حوادث السير في دبي..أسباب ونتائج

لطالما تصدّر الحديث عنها عناوين الصحف الرئيسية في البلد. ليس لسبب سوى أنّها من القضايا المصيريّة وكل ما يتعلق بها بالضرورة يمسّ حياة قاطني هذه الدولة. حوادث السير قلّت أو كثرت للحديث عنها صدى يجوب البلاد شرقاً وغرباً. دراسات تبحث سبل الحد منها، إحصاءات تبحث أعداد ضحاياها، حملات لزيادة التوعية، قوانين تحكم وتحاكم، دولة الإمارات لم تترك باباً إلا وطرقته لتلقى للسلامة المرورية سبيلاً.

للدولة كامل الحق في اتخاذ كل الإجراءات اللاّزمة للوقاية اذ إنّ مثل هذه الحوادث قلّما جاد بها العلاج. فقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن الإدارة العامة لشرطة دبي لعام 2011 أنّ عدد الوفيّات الناتج عن حوادث السير بلغت 84 حالة وفاة يرافقها 1290 عدد المصابين بالحوادث بينهم 1036 ذكراً و253 أنثى و جاءت 119 إصابة منها بليغة و 414 اصابة متوسطة. ويُذكر إن هذه النتائج تعد جيدة مقارنة بالعام الذي سبقه حيث وصلت الوفيات الى 115 مع عدد حوادث أكثر وصلت الى 1743 حادث مروري.

ويعزي اللواء محمد سيف الزفين مدير الإدارة العامة لمرور دبي أن الانخفاض يعود إلى قانون السير والمرور الاتحادي، وزيادة قيمة المخالفات إلى جانب زيادة أجهزة الضبط المروري التي ساهمت في الحد من حوادث المرور بشكل عام”. وأكد اللواء الزفين أن شارع الإمارات الدائري تصدّر الشوارع الأكثر خطورة مرورياً، حيث وقع عليه 89 حادثاً أسفرت عن وفاة 5 أشخاص، وإصابة 76 آخرين بإصابات متنوعة، تلاه شارع الشيخ زايد بـ 69 حادث إصابة أسفرت عن وفاة 3 أشخاص، وإصابة 83 آخرين، ثم شارع الخيل بواقع 30 حادثاً أسفرت عن وفاة 4 أشخاص وإصابة 25 آخرين “.

تصل بنا هذه الإحصائيات إلى سؤال كبير ماهي الأسباب التي تقف وراء هذه الأرقام؟

وهنا تتعد الأسباب والنتائج أيضا. توصلت الإدارة العامة لشرطة دبي في دراسةٍ لها إلى أن عدم ترك مسافة بين السيارات يقف على رأس الأسباب المؤدية للحوادث. حيث تسببت بحوالي 272 نتج عنها 6 وفيات. وجاءت القيادة تحت تأثير المسكرات ثانيا حيث تسببت بما يقارب 220 ووفاة تسعة اشخاص.فيما جاء عدم التقدير لمستعملي الشارع ثالثا في سلم الأسباب والمقصود به هنا هم الأشخاص الذين لا يلتزمون بخط السير الخاص بهم ويدفهم التهور إلى تغيير المسار فجاءة مسببا حادثا مروريا.

أضف إلى تلك الأسباب السرعة الزائدة بالطرق فرعية، استخدام الهاتف النقال وتبادل الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عدم الكفاءة في القيادة وأسباب أخرى. وفي مسعاها لمعالجة ارتفاع ضحايا هذه القضية ، قامت شرطة دبي باعتماد جهاز يفحص نسبة الكحوليات في السائقين المشتبه بهم بتهمة القيادة تحت تأثير الكحوليات وفي حال تأكد أن السائق تحت تأثير الكحول تحرر له مخالفة مرورية و ينقل الى نيابة المرور. اضافة إلى زيادة أجهزة الضبط المروري ورفع قيمة المخالفات المرورية المحررة ليضع السائقون الخسائر المادية بعين الاعتبار عند القيادة.
هذه الأرقام تعبر عن أعداد الضحايا وحجم التخريب الذي تخلفه ليس إلا. إلا إن حصد حجم الألم والجروح العاطفية يصعب حصرها أو إحصائها. إذ إن وراء كل حادث حزن، غرامة، فقدان، وقد يصل الأمر إلى السجن فالعقوبة المستحقة. كل هذا يترك أثرا بالغا في نفس المصاب وذويه.

السيدة هـ.س لم تكن تعرف أنها على موعد مع فقدان زوجها وابنها قبل أن ترى ذلك بأم عينها. حادث مروري على طريق عام استل روحهما وتركها حزينة يمزق جفنها الدمع على الفراق. لم تملك الكثير لتقوله لي ، اختصرت كل مافي جعبتها بجملة واحدة وقالت ” تمنيت لو أنني معهم، لا أعلم لم أنا على قيد الحياة”. وسردت لي قصة ذلك اليوم “المشؤوم” على حد تعبيرها. تقول: ” إنّ زوجي لم يكن من هواة السرعة ولطالما كنت أمدح قيادته الهادئة الآمنة إلا إن الشرطة أخبرتني أنه كان ضحية طيش شاب لم يبلغ العشرين انحرف عن مساره فجأءة ليصطدم بسيارة الضحية ويرديه وابنه قتيلان. السيدة هـ. س هي مثال واحد يمثل حالات كثيرة جدا حدثت وتحدث كل يوم.

ختامًا إن الطريقة الأمثل لتجنّب حوادث السير تأتي من داخل السائق نفسه، لأنّ الضمير الحيّ والعقل الواعي لا يحتاجان إلى حملات توعية تأتي من الخارج بل حس بالمسؤولية ينبع من الداخل. هذه المسؤولية تتمثّل بحماية النفس والآخرين وسلامة الطريق من هفوات قد تكلّف خسارة حياة بلحظات معدودة.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM