الصراع بين فتح وحماس ..مسلسل تركي

النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948 والنكسة عام 1967 لم يكن للفلسطينين يد فيها لكن ماذا عن صراع الأخوة 2007؟ وما هو؟ تلك الأزمة تلطّخت يد الفلسطينين فيها فأدانوا أنفسهم وانقسموا ونسوا عدوّهم الأوحد ليحتفلوا بعداوتهم الأخوية معيدين إلى الأذهان قصة الأخوين قابيل وهابيل. فها هو العدو يسرح ويمرح ويجول على أرض فلسطين، والأخوين فتح وحماس يسطّرون يوماً تلو الآخر فشل ائتلاف الشعب الفلسطيني ووحدته التي باتت حلما بعيد عن المنال للشعب داخل وخارج حدود البلاد. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل ستتغلب روح الدم على صراع المصالح لنبذ الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الفلسطينية؟ في الحقيقة، يبدو أن تصالح فتح وحماس، (وإن تم لن يدوم أكثر من سنين هزيلة) ستعقبها عاصفة تقتلع أوراق المصالحة وترمي بالطرفين إلى دوائر النزاع مجدداً لأن لكل طرف توجّه ورؤية مختلفة تماماً عن الأخرى. حماس ترى أنه لا مكان للتعايش مع اسرائيل وترفض الاعتراف بها كدولة إيماناً بأن الجهاد والمقاومة هما سبيلاً للخلاص من كيان اسرائيل في حين تعتزم حركة فتح نهج السلام وتسعى على قدم وساق للحفاظ على العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية بعيداً عن الحرب. يرجع موقف حماس إلى تمسّكها بمبادئ الشريعة الإسلامية على عكس فتح التي تبنت الموقف الإسلامي بداية تأسيسها في أواخر الخمسينيات، ورفعت شعار المقاومة بقيادة الزعيم الراحل ياسر عرفات، إلا أن موقفها سرعان ما تغيّر بعد ان سئمت من محاولات المقاومة ووجدت أن الحل يكمن في تحقيق السلام لتتبنى فتح بعد ذلك الموقف العلماني والشيوعي.
قبل سنوات، ولدت حنظلة بعد مخاض من الخاصرة زرعت روح الفتنة والحقد بين الشعب الفلسطيني عندما حصدت حماس أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦. هذا الفوز أغضب قياديّي حركة فتح ليصرّح محمد دحلان، سياسي فلسطيني وقائد ومؤسس سابق لحركة شبيبة فتح ، أن فتح ليست على استعداد للعمل تحت قبضة حماس. الرئيس محمود عباس طالب بأن تلتزم الحكومة القادمة باتفاقيات منظّمة التحرير ومبدأ السلام الأمر الذي يتنافى مع توجهات حماس. حكومة حماس لم تلق إستحسان العديد من الفصائل الفلسطينية والذين رفضوا المشاركة في حكومتها لتقوم حماس بتأسيس حكومة مستقلة عام ٢٠٠٦ برئاسة اسماعيل هنيّة. هنية عرض الحكومة على الرئيس عباس لتقابل حكومة حماس بحصار مزدوج من قبل فتح وإسرائيل. الكثير من العراقيل فرضت على حكومة حماس حيث سحبت فتح واسرائيل الكثير من الصلاحيات منها. وبحسب مصادر تابعة لحركة حماس، اتّهمت فتح في الكثير من الأحيان بالتواطىء مع اسرائيل لإحباط عمليات استشهادية خططت لها حماس لشلّ قوى حماس وإضعاف نفوذها.
وماذا عن إنهاء الاقتتال؟ ألم تكن هناك محاولات لتحقيق المصالحة بين الطرفين؟ لعبت الكثير من الأحداث في تحريك عملية السلام بحسب قوى المد والجزر التي قربت الطرفين من المصالحة وأبعدتهما عنها في الآن ذاته. تدخلت مجموعة من الأطراف لحل الازمة الفلسطينية فمع انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000 ، توحّد الصف الفلسطيني ضد الاحتلال وبدأت حوارات داخلية برعاية مصر انتهت باتفاق القاهرة بين الفصائل في مارس/آذار .2005
فتح ألقت اللوم على حماس وحمّلتها مسؤولية تعقيد عملية المصالحة بعد اتّهام الأولى للأخيرة بمنع السلطة الفلسطينية زيارة غزة واعتقال عدد من قوات فتح. طلب فتح تغيير مقر الاجتماع المقبل من دمشق آنذاك إلى أي عاصمة عربية أخرى عبّد طريق المصالحة بشوك ما ألحق الأذى بعملية المصالحة.
