تمام سلام! حمامة سلام
لبنان الأرض التي لم يستقر الطقس فيها بعد، تكشف سحبها البيضاء عن سقوط أمطار ربما تغسل فرقة الشعب اللبناني وتحلّ أزماته. في أول إبريل من هذا العام، استقال رئيس وزراء الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، في فترة يشهد فيها لبنان أزمة سياسية في شمالها وجنوبها إلى جانب تردّي الأزمة السورية وتضخّم تداعياتها. وفي ظل حيرة الكثيرين حول من سيستلم منصب الرئاسة ويطل كبطلٍ لحل الأزمة، أُعلن عن تولي تمام سلّام ، نجل رئيس الوزراء السابق صائب سلام للمنصب، الأمر الذي جسّد بارقة أمل للكثير من أفراد الشعب اللبناني الذين يأملون أن يكون “هذا الشبل من ذاك الأسد”.
ولد تمام صائب سلام عام 1945 وهو ينحدر من عائلة سنيّة بيروتيّة . تلقّى تعليمه الابتدائي في مدرسة الّليسيه الفرنسيّة في بيروت، ثم أكمل تعليمه الإعدادي في مدارس جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية، والثانوية في مدرسة هاي سكول في برمانا شمال شرق بيروت. بعد ذلك، درس سلام الاقتصاد وإدارة الأعمال في إنجلترا ليعمل بعدها في الحقل التجاري لعدة سنوات. وبالرغم من دراسته الاقتصاد، لم يمنع ذلك سلام من متابعة اهتمامه بالسياسة فأسّس عام 1974 حركة “روّاد الإصلاح”، الّتي جذبت عددًا كبيرًا من الشباب في بيروت. إلا أنّ هذه الحركة توقّفت مع بداية الحرب الأهلية تجنّبًا لتحويلها إلى حركة مسلّحة. ويُذكر أن سلام متزوج، وله ابن يحمل اسم والده صائب، وابنتان تميمة على اسم والدته وثريّا.
وفي عام 1978، تم انتخابه كعضو في مجلس أمناء جمعيّة المقاصد الخيرية الإسلامية. وفي نفس العام، انتُخب رئيساً لمؤسسة صائب سلام للثقافة والتعليم العالي. كانت المؤسسة تمنح الطلاب بعثاتٍ لاستكمال دراستهم في الجامعات العربيّة والأوروبّيّة وتحديدًا في الاختصاصات الطبيّة في الجامعات بالإضافة لتقديم المؤسسة منحًا دراسيّة في إطار الدراسات العليا في حقول الاختصاص العلمي. وفي عام 1982، انتخب سلام رئيساً لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت. وقد كانت له مواقف تدعو إلى الوحدة و الالتحام الوطني والتعايش بين جميع الطوائف اللبنانيّة. أما في فترة احتلال إسرائيل للبنان، سعى سلام -على قدم وساق- لتقديم المستلزمات الحيويّة لأبناء بيروت وتخفيف معاناتهم. علاوة على ذلك، عمل سلام على توحيد جهود المؤسسات التربويّة وساهم في الدعوة للمؤتمرات التي وضعت الأسس والتوجّهات الوطنيّة لمناهج التعليم ما قبل الجامعي.
وفي عام 1996، انتُخب نائباً عن بيروت، ناهيك عن مساهماته التشريعيّة في الإطار السياسي. واهتم سلام بمتابعة القضايا التربويّة والاجتماعية، كما وضع نصب عينيه تحقيقَ التشريعات والمواقف التي تدعم الديمقراطية والحريات العامة بالإضافة إلى ملاحقة المشاريع التي تحل مشاكل المواطن اليوميّة. هذا وقد خلف تمام والده سنة 1983 على رأس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وهو الآن رئيسها الفخري. كما أسّس وترأّس جمعيّة كشافة المقاصد الإسلامية والدفاع المدني المقاصدي. ومؤخرًا، أجمعت قوى 14 آذار وجبهة النضال الوطني ممثلة بالنائب وليد جنبلاط على تولّيه رئاسة الحكومة بعد استقالة ميقاتي.
انتُخب تمام نائباً في البرلمان بدورة عام 1996، لكنه خسر مقعده في انتخابات سنة 2000، ولم يشارك بانتخابات دورة عام 2005، بينما شارك في انتخابات عام 2009 بالتحالف مع سعد الدين الحريري واستطاع أن يحقّق النجاح. أما بالنسبة للملفّين الحساسين في لبنان: سوريا وسلاح حزب الله، اتّخذت خطاباته الطابع المعتدل.
أما في 11 يوليو 2008، فقد عيّن تمام وزيرًا للثقافة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في عهد الرئيس ميشال سليمان، وذلك إلى 9 نوفمبر 2009. ابن السياسي صائب، الذي كانت تزين سترته قرنفلة بيضاء رمزًا لسلام العائلة، رفع علم السلام مجددًا كما يرى الكثيرون بتوليه منصب رئاسة حكومة الوزراء في السادس من إبريل 2013 بعد تنحي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. فعقب لقاء مع بندر بن سلطان وسعد الحريري، أعلن بري عن ترشيح سلام لرئاسة الوزراء ، الأمر الذي دفع وليد جنبلاط للإعلان عن تأييده أيضًا. حصل سلام على 124 صوتًا من أصل 128.
وبعد تكليفه بتشكيل الحكومة، صرح سلام بسعيه إلى تشكيل حكومة “المصلحة الوطنية”، كي “تنهض باستحقاق دستوري ديموقراطي كبير جدًا هو إجراء الانتخابات العامة بموجب قانون جديد ستسعى كل القوى السياسية لبلورته”.
سلام العائلة السياسية المخضرمة باتت مصدر تفاؤل العديد من اللبنانين الذين يئسوا من قدرة الحكومة اللبنانية السابقة على تغيير لبنان نحو الأفضل إبان تدهور المشهد السياسي و الاقتصادي والاجتماعي في البلد.
Please follow and like us:
