جامعتي العزيزة، إن تشجيع الأساتذة والطلبة على أخذ اللقاح أمراً مهماً. لكن ماذا بعد؟

audubai: الجامعة الأمريكية في دبي- المصدر
“أعزائي،
في محاولة للحفاظ على صحة ورفاهية مجتمع الحرم الجامعي داخل الجامعة الأمريكية في دبي، سنواصل التدريس عن بُعد لجميع المواد التعليمية لمدة أسبوع إضافي. حيث تم تأجيل الدورات المُقررة داخل الحرم الجامعي حتى ٣١ كانون الثاني/ يناير الجاري.
شكراً لتفهمكم خلال هذا الوقت الصعب”.
بهذه الرسالة الالكترونية توجه رئيس الجامعة، ديفيد شميدت إلى الطلبة، الخميس الماضي، نتيجة للتحديات التي فرضها انتشار فيروس كورونا وارتفاع عدد المصابين في الإمارات العربية المتحدة.
جاء ذلك بعد إعلان المجلس الأعلى للأمن الوطني، الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، عن تسجيل رقماً قياسياً يومياً بلغ ٣٦٠٠ حالة في الآونة الأخيرة.
ولم ينتهي البحث في الموضوع هنا، تبين ذلك بعد أن أعلنت إدارة الجامعة، الثلاثاء، عن قرارها الذي ينص على تقديم خدمات التطعيم “سينوفارم” بشكلٍ تطوعي لموظفي الجامعة وأعضاء هيئة الطلاب، بالإضافة إلى أعضاء هيئة التدريس وأفراد الأسرة المباشرين، وذلك من خلال الدعم الذي قدمته وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة.
ونتيجة للوضع الاستثنائي الذي فرضه الفيروس، حصل تبدلاً في الواقع التعليمي، كغيره من القطاعات التي شهدت تغيراً ملموساً. وبدون مُبالغة، يُمكن القول أن لكورونا نظام تعليمي خاص به، وكانت هذه البداية لإفساح المجال أمام نظاماً جديداً أكثر تطوراً لمُتابعة الدراسة عن بُعد.
وفضلاً للتكنولوجيا المتطورة، شهدت الأنظمة التعليمية على نظامٍ جديدٍ يُدعى ب “هايفلكس بروغرم”، وليست وحدها الجامعة الأمريكية في دبي التي تبنت هذا النظام، فكافة الجامعات في الإمارات العربية المتحدة اعتمدت على التعليم بأسلوبٍ جديد منذ الفصل الدراسي الماضي، حيث يقترح مُتابعة التعلم عن بُعد لبعض المواد، وعلى الطلبة الالتحاق بالصفوق الجامعية لتعلم مواد أخرى يحددها عميد الكلية.
وبذلك، إليكم السيناريو اليومي، لن تتغير عاداتي أيام الأحد والثلثاء والخميس، سأستيقظ عند الساعة العاشرة والخمسون دقيقة، لأحضر محاضرتي عند الحادية عشر صباحاً، عن بُعد، مرتديةً البيجاما آخذةً وضعية المُستيقظ النائم في سريره.
لكن سيختلف الحال يومَيْ الاثنين والأربعاء، نتيجة لاعتماد نظام الهيفلكس، سأضطر، كباقي زملائي، الالتحاق بالمقاعد الدراسية ومُتابعة صفوفي وجهاً لوجه مع أساتذتي.
صحيحٌ أن القرار توحد في كافة الجامعات، لكن أساليب تطبيقه اختلفت. حيث بات فحص ال “بي سي آر” بمثابة البطاقة الجامعية لطلاب جامعة الشارقة، الذين فُرض عليهم إجراء الفحص كل ١٤ يوماً، وتقديمه للإدارة بنتيجة سلبية، أو لا يُمكن الدخول إلى الحرم الجامعي.
هذا وأقامت جامعة عجمان حملات توعية لتشجيع جميع روادها من أساتذة وطلبة وعمّال بأخذ اللقاح بهدف الحفاظ على سلامة وصحة الجميع.
وبالعودةِ لقرارات الجامعة الأمريكية في دبي التي تتعلق بالاجراءاتِ الاحترازيةٍ نتيجة لانتشار الفيروس، وبما أن القرار الأخير الذي صدر ليس إلزامياً على الجميع، والتطعيم لن يمنع من انتشار الفيروس، فكيف سيتم التعامل مع هذه الحالة الاستثنائية؟ وأين تكمن مسؤولية الفرد للحفاظ على سلامة الآخرين؟
صحيح أن لهذه الخطوة انعكاسات ايجابية، ربما البعض سيشعرون براحة نفسية بمجرد أنهم على علم أن فئة كبيرة أخذت اللقاح وهم في أمان –نوعا ما- داخل الحرم الجامعي.
لكن مع ذلك لا مجال للاستهتار، ولا يُمكن تناسي حقيقة أن لكلٍ منا أسبابه تدفعه لأخذ اللقاح أو العدم، لذلك من الضروري الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة الطبية وتفعيل برامج التعقيم داخل الحرم الجامعي.
وتعتبر هذه الخطوة التشجيعية بمثابة مبادرة لنشر الوعي بين الجميع داخل الجامعة على وجه الخصوص، هذا وقد صدر بيان عن وزارة الصحة، الأحد، يشير إلى أن ١.٩ مليون شخصاً تلقى اللقاح ضد الفيروس، كما يؤُكد البيان أن الدولة تهدف لتلقيح جميع سكان الإمارات على نفقاتها الخاصة بحلول شهر آذار/ مارس من العام الجاري.
مما يعني أن اللقاح الذي هو جزءاً من التكنولوجيا التي فُرضت علينا، سيُفرض علينا آجلاً أم آجلاً، لذلك من المهم المُبادرة والتشجيع على أخذ اللقاح، بدلاً من المخاطرة الفردية بأرواح الآخرين في كل مرة ندخل فيها الجامعة.
طبعاً.. ليس لكورونا وقتاً معيناً ليتنقل به بين الأشخاص، وفي وقتٍ آخر من اليوم يستريح…
لا يمكنني الإنكار أنني أشتاق للعالم الخارجي، لما يقدمه من متع الحياة الامنسية وللحظات تلمس القلب وتخلد في الذاكرة، لكن الوضع الاستثنائي الذي يشهده العالم أجمع جعلنا نميل إلى الحياة خلف شاشة الكومبيوتر، خوفاً من إحتمالية الموت في الخارج.
وبما أن فرصة التحرر من الفيروس مُتاحة نوعاً ما حالياً، يُمكن لكلٍ منا تحمل مسؤولية قراره في أخذ اللقاح ونشر الوعي على نطاقٍ مُحدد داخل الجامعة وثم على نطاقٍ أوسع، أي المجتمع ككل، ذلك لأننا بحاجة لمواجهة الواقع بدلاً من الخوف والبقاء خلف شاشة امتصت منا الكثير، وحجبت عنا حلاوة الحياة.