الفنان التشكيلي وليد الشامي

الفنان التشكيلي وليد الشامي، عام 1968 أيام دراسته. 2020-03-20. وليد الشامي
بعيداً عن سواد ورماد الحرب ورائحة البارود، تفوح رائحة الألوان الزيتية من قلب مرسمٍ عتيقٍ في الشارقة، جاذبةً المارة لإلقاء النظر على الفنان التشكيلي السوري وليد الشامي (71 عاماً). وهو يقف أمام لوحاته وبيده ريشته التي لم تفارقه منذ أول معرض له، أقامه عام 1969 في دمشق، حتى يومنا هذا.
بدأ الشامي دراسة الفنّ عام 1966 في مركز صبحي شعيب للفنون بحمص، ثم انتقل إلى جامعة دمشق وتخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1975. عُرف الشامي ببساطته وحبه لثقافته وعروبته، حتى أنه في أعماله يحب عكس هذه البساطة والعفوية في جميع المواضيع التي يرسمها، من إنسان إلى طبيعة صامتة إلى بيوت…إلخ، فهي تعكس نظرة وثقافة المجتمع البسيط.
ولهذا السبب في عام 1998 قام بإقامة معرض خاص ببيوت حمص القديمة، وانتقل هذا المعرض من صالات حمص ودمشق إلى باريس. مشيراً إلى أنّ “حارات باريس لم تكن أجمل من حارات حمص آنذاك”. وبذلك لم يقتصر فنّه على المعارض التي أقيمت في سوريا فقط، فقد عزم على نقل فنه إلى المعارض الفرنسية كالمعرض الذي أقامه بمفرده في معرض غابريل غوبيل في باريس، لافتاً إلى أهمية التمسك بالثقافة ونشرها للعالم الخارجي.

وبعد إقامته لأول معرض له عن حمص، في مركز باريس الثقافي، والذي ساهم بدوره بالمحافظة على التراث البيئي والآثار الموجودة في حمص، انتقل للعيش فيها عام 1998. ومن خلال هذا الانتقال استطاع أن يترك بصمته الفنية على جدران قصور باريس العريقة، وإلى جانب إقامته للمعارض، عمل على ترميم الأعمال الفنية في بعض قصور فرنسا.
لم يستقر الأب لثلاثة أولاد وبنتين لمدة طويلة في فرنسا حتى انتقل إلى الإمارات. كما وصف انتقاله بأنه كان محض صدفة أبعدته عن عائلته 15 عاماً. وأثناء مقابلتي له شرح سبب انتقاله، قائلاً “في 2003 في فترة تواجدي في باريس، كان لي أصدقاء في الإمارات طلبوا مني العمل على مشروع ترميم فيلا في دبي لأحد معارفهم. قبلت بالعرض المتفق إنجازه خلال ثلاثة أشهر ومن ثم أعود أدراجي إلى باريس”. وأضاف الشامي “لكن فرص العمل زادت عند قدومي إلى الإمارات، فعملت في مجال التصميم الداخلي للقصور والبيوت من خلال الرسم على الجدران والأسقف، إلى جانب ترميم اللوحات وإقامة المعارض”.

استمر الشامي على تمديد إقامته في الإمارات، حتى شعر بالاستقرار وقرر الإقامة فيها، معبراً أن “الإمارات تحتضن حضارة منفتحة متكاملة ثقافياً واجتماعياً وفكرياً”. فقد التقى فيها بالعديد من الفنانين، فتبادلوا خبراتهم وشاركوا أعمالهم في معارض ثقافية كمعرض الخط العربي 32 في الشارقة والذي نال فيه الجائزة الأولى لعام 2013.
ويضيف الشامي “دعم الدولة للفنّ شجعني على إقامة معارضي الخاصة، حيث بدأت بعرض أعمالي المائلة للواقعية باستخدام مفردات وأشكال غريبة تعكس حقائق وجوهر الأشياء”. ويضيف الشامي “وهذا النوع من الرسم يطالب المشاهد بالتحلي بالصبر لفهم جمالية اللوحة، لأنها تعبرعن واقع جديد غير مألوف في عالم الفنّ”.
ففي أول معرض فردي له في الدولة، أقامه في صالة (رواق الشارقة للفنون)) التابع لمؤسس ةعبدالله العويس، عرض فيها أكثر من خمسين لوحة تحت عنوان (مراحل). حسبما ذكر أنّ سبب تسميته بهذا الاسم يعود إلى تمحور عدة لوحات حول موضوع مشترك، فيضفي عليها طابعاً خاصاً. لذا تم تقسيم الصالة إلى مراحل لتروي قصة متكاملة.
وخلال فترة إقامته في الإمارات استلم عدة مناصب في سوريا. فلم يقتصر عمله على رسم اللوحات فقط، بل عمل مدرساً في ثانويات ومعاهد الفنون ومركز صبحي شعيب، بالإضافة إلى إدارته لصالة الشامي للفنون في حمص وإستلامه منصب أمين سر نقابة الفنون الجميلة بحمص سابقاً.
ومنذ أن أقام أول معرض له في دمشق تتابعت المعارض حتى وصلت إلى نحو ثلاثين معرضاً بين سوريا وفرنسا والإمارات. وقد حصل على العديد من الجوائز منها الجائزة الأولى لمعرض المعلمين في سوريا لعامي 1990 و2004.
قد يتساءل البعض أنه رغم كثرة أعماله الفنية وكثرة الجوائز التي نالها إلّا أن الشامي لم ينل تلك الشهرة المستحقة، فبالنسبة إليه “الشهرة الإعلامية ليست شهرة. فهي لا تسلط الضوء على الفنّ نفسه، بل على الشخص الذي يمتلك معارف وحضوراً إعلامياً”. واستكمل قائلاً “أنا كفنان لا أبيع نفسي للإعلام، فأنا أفتخر بفني لا بذاتي”. فهو يعتبر نفسه معروفاً بالوسط الفني، وإن لم يكن كذلك لما كان الآن يقيم المعارض وينال الجوائز في الإمارات. ومن آخر أعماله مشاركته بورشة (عام زايد) في ملتقى الشارقة للخط ونيله الجائزة الأولى لعام 2018.

ومع بداية العام الماضي بدأ بتحضير مجموعة فنية جديدة لكنه أكد قائلاَ “لن تكتمل مجموعتي الفنية وسيناريو الحرب مازال يسرد” فهو يروي قصة بلد من خلال لوحاته آملاً بنهاية مسرة.

تحرير: رزان محمد