حلم امومة مؤجل انتهى بشمس وقمر

تحمل راشيل طفليها على يدها وكأنها تحظى بالشمس والقمر، وتجري خلفهما كما تجري الفراشات حول الزهر، وتزهو بهما كما يزهر المجرى بالنهر. تتفجر الأحاسيس والعواطف من عيني راشيل، وهي التي كلما نظرت الى توأمها زين ولينا، تذكرت المعاناة الطويلة والألم اللذين مرت بهما ليغفوا زين ولينا في حضنها اليوم، ولتحتفي بتحقيق حلم الأمومة، واستقبال يوم الأم بسعادة غامرة لحملها أخيراً لقب “أم”.
تخبر راشيل، وهي أمريكية متزوجة من مهندس فلسطيني منذ 15 عاماً، أنها لم ترزق بالأطفال خلال مدة زواج استمرت 9 سنوات. لذلك، قررت هي وزوجها بدء رحلة علاجية لمعرفة السبب الضامر وراء ذلك، لتتفاجئ بأنها تعاني من ارتفاع في هرمون الحليب الناجم عن وجود ورم في الغدة النخامية بالدماغ، مما يمنعها من الإنجاب، فبدأت عقبها بالعلاج عن طريق أقراص لخفض هرمون (البرواكتن) الحليب، مُخبرة أن الأعراض الجانبية للدواء كانت قاسية جداً. بالرغم من أنها استمرت في العلاج لمدة ثلاث سنوات، إلا أنها لم تحمل أيضاً، وكان لابد من الخضوع لعملية طفل أنابيب. وأجرت راشيل العملية في فلسطين، وقد نجحت بعد مرور 13 عام على زواجها.
راشيل المتزوجة من سامي الفلسطيني اختبرت مشاعراً مختلطةً وغريبة، حيث انتقلت من الولايات المتحدة إلى مدينة زوجها “زعترة” في فلسطين، مما مكنها من معرفة العرب وعاداتهم عن كثب، ووضعَها في اختبارات عدة لتتقبل هذه العادات وتتأقلم معها. تقول كانت لحظات خاطفة للأنفاس: “أن أرى أناساً أصغر مني بكثير يتزوجون ويرزقون بالأطفال بشكل مباشر ومتكرر وكأن الحمل أسهل شيء، بالرغم أني كنت أراه معجزة ذاك الوقت”. اليوم راشيل ممتنة لكل لحظة عاشتها في فلسطين، إذ أنها منحتها تصوراً أوضح عن العادات العربية. وتهدف راشيل إلى الموازنة في نقل الثقافة الأمريكية والعربية لطفليها بصورة تضمن لها “غرس أفضل الأمور الموجودة في كلا الثقافتين”.
وتتساءل راشيل في عيد الأم كيف من الممكن لأي إنسان الإساءة لأمه، أو أن يرسلها لدار العجزة، لترد على نفسها قائلة: “أنت تملك أماً واحدة في هذه الحياة، وهبتك الحياة والجود. لذا، اقبلها كما هي لأنك لن تملك غيرها ولأن قلب الأم لا يتكرر في حياة الانسان”.وأضافت راشيل أنه ربما تكون أقوى رابطة للأمومة قادمة من أن تحمل المرء بين أحشائك تسعة أشهر، ثم تخرجه للحياة. ولكن، الأم التي تربي وتهتم وتراعي سواء بالتبني أو الاحتضان هي أيضاً أم، وتستحق المعايدة بعيد الأم.
ومن أجل نقل تجربتها، أسست راشيل موقع الكتروني أطلقت عليه ” كدز آب”، وتنظم من خلاله جلسات توعوية صباحية للأمهات في أبوظبي، كما تملك صفحة خاصة على برنامج الانستغرام لربط الأمهات في أبوظبي، لمناقشة أهم النشاطات التي يجب إشغال وقت الطفل فيها، من أجل توسيع مداركه الحسية في عمر صغير.
كل عام وكل الأمهات بألف خير ” للأم ربة المنزل، صاحبة النفس العظيم في إعداد الطعام، ولتلك العاملة التي توفق بين العمل والمنزل بحنكة بالغة، وللأخرى المريضة التي وددنا لو نداويها بالروح، ولتلك الميتة التي واراها التراب ولم تواريها الذاكرة، وربما لتلك التي فقدت الذاكرة، إلا أننا نستذكر تضحياتها مع كل نفس”.