المرأة: تواجه تحديات كبيرة في زمن الكورونا

في الثامنة صباحاً، تستيقظ رانية كل يوم لتبدأ يومها الحافل بالمهام. تقف على حافة “المجلى” لغسل مئات الأطباق، وثم تحضر قهوتها السريعة لتبدأ عملها “أونلاين”. تنتهي في الخامسة مساءاً ولكنها لم تسلم من تدريس أبناءها وتحضير الطعام وتنظيف المنزل، ليتبقى لها بعضٌ من الوقت كي تنام قبل أن تعود في الثامنة صباحاً لتعيد “الكرّة”، ورائحتها عبقة بمواد التنظيفات.
رانية لطفي (٣١ سنة)، تعمل في إدارة خدمة العملاء في بنك الإمارات دبي الوطني. ولكن بسبب جائحة فيروس كورونا العالمي والتباعد الاجتماعي، ازدادت مهامها بين التنظيف المستمر خوفاً من هذا الوباء، وبين تدريس أبناءها، والطبخ، والاهتمام بمتطلبات زوجها الكثيرة والمتزايدة بسبب ضجره من الجلوس في المنزل.
مثلما كانت المرأة هي أساس كل منزل، رأينا كيف أنّها كانت المواجِهة الأولى لتلك المعارك ضد جائحة كورونا المنتشرة في كل مكان. بالرغم من دورها الأساسي في التصدي، إلا أنّها قامت بتحمل أعباء أكبر لتصبح المعلمة، الطباخة الماهرة، المربية، والموظفة التي تشغل القطاع العملي في آن واحد.
وقالت لطفي: “دائماً نقول أنّ المرأة هي من تنجب و تربي وتنتج أجيالاً تبني المجتمع بأكمله أو أنّها الزوجة والموظفة التي تعمل لتساعد في مصاريف المنزل. لكنني لم أتوقع أننا سنصل لزمن نقوم به في العمل والتعليم عن بعد، حيث ازدادت أعمالي في المنزل، فلا استطيع أن أقوم بكل هذه المهام في نفس الوقت”.
وأضافت: “كأم عاملة ومربية أيضاً، أشعر أنني أخوض حرباً شرسة لا يمكنني الاستسلام فيها. أصبح من واجبي مضاعفة الجهد في المهام المنزلية، حتى من ناحية النظافة، وذلك بسبب زيادة الاجراءات الوقائية لمنع وصول فيروس كورونا لبيتي ومحيطي”.
وهذا ما أكده زوج رانية لطفي، أحمد مهنا، حيث عبّر عن الجهود التي تقوم بها لطفي في المنزل قائلاً: “أزمة هذا الوباء أثرت على الجميع. فبالنسبة لي، أحاول قدر المستطاع أن أقدم المساعدة في المنزل. وذلك عبر تدريس أبنائي بعد الانتهاء من عملي أونلاين، حتى أتمكن من مساعدة زوجتي ولو قليلاً”.
لم تكن لطفي الوحيدة التي تواجه هذه التحديات بسبب الفيروس، فازدادت مهام المرأة في زمن الكورونا عالمياً، خصوصاً بعد التباعد الاجتماعي لمنع تفشي الفيروس.
وبالنسبة لنوال توفيق (٢٩ سنة)، والتي تعمل كموظفة تأمين في دار التأمين في أبوظبي، قائلة: “لدي ابنتان، واحدة ٧ سنوات والأخرى ٤ سنوات، فيصعب عليهم التأقلم في الدراسة عبر الانترنت بسبب صغر سنهم، وبالتالي أقوم بمساعدتهم في معظم الوقت، فاشعر أنا التي أدرس عنهم”.
وأضافت: “بسبب انشغالي ببناتي، يصعب علي أن أقوم بكل مهامي المنزلية، خصوصاً أنني مرأة عاملة ويتطلب مني أن التزم بتوقيت عملي في نفس الوقت”.
تأثير كثرة المهام على المرأة
وأوضحت المتخصصة في علم النفس العصبي السريري في المركز الأمريكي النفسي والعصبي في أبوظبي، الدكتورة علياء عمار، “أنّ كثرة الأعمال والأشغال المنزلية تؤثر سلباً على نفسية المرأة. ففي زمن الكورونا، نحتاج لسبل ترفيهية نقوم بها، وذلك بسبب الحجر المنزلي الذي يزيد من إصابة الناس بالاكتئاب بشكل عام. فالمرأة لديها أعمال عديدة وبالتالي كلما زادت المسؤوليات أكثر زادت نسبة إصابتها بالاكتئاب أكثر”.
فبالنسبة لعمار، زيادة الأعمال الترفيهية في المنزل، كتشجيع الأطفال على تنظيف البيت أو مساعدة الأم في الطبخ فكرة مهمة، كونها تساعد المرآة في المنزل. وفي الوقت نفسه، تشجع الأطفال على ممارسة هوايات الطبخ والتعليم لاستغلال الوقت بطريقة صحيحة.
كما عبّر زوج نوال توفيق، سامر أبو شهلا، في الحديث عن الأعمال الترفيهية، قائلاً: “يجب على الأب والأم مساعدة بعضهم البعض في توفير بيئة جديدة للعائلة بأكملها، مثل توفير ألعاب تساعد في الترفيه وتغيير الروتين الممل. وهذا ما أقوم به أنا وزوجتي”.
كيف تتأقلم المرأة في ظل هذه الظروف؟
أوضحت رانيا لطفي، أنّها تقوم بتنظيم وقتها من خلال وضع جدول يومي يتعلق بالأمور التي يجب عليها إنهاءها، فوضع خطة يومية يسهل عليها التخلص من واجباتها بشكل أسرع، قائلة:
أما بالنسبة لنوال توفيق، فهي تستيقظ كل يوم مبكراً، لتتخلص من مهامها قبل أن يستيقظ من في المنزل، قائلة:
ولمعرفة المزيد عن آراء المجتمع بدور المرأة في زمن الكورونا وهل هي حقاً تواجه التحديات بسبب الفيروس، هكذا كانت الأجوبة:
وبهذا، يمكن أن نقول إنّ من أدوار المرأة التي تفرض عليها المسؤولية في أن تُساند زوجها، وأن تمارس دور الأمومة للاهتمام بأفراد العائلة ومشاكلهم. إضافة إلى منح الدّعم العاطفي والنّفسي لأفراد العائلة خاصّةً في الأوقات التي نمر بها وهي تفشي فيروس كورونا عالمياً، هي من أهم الأدوار التي تساهم في بناء المجتمع بأكمله. فاستغلال قدراتها بشكلٍ يفوق قدرتها واستنزافها يمكن أن يؤثر سلباً على صحتها النفسية. لهذا كسر الروتين بالفعاليات الترفيهية داخل المنزل، هي الحل الأمثل للتغلب على الكورونا.
تحرير: مايا زيتوني