قلّب في صفحات مدوّنة ديمة الخطيب، و ستجدها ترحب بك في عالمها بأكثر من لغة. في حين توغُّلك بين سطور أفكارها ستفتح آفاقك على بلدان و ثقافات من المحيط إلى الخليج و ستشعر بحبها و اشتياقها للوطن وانتمائها الصادق للثقافة العربية. في مقابلةٍ مميّزة معها، منحتني الأستاذة الصحافية ديمة الخطيب فرصة للاطّلاع على رأيها في عدد من القضايا التي تهم الإعلاميين و طلبة الصحافة.
وريقات من ديمة
“ساعدتني المدوّنة كي أخرج من ثوب الصحفيّة التي تكتب فقط في المجال الصحفي الضيق نسبيا بمعنى آخر حسب المعايير الصحفية المهنية التقليدية إلى آفاق أخرى أكثر اتصالاً بالأدب و الشعر”، هذا ما قالته الأستاذة الخطيب عندما سُئلت عن طريقة التوفيق بين الكتابتين الصحفية و الشخصية.إن ديمة الخطيب، إلى جانب عملها الصحفي تدوّن كتاباتها الشخصية إلكترونيّاً على موقعها “وريقات من ديمة”،حيث تغطّي مواضيعا شاملة منها سياسية، اجتماعية وحتّى فنية. و ذكرت هذه الصحفيّة المليئة بالشغف لهذه المهنة، أن المدونة “امتداد” للكتابة الصحفية، فهي تعطي المجال للصحفي العربي بأن يتعامل مع أحداث يصعب التعامل معها بمرونة في المجال الصحفي مثل الثورات العربية على سبيل المثال إضافةً إلى غيرها من المواضيع الساخنة الّتي تتخبّط بها المنطقة العربيّة . برأي ديمة التدوين يعتبر فرصة حقيقيّة لكلّ صحافي إذ يساعده على ذكر المراحل التي يمر بها أثناء تغطية أيّ حدث إضافةً إلى فرصة مشاركة الآخرين بكلّ ما يخالجه و ما يدور في خياله .
لحظة بين المهنية و الإنسانية
لفتتني شفافيّة ديمة في ذكر المواقف الإنسانيّة و مهنتها الصحافيّة لم تمنعها من أن تكون إنسانة تستطيع أن تعبّر عن أحاسيسها وهواجسها. عن تجربتها مع البكاء الجماعي للنساء الليبيات في أغسطس/آب ٢٠١١ في بنغازي، قبيل سقوط القذافي و في أول جمعة لها في المدينة، قالت ديمة: “بدأتُ البكاء و لم أستطيع التوقف “. شهدت ديمة الخطيب بكاء جماعي حدث بعد صلاة الجمعة في الساحة التي وقعت فيها المظاهرات في جوٍّ طغا عليه شبح الشهادة ،فكلهن كانوا نساء فقدن شهداء من عائلاتهن. و أضافت الخطيب: ” أردت أن أذهب إلى مكان بعيد لكي أبكي و أفرّغ كل هذه الطاقة التي امتصصتها منهن”. وأضافت ديمة أنه عند لقائها هؤلاء الثكالى و أثناء حوارها معهن لم تستطيع التوقف عن البكاء و التعاطف مع حالتهنّ و أوجاعهنّ و لوعتهنّ .
الصحافة في موقف حرج
علّقت ديمة الخطيب على ظاهرة الصحفي المواطن بأنها الأزمة التي تمر بها الصحافة التقليدية، و السبب هو أن الصحفي المواطن كسر الحواجز الموجودة بين وسائل الإعلام و المتلقّي. إن هذه الظاهرة ، التي برزت في الثورات التونسية نتيجة سياسة الدكتاتورية و انعدام حرية التعبير- جعلت تغطية المواطن الصحفي للأحداث تنتشر بسرعة بسبب عدم تمكن وسائل الإعلام من الوصول إلى المصادر الدقيقة للأخبار والحصول عليها بالطرق الرسمية و المتعارف عليها نتيجةً لسياسة القمع والتعتيم الإعلامي.
أصبح الصحفي هو نفسه المتلقي مما جعل وسائل الإعلام تعجز عن إخفاء حقيقة الخبر. اعتبرت الخطيب هذا الأمر إيجابيّاً فقالت:” ظاهرة الصحفي المواطن جعلت وسائل الإعلام تغطي الحدث بشكل أفضل وعدم إيصالها للمعلومة الصحيحة جعلها في موقف المتأخّر عن أيّ سبق صحفيّ “. وردًّا على سؤالي: كيف يتم التزاوج بين الإعلام التقليدي و الإعلام الجديد؟ عبرت الأستاذة الخطيب عن قلقها على مصداقية الإعلام و كيفية نقله الخبر بصورة أحسن. كما أنها أشارت إلى المنفعة المتبادلة بين الصحفي المواطن و الإعلام التقليدي. فالصحفي المواطن يريد الانتشار عبر وسائل الإعلام التقليدية و من جهة أخرى الشركات الإعلامية تحتاج إلى المعلومات التي يمتلكها لكيّ تكون السبّاقة في نقل الخبر.
تجربة ممتعة مع شباب صاعد
لقد قامت الأستاذة بإلقاء محاضرات و دورات في بلدان كثيرة، لكن تجربتها في الجامعة الأمريكية في دبيّ كأستاذة صحافة لطلبة إعلام هي الأولى من نوعها في مجال التدريس. وصفت الأستاذة الخطيب تجربتها: “تجربة ممتعة أجمل ما فيها التعامل مع الشباب الطموح الذي يريد أن يكون صحافيا”. و تعتبر ديمة تجربتها مثيرة بالنسبة لها و للطلاب أيضا، ذلك لأنّنا نمرّ في ” مرحلة مفصلية و جودة الصحافة في خطر”. و نعتت ديمة الخطيب الوضع الصحفي الحالي بالفوضوي لأن الكل يريد أن يكون صحافيا و اختلط حابل المواد الصحافية بنابلها.