“خلي الروتين ينفعك”

“ما في شي جديد، روتين متل العادة”، جملة تكررت عند سؤالنا لعدد من الطلاب في الجامعة الأمريكية في دبي عن حياتهم اليومية والدراسية، مؤكدين أن الروتين ونمط الحياة المتكرر لا يتغير بمرور الأيام. بناءاً على ذلك، قمنا بعدد من المقابلات مع بعض المختصّين في قسم الإرشاد النفسي والأسري، لنعرف إذا ما كان الروتين اليومي هو بالسلبية التي يراها الطلاب، أم أنه يحمل في جعبته بعض الإيجابيات التي لا يعلم بها البعض؟
كطالب جامعي، ما رأيك “بالروتين” وكيف أثر على حياتك اليومية؟
يعتبر بول قربان (طالب هندسة مدنية) أن “الروتين أصبح نقطة سوداء في حياتي ويحدد مسار الأحداث اليومية المتكررة من الدراسة إلى الدوام الجامعي حتى الأصدقاء، الذين بات جلوسي معهم نوع آخر من أنواع الروتين”.
أما غزل حاتم (طالبة إعلام)، فأكّدت أنها تحاول التخلص من الروتين اليومي الذي “يجعل من أجمل الأشياء أكثرها مللاً”، إلا أنها بسبب ضغوط الدراسة والعمل فلا تستطيع التخلص من الروتين بنشاطات أخرى، فباتت “الحياة اليومية مصبوغة بلون واحد، وأصبحت الأحداث متكررة ومتوقعة”.
وأعرب الطالب مارون الحايك (طالب هندسة مدنية) أن الروتين “أصبح جزءاً أتعايش معه في حياتي اليومية، فلا أسعى للتخلص منه إلا بالسفر في نهاية الفصل الدراسي”.
هل الروتين بالسلبية التي يظهر فيها للبعض؟
تعقيباً على ذلك، أعربت المرشدة النفسية والأسرية لمى الصفدي، أن “الروتين يؤدي
بالعديد من الطلاب الذين لديهم تقدير سلبي لشخصياتهم إلى سيطرة هذه الفكرة عليهم، ما يجعلهم يركزون أكثر على السلبيات بدلاً من الإيجابيات في فكرة الروتين والأحداث المتكررة”. وأضافت الصفدي “الأنظمة الدراسية التي تعتمد على الأمر والنهي وخاصة في المدارس أكثر منها في الأماكن الأخرى تساهم في خلق نوع من التوتر”، مشيرة إلى أنّ “مفهوم التعليم يدخل دائرة الروتين، فهو متعارف عليه لدى العديد أنه نتيجة لا هدف”. كذلك أكدت أن مفهوم “التفكير الإيجابي” أُدخل على منظومة الروتين حديثاً للتخلص من الأفكار السلبية المرتبطة بالممارسات المتكررة والأحداث اليومية للفرد.
وأشارت رئيسة المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في دبي، نيللي حلبي، إلى أنّ تعريف الروتين لدى الفرد يلعب دوراً في تحديد وجهة النظر تجاه الفكرة، فلا وجود للروتين إلا عندما يمتنع الفرد عن ممارسة أي جديد لسنوات عديدة وهذا “شبه مستحيل”. ووضعت حلبي الفكرة تحت منظومة “تنظيم للوقت” باعتبارها تفسير أفضل لما يمر به الطلاب. وأكدت حلبي، “أن فكرة الروتين تخدع الطالب وتضعه في إطار سلبي للممارسات اليومية التي لا بد من القيام بها من النوم والعمل والدراسة، فيدخل الطالب دائرة الروتين عندما يفقد أهم سبب للمضي قدماً ألا وهو الهدف”. فتبعاً لحلبي، وجود هدف معين لأي عمل يومي يجعله ذا قيمة للفرد، مخلّصًا إياه بذلك من عنصر الملل والرتابة التي يتذمّر منها الطلاب.
هل تودي فكرة الروتين بالطلاب إلى الدخول في حالة اكتئاب؟
أكّدت حلبي أن حالات الاكتئاب -ومن أعراضها النوم المتواصل- لا تحدث عادة بسبب الروتين اليومي، بل بسبب انعدام وجود هدف معين للطالب على مستوى الدراسة أو الحياة اليومية. وأضافت أن اتباع روتين معين قد يقلل من حالة “الضياع أو الملل” التي يمر بها الطلاب، ويعطيهم دافعاً للاستمرار دون الشعور بالإحباط من التكرار. وشدّدت على أن هناك العديد من الطرق التي يمكن اتباعها للتخلص من الروتين، ونمط الحياة المتكرر، يتمثل أهمها في “وضع جدول معين للدراسة يومياً، مع تخصيص فرص قصيرة للاستراحة بين كل ساعة أو ساعتين من الدراسة المتواصلة”.
“ما في شي جديد متل كل يوم” ستبقى ربما الجملة الأكثر شيوعاً لدى البعض، ولكن ماذا إن كان “كل يوم” يوم مثمر ومفعم بالحيوية والنشاط حتى عند القيام بأبسط الأعمال اليومية؟
الصورة: دينا فياض