وفي 2011 وبعد الإطاحة بالرئيس المصري مبارك عقب ثورة ٢٥ يناير، تدخّلت الحكومة المصرية مجدداً لإنهاء الخلاف ووقّع الفريقان اتفاقية مصالحة في الثالث من مايو 2011 في القاهرة. محاولات مصر الجاهدة لإنهاء الانقسام في أقرب فترة باءت بالفشل إذ تعثرت عملية المصالحة عدّة مرات. انسحاب مكتب حماس من دمشق إبان الثورة السورية التي اندلعت عام 2011 عرقل عملية المصالحة. في الدوحة، وقع خالد مشعل والرئيس محمود عباس اتفاق المصالحة في 2012 إلا أن هذا التوقيع لم يسفر عنه أي عملية جدّية حتى اليوم.
في أوائل الأسبوع الحالي، شهدت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعاً بين حركتي وفتح وحماس برعاية الرئيس المصري محمد مرسي لاستكمال ملف المصالحة وإقامة الدولة الفلسطينية. التوتر الذي شاب عملية المصالحة يعود إلى اختلاف الحركتين في بعض الأمور مما بدوره حال ما بين تحقيق الاتفاق بين الطرفين. فبينما تصرّ حماس على إجراء انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، تنادي جميع الفصائل والشخصيات المستقلة بنظام انتخابي واحد للمجلس الوطني والمجلس التشريعي، الأمر الذي أجج ثقب الخلاف بين الحركتين.
أما عن نقطة الخلاف الثانية، فترى الفصائل الفلسطينية أن يكون أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين في فلسطين أعضاء طبيعيين في المجلس الوطني على عكس حماس التي تحفظت على الرأي السابق مبينة موقفها في أن ينتخب أعضاء كل مجلس على معزل من الآخر وأن يكون لكل مجلس دوره المستقل وصلاحياته.
بالإضافة إلى ذلك، اختلفت الحركتين على موقف فتح والفصائل الفلسطينية في إعطاء الوطن دائرة واحدة والخارج دائرة ثانية بينما تعتقد حماس أن الخارج يجب أن يحظى بست دوائر انتخابية. نقطة الخلاف الرابعة ترجع إلى رغبة فتح في أن تشكل الحكومة مع مرسوم تحديد موعد الانتخابات، بينما ترى حماس أنه لا بد من تشكيل الحكومة أولاً، يليها تحديد موعد الانتخابات التي تشرف عليها الحكومة. علاوة على ذلك، تريد فتح والفصائل الأخرى تشكيل لجنة فرعية للانتخابات في الخارج تكون فرعاً للجنة الرئيسية أو المركزية للانتخابات، على عكس حماس التي تعتزم تشكيل لجنة انتخابات جديدة للخارج. نقطة الخلاف الرئيسة التي تسببت في إحداث سخط بين الحركتين هي أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن يريد تحديد فترة الحكومة الجديدة وبرنامجها بينما ترى حماس انه يجب أن تأخذ الحكومة وقتها الكافي لإنجاز مهامها. الأمر الذي دفع بنائب رئيس المكتب السياسي لحماس الدكتور موسي ابو مرزوق اتهام الرئيس عباس بعرقلة سير اتفاق المصالحة.
الخلافات بين فتح وحماس تلامس القواعد الأساسية في مناهج ومبادئ كل حركة، الأمر الذي لا يبشّر بتحقيق مصالحة طويلة الأمد. الثاثة نابتة، هذا هو المثل الّذي يبدو أنّ كلاًّ من قوى فتح وحماس باتت تنتظره لتحقيق المصالحة بقيام إنتفاضة فلسطينيّة ثالثة ربّما قد تتصدّى لريح الخلاف في ظلّ الوضع الجوّي الغير مستقرّ في فلسطين.
Please follow and like us: