حين يكون قانون حق الحصول على المعلومات قيداً على الصحافة

تقرير: سالي عايش ورنا صقر
يواجه صحفيون أردنيون عقبات كبيرة وقيوداً شديدة لجهة الحصول على المعلومات، على الرغم من أن الأردن كان أول دولة عربية تقر قانون الحق في الحصول على المعلومات عام 2007.
تظاهرة في الأردن ضد قانون الجرائم الإلكترونية
وأتاح قانون الحق في الوصول الى المعلومات، بحسب الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، “لجميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وجمهور الناس دون تمييز، عن طريق النشر الحكمي أو بطلب، حق الوصول الى جميع المعلومات والمستندات العامة التي لم تعد سرية، مع بعض الاستثناءات المحددة حصراً”. هذا الحق يتضمن أيضاً طلب تصحيح المعلومات الشخصية في الحالات المحددة قانوناً.
ويعتبر الحقّ في الوصول إلى المعلومات أحد أعمدة تعزيز الشفافية وحماية كاشفي الفساد، كما ورد في “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” لعام 2003 التي وقّعت عليها عدة دول عربية.
وتنحصر القيود في الحصول على المعلومات في الأردن على بعض مواد القانون، وأبرزها المادة (17) التي تنص على أن “تختص محكمة العدل العليا بالنظر في قرار رفض طلب الحصول على المعلومات، على أن تقدم الدعوى من مقدم الطلب ضد المسؤول خلال (30) يوماً من اليوم التالي لتاريخ انتهاء المدة الممنوحة بموجب هذا القانون للإجابة عن الطلب أو رفضه أو الامتناع عن الرد عليه”، بحسب موقع وزارة الداخلية الأردنية.
وأكد مدير قسم الأخبار في قناة “رؤيا” التلفزيونية سعد حتر، لمعدتيْ هذا التقرير، أن “غالبية طلبات الصحفيين ذات طابع فوري وتستلزم استجابة سريعة، نظراً لأن الأخبار عادة ما تكون جديدة، والتأخر في الحصول على التصريحات الحكومية يُفقدها قيمتها، مما يجعل الوصول إلى المعلومات في الوقت المناسب تحدياً مستمراً للصحفيين”.
مدير قسم الأخبار في قناة “رؤيا” التلفزيونية سعد حتر
كما أشار حتر إلى أنه في بعض الأحيان، لا يتماشى الرد مع ما يطلبه الصحفي، “حيث قد يتعلق الأمر بقضية معينة ويأتي الرد غير مرتبط بالمطلوب أو يكون هامشياً”.
المعلومات أساس الديمقراطية
وفي سياق متصل، يشدد وزير الإعلام الأسبق الدكتور مروان المعشّر على أن “حق الحصول على المعلومة هو أساس للدولة الديمقراطية”، موضحاً لمعدتيْ هذا التقرير، المقدم لمسابقة أريج “صحافة بلا قيود”، أن هذا الحق يرتكز على التزام المسؤولين والحكومات بتزويد المواطنين والصحافة بالمعلومات الضرورية، بما يضمن أن يبقى الناس على دراية كاملة بكل ما يحدث، دون المساس بالأمن الوطني أو تسريب معلومات بالغة الحساسية”.
وزير الإعلام الأردني الأسبق مروان معشر
ويرى المعشر، الذي كان وزيراً للخارجية ورئيساً للديوان الملكي الأردني، أن الديمقراطيات لا تكتفي بوجود ناطق رسمي للحكومة، بل يجب أن يكون هذا الناطق مدعوماً بمعلومات دقيقة ومحدثة، ويعمل على الحفاظ على اتصال مستمر مع الصحافة من خلال مؤتمرات صحفية يومية تقريباً”.
وبخصوص مسألة المعلومات الحساسة، يرى الخبير في التشريعات الإعلامية يحيى شقير، أن القوانين الأخرى، مثل قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة 1971، تُعد من أبرز العوائق أمام تطبيق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات”.
الخبير في التشريعات الإعلامية يحيى شقير
وتطرق شقير إلى أن التعديل الجوهري على القانون يكمن في المادة التي تسمح لأي مقيم في الأردن بطلب الحصول على المعلومات، معتبراً أن “هذا التعديل إيجابي، إذ يجب أن يكون هذا الحق متاحاً للجميع”.
خطوتان إلى الخلف
وفيما يتعلق ببناء الثقة بين المواطنين، بما فيهم الصحفيون، والمؤسسات الحكومية، أشار شقير إلى أن “هذا البناء يشبه مؤشر البورصة، حيث يرتفع وينخفض. فهناك إجراءات حكومية تعزز الثقة، لكن تُتبع بأخرى تضعفها، مما يذكرنا بكتاب لينين (خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف)”. كما أعرب عن أمله بـ”ضمان حرية الرأي والتعبير كما ينص الدستور، وإجراء إصلاحات جذرية للقوانين المقيدة للحريات، بدلاً من حلول جزئية”.
وعلاوة على توفر المعلومات، ففي نظر المعشر فإن من الضروري أن تكون تلك المعلومات موثقة، حيث تُعد الأرشفة الجيدة للمعلومات علامة بارزة في الدول المتقدمة. يقول إن “التوثيق يمكّن الصحفيين من الاطلاع على الوثائق والمعلومات الضرورية، مما يجعل حق الحصول على المعلومة حقاً عملياً، وليس مجرد حق نظري”.
بمناسبة اليوم الدولي لحق الحصول على المعلومة، رعى وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة، في 25 سبتمبر 2024 افتتاح ورشة عمل بعنوان “نحو حكومة شفافة في الأردن: دور منسقي المعلومات في التنفيذ الفعال لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات”.
وأكد الرواشدة، حسبما نشرت صحيفة “الغد”، على تعديل القانون الذي تم إقراره في مارس 2024، جاء يجعله قانوناً عصرياً يتماشى مع المعايير الدولية، مشدداً على أن الحق في الحصول على المعلومة هو حجر الأساس لحرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور الأردني، وهو أيضاً من أهم حقوق الإنسان التي لا يمكن التنازل عنها.
ويترافق الحق في الحصول على المعلومات مع حرية الصحافة والتعبير، حيث يتطرق شقير إلى قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن، لافتاً إلى أن عدداً من الصحفيين والحزبيين والنشطاء، بمن فيهم نساء، “يقبعون في السجون بسبب آرائهم حول القضايا العامة”. وأوضح أن “القانون يمنح الحكومة مساحة واسعة للتعسف في تطبيقه”، نظراً لوجود مصطلحات غير محددة بدقة مثل “نشر الأخبار الكاذبة” و”اغتيال الشخصية” دون وجود تعريفات واضحة لهذه الجرائم.
هذا الغموض، يردف شقير، يسمح بتوسيع نطاق التفسيرات ويجعل من الصعب تحديد الحدود الفاصلة. و”من شأن هذا أن يؤدي إلى زيادة انتشار الإشاعات، إذ يخشى الناس التعبير عن آرائهم بحرية”.
ويحتل الأردن المرتبة 132 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 من بين 180 دولة، وذلك وفقاً للتصنيف الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يُحتفل به في الثالث من مايو من كل عام.