أنه هناك فرق كبير بين العمل كأستاذة والعمل كموظفة، ففي عملي كأستاذة أشعر أنّه هناك رابط روحيّ بيني وبين تلاميذي قلّما أجده في وسط العمل حيث يسود التنافس وحب إثبات الذات. هنا في الجامعة، أرى نفسي في عيون طلابي وهو إحساس لا يوصف.
لو لم تكوني مصممة جرافيكس، فماذا تودين أن تكوني؟
كاتبة بلا شك.
لكل مصمم من يلهمه، فمن يلهم دينا فاعور ؟
يلهمني أساتذتي الذين أحرص على متابعة أعمالهم، منهم الخطّاط الأستاذ سمير الصايغ. كما يلهمني طلابي كثيراً.
يرى البعض أن فن التصميم الإلكتروني لا يرقى لمنافسة الفنون الجميلة الأخرى، كالرسم والنحت و الكولاج، فما رأيك في هذه القضية؟
أرى أنه لكل نوع من أنواع الفن نكهته،جماله وأهميته، والفنون الجميلة تعبّر بعمق عن حالة خاصة بالفنان، وهي تجربة حرّة غير مقيّدة بأيّة قيود. لكن فنون التصميم الإلكتروني هي فنون أكثرانضباطًا واهتماماً بالمجتمع تحاول أن تجاوب حاجات تسويقية معينة مع الحفاظ على لمسة الإبداع والتفرّد.
ما الذي يعجبك في طلاب الاتصال المرئي؟ وكيف تنظرين إلى فرصهم في المستقبل؟
في البداية أحب أن أصرّح أنّني فخورة جداً بالطلاب، وأحب فيهم – وفي بقية طلاب الجامعة – أخلاقهم العالية و تعاملهم الراقي. وأخص طلابي بالقول أني أحب إبداعهم وإخلاصهم في العمل تحت كل الضغوط و حماستهم للتعلم. أجد أن فرص طلاب الاتصال المرئي كبيرة و ميدانهم واسع، ونحن بدورنا نحاول دمجهم في بيوت التصميم وشركات الإعلان ليثبتوا وجودهم، لكن عليهم الحرص على جودة الإنتاج ليضمنوا جودة العمل و جهة العمل التي يمكن أن يلتحقوا بها مستقبلاً.
ما الذي تودين تغييره في طلابك؟
أتمنى منهم فقط أن يحسنوا إدارة الوقت و يُتقنواالتخطيط لما يفعلون، وأنصحهم بالدئب على المطالعة لصقل معلوماتهم.
دينا الإنسانة والمغامرة
هل لنا بلمحة بسيطة عن حياتك العائلية؟
أمي وأخي هما عائلتي و سلوتي في هذا العالم. كما أن بنات أخي الاثنتين ليلا وريحانة هما غرامي وحبي الأبدي.
بعيداً عن حاسوبك ومكتبك، أين يمكن أن نجد دينا فاعور ؟ وما هي الهوايات التي تمارسينها؟
في الواقع أنه من الصعوبة بمكان أن تجديني بعيداً عن حاسوبي الذي أصبح في متناول يدي ( تشير إلى هاتفها ضاحكة ) “بعد باقي الغسيل ما غسلناه عالتليفون”. يرجّح أن تجديني في السينما، فأنا من هواة الشاشة الفضية. هواياتي كثيرة أهمها وأقربها إلى نفسي الكتابة، لكنني أحتفظ بكتاباتي لنفسي.
لم تحتفظين بكتاباتك لنفسك؟ ألا تعتقدين أن مشاركة الآخرين فيما تكتبين قد ساعدك على التحسن؟
الكتابة عندي هي تجربة خاصة جداً، فهي ارتبطت بثمانية عشر عاماً من الحرب في لبنان، حينها كنا تختبئ في الملاجئ دون أن نجد ما يؤنسنا سوى الورقة والقلم.
ما أكثر ما يبعث فيكِ التفاؤل ، وأكثر ما يبث فيك الخوف؟
أتفاءل حين أرى طلاّبي ساعة التكريم في حفل التخرّج، وعندما أرى أبناء أخي حولي. أما الخوف، فيعتريني حيال الجهل، حيث أجد أن الجهل سبب كل المشكلات في هذا العالم، كما أني أخاف الحروب.
عادة ما يخرج البشر من الحروب بذكريات أليمة، وأوجاع عقيمة قد تؤثر في مسيرة حياتهم فكيف تجاوزت كل هذا؟
تجاوز الحرب كان بالنسبة لي قراراً جريئاً وواعياً اتخذته لطيّ صفحة الماضي والمضي قدماً في الحياة، ربما لقناعة منّي أن الحياة يجب أن تستمر تحت كل الظروف.
هل سبق وأن تعرضت لموقف محرج أو طريف ، حدثينا عنه؟
أحرص دائما على خلق فسحة من الفكاهة في يومي، فنحن جميعاً بحاجة إلى شيء من الفرح في كل يوم ليخفف عنا وطأة وأعباء الحياة وأشعر بالأسى لمن لا يبتسم دائماً. مواقفي الطريفة والمحرجة لا تنتهي. أذكر مرة أنّني دخلت الصف وإذا بأحد الطلاب يشتكي من أنه ليس لديه قلم فما كان مني إلا أن وبّخته كونه طالب تصميم، ويعد القلم من أهم أدواته التي يجب أن تكون معه دائماً. بعدها أردت أن أسجّل حضور الطلاب، فإذا بي اتنبه لكوني لا أحمل قلماً معي أنا الأخرى، شعرت عندها بالإحراج والرغبة في الضحك معاً.
عالسريع
أكلتك المفضلة: مقلوبة
لونك المفضل: كل الألوان وعلى رأسها الأحمر
مكانك المفضل: البحر
كتابك المفضل: مجموعة كتب للكاتبة إيميلي رزق الله موقّعة منها، فزت بها في مسابقة للقصص القصيرة.
مصممك المفضل: توني فراي وهو أستاذي الذي أحب نظرته عن مستقبل التصميم
و سمير الصايغ وهو خطاط لبناني معروف ساهم كثيراً في تنمية حبي للتصميم
مقولتك المفضلة : لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ، عارٌعليك إذا فعلت عظيم
فيلمك المفضل: فيلم شاهدته أيام الحرب اسمه (صوت الموسيقى) لجولي أندروس
موسيقاكِ المفضلة: الجاز واللاونج والموسيقى العربي بشتى أطيافها وخصوصاً كوكب الشرق أم كلثوم
Please follow and like us: