بعد الجولان هل يتم ضم الضفة الغربية لإسرائيل؟

صورة للضفة الغربية بعدسة الفلسطينية لارا جاسر
في سلسلة قرارات مصيرية تتخذها إسرائيل في المنطقة العربية بدعم من حليفها الأمريكي، كإعلان سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان في سوريا الشهر الماضي، لم يكن من الصعب توقع الخطوة القادمة التي تعتزم إسرائيل البدء للتخطيط لها، فكان الإعلان عن نوايا لضم الضفة الغربية، والتي تسيطر إسرائيل على 62% منها، أحد الوعود التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي أجريت الشهر الجاري.
وبما أن فوز حزب الليكود اليميني الإسرائيلي بزعامة نتنياهو قد تحقق، يقف الشعب الفلسطيني اليوم بانتظار معرفة مستقبل فلسطين، ومدى صحة هذه الوعود، وهل سيفي بها نتنياهو، أم أنها مجرد وسيلة لدعم حملته الانتخابية، والتي يبدو أنه نجح باستمالة الإسرائيليين لناحيته من خلالها.
ومن أجل محاولة فهم مصدر الثقة التي يستمد نتنياهو وعوده من خلالها، رغم ضبابية تبعات هذه الخطوة على الإسرائييلين والفلسطينيين والعرب، يتوقع غسان خطيب، أستاذ الدراسات الثقافية ونائب رئيس جامعة بيرزيت، في لقاء مع صحيفة كلية محمد بن راشد للإعلام عبر الهاتف أن ينفذ نتنياهو وعوده “لأن هنالك بوادر دعم أمريكي، وهذا الدعم هو أمر حاسم لاتخاذ قرار من هذا النوع بالنسبة للقيادة الإسرائيلية”. وتابع الخطيب: “تلاحظ القيادة الإسرائيلية أيضاً أن الوضع العربي ملائم ليحاولوا حسم الصراع، لأن العالم العربي منشغل بقضاياه وفي حالة ضعف، وكذلك الوضع الفلسطيني منقسم، وبالتالي ردود الفعل المتوقعة ستكون محدودة”.
وفي السياق ذاته، يرى عبدالله عواد، مدير مكتب عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية د. حنان عشراوي، أنه بالرغم من احتمالية تحقيق هذه الوعود، إلا أن “إرادة الشعب الفلسطيني وغريزته الوطنية ستقفان سداً منيعاً أمام كل المحاولات الساعية لإنهاء قضيته العادلة”. ويضيف: “لن يكون هناك حل إلا عندما يحصل الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وفق بنود مبادرة السلام العربية”.
وفي حال شهدنا تحركاً من قبل نتنياهو لتحقيق وعوده بضم الضفة الغربية، فما هو مستقبل قطاع غزة، وهل ستبقى هي المنطقة الوحيدة التي تديرها جهات فلسطينية مختلفة. يقول المدير العام السابق لمؤسسة الدراسات الفلسطينية محمود سويد في حوار معه عبر الإيميل أن “سلطات الاحتلال الإسرائيلية تراهن على أن يقيم الفلسطينيون دولتهم في قطاع غزة، فهي خارج الأطماع التاريخية للصهيونية”، ويضيف سويد “الانقسام الفلسطيني بين الضفة والقطاع الذي يقوى ويشتد سنة بعد سنة، يشجع هذا الهدف الإسرائيلي ويغذيه بالأمل”.
ويرى سويد أن الموقف العربي يجب أن يكون صارماً تجاه هذه الوعود، إذ أنها لا تهدد الفلسطينيين فقط، بل المنطقة العربية بأكملها؛ فـ “القضية الفلسطينية قضية عربية، والغزو الصهيوني لن يكتفي باحتلال فلسطين، بل هو احتلال يهدف، على المدى الطويل، إلى استبدال حضارة بحضارة وثقافة بثقافة”.
ونظراً إلى أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية هو المتضرر الأكبر من هذه الخطوة التي تسير نحوها إسرائيل، تحاورت صحيفة كلية محمد بن راشد للإعلام عبر تطبيق واتس آب مع فلسطينيين في بعض مدن الضفة الغربية لمعرفة مدى تهيئهم للفترة القادمة، التي قد تكون نقطة تحول فيما يخص القضية الفلسطينية. يقول محمد، والذي لم يرغب بذكر اسمه، وهو أحد المقيمين في رام الله “لا أعتقد أن إسرائيل قادرة على إصدار مثل هذا القرار، لأنها بهذه الخطوة ستفجر قنبلة بوجه الشعب الفلسطينيين، وستكون ردود الأفعال من قبل الفلسطينيين صارمة بحق الإسرائيليين”. ويضيف محمد “حتى إن حاولوا قمعنا من خلال هذه القرارات، فنحن لا نهاب. ستبقى الأم الفلسطينية تجنب خمسة وستة أولاد، وسيبقى العامل الديموغرافي لصالحنا نحن”.
أما بالنسبة لجورج، الذي لم يرغب بذكر اسمه، وهو أحد المقيمين في الضفة الغربية، فحتى إن تحققت وعود نتنياهو، فهذا “لن يؤثر على الوضع الفلسطيني، لأن كل شيء تحت سيطرة الإسرائيليين، والوضع يزداد سوءاً من ناحية الأمن، والاقتصاد”.
يذكر أن الضفة الغربية مقسمة، بحسب اتفاقية أوسلو، إلى ثلاثة أقسام: المنطقة (أ)، والتي تخضع إدارياً وأمنياً للسلطة الوطنية الفلسطينية، والمنطقة (ب)، والتي تخضع إدارياً للسلطة الوطنية وأمنياً للسلطات الإسرائيلية، والمنطقة (جـ)، التي تخضع إدارياً وأمنياً للسلطة الإسرائيلية. وتعتبر المنطقة (جـ) هي الهدف التي يطمح نتنياهو ضمه لإسرائيل، إذ أنها تساوي 60% من مساحة الضفة، حيث تم تخصيصها لصالح المستوطنات الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلية.