حقبة سوريا الجديدة ما بين المخاوف والآمال.

بعد ثلاثة وأربعين يوماً من سقوط نظام الأسد، الذي استمر لأكثر من خمسة عقود، دخلت سوريا مرحلة جديدة من التحولات السياسية والتغيرات الإقليمية والدولية التي تؤثر بشكل مباشر على مستقبلها السياسي، الاقتصادي والاجتماعي في آن واحد. وفي ظل هذه المتغيرات، تتعدد السيناريوهات المطروحة للحقبة السورية القادمة.
في حديثه عن مستقبل سوريا المنظور، يشير الصحفي والمحلل السياسي السوري خورشيد دلي إلى أن الواقع السوري يضع سوريا أمام سيناريوهين; الأول يتمثل باستعادة الاستقرار والنهوض، وأكد أن “هذا السيناريو يتطلب الدخول في عملية سياسية عملية وواضحة وممكنة”. وأضاف أن مسؤولية الدفع بهذا السيناريو تقع على عاتق السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع. أما بالنسبة للداخل السوري، يقوم هذا السيناريو على “انفتاح السلطة الجديدة على كافة القوى السورية، والتوجه نحو إقامة دولة مدنية بعيدة عن الأيديولوجية الدينية لهيئة تحرير الشام”، بحسب دلي.
والسيناريو الثاني المحتمل حسبما أشار دلة هو إبقاء سوريا مشتعلة سياسياً، وأوضح أن هذا السيناريو “مرتبط أيضا بسلطة الشرع وطريقة إدارتها للبلاد ومحاولة استفرادها بالسلطة وإطلاق الشعارات والتصريحات الإيجابية دون أعمال وخطوات حقيقية”.
وفي رده حول ما إذا كانت حكومة الشرع تقدم نموذجاً يطمئن السوريين أولاً والحكومات العربية والعالمية على مستقبل سوريا، بيّن الكاتب الصحفي عبد الحميد توفيق أنه “من المبكر الحكم على النموذج الذي يمكن أن تقدمه السلطة الحالية في سوريا، لأنها لا تزال في المرحلة الأولى ولم يمض عليها سوى 44 يوماً، خاصةً أنهم جاءوا إلى بلدٍ محطمٍ على جميع الأصعدة”.
وفي المقابل، أوضح توفيق أن “لبوس حكومة الشرع الديني يثير قلق الشارع السوري، والحكومات العربية والعالمية التي لا تريد لسوريا أن تنتقل من الحضن الإيراني إلى الحضن التركي”. الأمر الذي أشار إليه دلة قائلاً إن “المخاوف الإقليمية والدولية من أن القوى التي وصلت إلى السلطة، لاسيما هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع، الذي كان يلقب بالجولاني، مصنفان على قائمة الإرهاب، وتاريخ الشرع وانقلاباته في عدد من التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش والنصرة، يجعل من الصعب الوثوق بهما”.
وفي الإشارة إلى المستقبل في الداخل السوري، عبر توفيق عن خوفه من أن تنقاد المرحلة القادمة في سوريا بالنزعة الانتقامية نتيجة ما خلفه نظام الأسد من “أحقاد طائفية” بين المكونات السورية كافة، وأضاف أن “على الحكومة الحالية أن تكرس جهودها لضمان مرحلة انتقالية سلسة لسوريا وإقامة مصالحة سورية سورية قبل أي شيء، ومن ثم العمل على ثلاث ركائز أساسية، في سبيل قيام دولة ديموقراطية مدنية، وهي العدالة والقانون والتداول السلمي للسلطة”.
وفي السياق، أكد دلة أن “رسم سياسة سوريا الجديدة يجب ألا يكون خاضعاً لأجندات دول إقليمية تحاول فرض سيطرتها على سوريا، وخاصة تركيا التي تستعجل لأخذ الدور الذي لعبته إيران في عهد نظام الأسد”، وشدد على ضرورة عقد مؤتمر وطني جامع لوضع خريطة سياسية عملية تقوم على مشاركة كل المكونات السورية في انتخابات حرة ديمقراطية، وصولاً لإنجاز مؤسسات الدولة الجديدة إلى وضع دستور جديد للبلاد على أسس المواطنة والحقوق.
حكمت عائلة الأسد في سوريا منذ أن أصبح حافظ الأسد رئيساً لسوريا بعد انقلابٍ عسكري عام 1971، واستمر حكمه حتى وفاته عام 2000، وتسلم ابنه بشار حتى انهيار نظام حكم العائلة للبلاد في الثامن من ديسمبر الماضي، وتخلل فترة حكم العائلة انهيارات سياسية واقتصادية تركت سوريا بلداً منكوباً.