الكاتبين شهد الراوي وعزيز محمد: بين تجسيد الحقيقة وقوة الخيال

دعماً للمواهب الروائية الشابّة، ولتشجيع الجيل الجديد على إبراز قدراته الكتابية، استضاف مهرجان طيران الأمارات للآداب الكاتبة العراقية شهد الراوي، والكاتب السعودي عزيز محمد، واللذان تم تصنيفهما كـ “أصغر مؤلفين” يصلان للقائمة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية ٢٠١٨. وعلى هامش فعاليات المهرجان في دورته الحادية عشرة، أقيمت جلسة حوارية تحت عنوان “أحجية الكتابة” الخميس أول من أمس، والتي أدارها الدكتور ورئيس قسم اللغة العربية والشرق الأدنى في الجامعة الأمريكية في بيروت بلال أورفلي.
ووصفت شهد الراوي أهمية القراءة من خلال قولها أنها “شمس الكاتب”، نظراً لتأثيرها الإيجابي على القدرات الكتابية والمعرفية، وتطورّها لمهارات وتقنيات الكاتب المبتدئ. وأكدّت الراوي على مكانة المعرفة المهمة لدى الكتّاب المبتدئين، وكيفية توسيع فِكر الشباب كي يتم إيصال رسالة الكتاب بشكل سليم، وعلى ضرورة الاستفادة من خبرات وأعمال الكتّاب والروائيين العالميين، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التأثر بهم حدّ فقد الهوية الخاصة بالكاتب.
وعن الصعوبات التي تواجه الكتاب بشكل عام، قالت الراوي: “ليس هناك هامش واسع من الحرية في الكتابة، فهناك حكم دائم على النص بمحاولة نسب القصة لحياة الكاتب الشخصية”. وهو الأمر الذي واجهها في روايتها “ساعةبغداد”.
وجسدت الراوي في روايتها “ساعة بغداد” تعلقها الشديد بالعاصمة العراقية، ومعايشتها لظروف الحرب، والتي تقول الراوي أنها “جعلت مني كاتبة”. وتدور أحداثها في إحدى أحياء بغداد، على لسان طفلة تعيش في ملجأ مظلم مع عائلتها، هرباً من الغارات الجوية.
أما بالنسبة لعزيز محمد، فعبّر عن أهمية تجسيد الشخصية، وفهم تركيبتها، وأهم التطورات النفسية لها خلال فترات كتابة الرواية، وإمكانية عدم تقاطع ما يتم كتابته مع حياة الكاتب الشخصية، فليس كل ما يتم ذكره في قصة أو رواية ما هو بالضرورة انعكاس لما يعايشه الكاتب.
وتحدث محمد خلال الندوة عن روايته “الحالة الحرجة للمدعو ك” الصادرة في ٢٠١٧، والتي تحكي قصة شاب في مقتبل العمر، يصاب بمرض السرطان. ووصف محمد المراحل النفسية والاجتماعية التي عاشها “المدعو ك”، والتي غلب عليها الحزن والوهن، بأدق التفاصيل التي تجعل القارئ يتعاطف مع بطل القصة بشكل شديد ضمن سياق الأحداث، ولم يتم ذكر اسم المنطقة أو المدينة التي تتمحور حولها الرواية.
وشهدت الندوة تفاعل الحضور مع هذه الرواية، إذ عبّرت إحدى الحاضرات عن قوة التفاصيل المؤثرة التي يمر عبرها مريض السرطان، خاصة وأن الكاتب رسم أهم وأدق الحذافير والواقعات التي كان يشعر بها “المدعو ك”.
ويذكر أنه تمت ترجمة الروايتين إلى عدة لغات أبرزها الإنجليزية والفرنسية. وفي سؤالها عما إذا تغيّرت “روح الرواية” بعد ترجمتها من العربية إلى الإنجليزية، أجابت الراوي: “كان لساعة بغداد روح جديدة، خاصة في فصل الطفولة، لأن بشكل عام يهتم العالم الغربي بصوت الطفل، فكان لهذا التغيير رؤية جديدة من ناحية معرفة الخريطة النفسية للطفلة”.