“بلا إدراك”: رحلة المستقبل للرجوع إلى الأرض
يجسّد توم كروز في فيلمه الجديد شخصيّة ميكانيكي: عامل فني يصلح قطع غيار الآلات ويضمن عملها. ولكنّه ليس كأي ميكانيكي عادي، فهو ميكانيكي من العام 2077، حيث يختلف كل شيء عن عالمنا المعروف، وحيث يصلح جاك (كروز) أسلحة فتّاكة طائرة . فبعد سنين طويلة من حرب طاحنة بين البشر و الآلات، اعتزل الجميع كوكب الأرض بعد أن لم يبق منه إلا الدمار، وبنيت مستعمرات على كواكب و أقمار أخرى. وقبل ترقي جاك ولحاقه بباقي البشر في مستعمرة “تايتن” المنتظرة، تبدأ رحلته غير المتوقعة لاكتشاف النفس و حقيقة ما حدث.
في البداية، تتوقع أن يسلك هذا الفيلم مسار باقي أفلام توم كروز المتميّزة بالإثارة والقتال و الخيال العلمي. ولكن ما لا تتوقعه هو أن يكون للقصة بُعدٌ فلسفي يثير الجدل. فبعد آخر أفلامه “المهمّة المستحيلة” والذي صُوّر في دبي، لم تكن القصة محبكة أو جديدة بل اعتمدت كليًا على المؤثرات البصرية القوية. أما في فيلم “بلا إدراك”، يقوم مخرج “ترون: الإرث” ومنتج “كوكب القردة” بعمل ناجح في طرح أسئلة حول الهويّة البشرية الإنسانية في هذا العمل السينمائي.
رحلة جاك الاستكشافية تبدأ بعثوره على ناجية من حطام سفينة فضائية تربطه بها ذكريات لا يعرف خلفيتها ولا كيف تخزّنت في ذاكرته. وباتباع فضوله، تقوده غريزته إلى اكتشاف الأعداء الحقيقيين للكوكب، الذين هم الأعداء الحقيقيون للبشرية والطبيعة وكل ما هو حيّ: الآلات. والآلات هنا بالطبع رمز إلى انقيادنا وراء التكنولوجيا التي تفرض علينا العيش بين الشاشات، بعيدًا عن العالم الخارجي، وبعيدًا عن التواصل المباشر الذي ينقل الأحاسيس والتعابير، فيتحول الجنس البشري بذلك إلى روبوتات. ويشير عنوان الفيلم إلى عدم إدراك جاك لحقيقته، فقد اكتشف أنه في الفريق الخطأ، بل وتتتابع اكتشافاته لحقيقة ما يجري للبشريّين الّذين يتمّ إلحاقهم بمستعمرة “تايتن”. ولكن جاك يمتلك الفرصة الأخيرة ليغيّر قدره، ويحمي بذلك إرث كوكب الأرض والبشرية بأكملها.
من الناحية البصرية يتفوق الفيلم كالعادة بالمؤثرات وطريقة الإخراج. ومن ناحية القصة، فصراع القرن بين البشر والآلات ليس بموضوع جديد البتة ولكن المنظور الذي يطرحه الفيلم من خلاله يستحق المشاهدة. العمل يؤكد على ضرورة تمسكنا بأصولنا، وهذه الأصول ليست عرقية بل أصلنا الإنساني، ووطننا هو واحد وهو الأرض الأم.
Please follow and like us:
