بشرى تحارب التهجير بابتسامة متفائلة

في منزل مهجور بين أشجار الصنوبر والصفاف في منطقة بيت الدين في جبل لبنان، تمضي الفتاة السورية الصغيرة بشرى، نهارها متنقلة بين الأحراش، تلعب وتمرح متناسية شمس تموز الحارقة.
تقطن بشرى (10 سنوات) مع عائلتها المكونة من أب وأم وأخوين اثنين، بالإضافة إلى أولاد العم، في منزل مهترئ في أحد الأحراش في الجبل والذي لا تتجاوز مساحته 80 متراً مربعاً، وغير المزود بالمستلزمات المعيشية الضرورية كتمديدات المياه والكهرباء، حيث أنهكت الجدران وتهدّلت طبقات من الدهان بفعل الرطوبة وعامل الزمن.
انتقلت بشرى وعائلتها من بيروت إلى هذا المنزل، بعد أن أرهقتهم الحياة بالمصاريف الكثيرة وشحّ الدخل. يعمل رجال العائلة الآن في أعمال بسيطة حرة متنوعة لكسب لقمة العيش التي لم يجدوها مع من يدعى “توفيق” في بيروت، حيث لم يتمكنوا “من إيجاد رغيف الخبز” كما قالت الفتاة.
بشرى تعيش في هذا المنزل منذ فترة قصيرة، وتشعر بارتياح أكثر من منزلها السابق، حيث أنها لا تتعرض لأي إساءة أو مضايقات من الجيران بل على العكس، فهي تشعر بمحبة وعطف الجميع وحسن معاملتهم لها ولعائلتها.
وتكسب العائلة ما يقارب 400 إلى 600 دولار شهرياً، وتعمل في أعمال الحدادة والبناء ووظائف مؤقتة في البلديات وأعمال موسمية، ما يجعل الدخل يختلف من شهر إلى آخر. بينما تبقى الأمهات في المنزل لترعى الأطفال وتعنى بحاجياتهم اليومية.
وتدرس بشرى وأخواها حالياً في إحدى المدارس المجاورة في المنطقة، وهي من الطالبات المجتهدات اللواتي لا تفرقهن حواجز الحياة عن مطامحهن. تقول بشرى “أريد أن أصبح معلمة في المستقبل وأعمل على بناء جيل متعلم”. بينما يسعى أخوها الأكبر لمساعدة الأب في نفقات العائلة أكثر من التركيز على الدراسة في الوقت الحالي، أما الأخ الصغير فهو رضيع يرقد معظم الوقت في أرجوحة كانت قد صنعتها الأم من القماش وثبّتتها بين شجرتين في ساحة المنزل.
وتعد معاناة عائلة بشرى مثالاً حياً لما يعايشه المهجرون السوريون في لبنان الذي وصل عددهم إلى أكثر من مليون مهجر، يقاسون الظروف المعيشية الصعبة نظراً لغلاء المعيشة في لبنان، بالإضافة إلى نفقات الإقامة والتعليم.
ويعاني كثيرون من هؤلاء من صعوبة إيجاد فرص للعمل، حيث أوضحت الإحصائيات أن اللاجئ السوري يستغرق فيما يعادل 74 يوماً، كمتوسط زمني، لإيجاد عمل ما. إضافة إلى تدني متوسط الدخل الشهري لديهم إلى 418,000 ليرة لبنانية (277 دولار) في حين أن الحد الأدنى للأجور في لبنان يصل إلى 675,000 ليرة لبنانية (448 دولار).