الشاعرة سهام الشعشاع: أغلب المطربين العرب جاهلون وأغبياء عاطفياً

حاورتها: مايا درمش

قالت الشاعرة والإعلامية وكاتبة الأغاني السورية سهام الشعشاع، إنّ أغلب المطربين العرب جاهلون وأغبياء عاطفياً. وأضافت في حوار مع مجلة ) (MBRSC POST في الجامعة الأمريكية بدبي، إنني بطبيعة الحال أعمل مع 20% المتبقين منهم. فمن يفهم معنى الكلمة ويقرأ مغزاها من المطربين قلة قليلة جداً، وبالنسبة لي كان صعباً التعامل مع نماذج لديها غباء عاطفي في تحسس معاني الكلمة. فالأغلب منهم يريدون النص ملحناً وموزعاً ليتأكدوا أنّ الأغنية ستحقق مسبقاً نجاحاً ساحقاً وانتشاراً كبيراً.

ولفتت الشاعرة إلى أننا “خُلقنا في أوطاننا العربية وكأنّ قدرنا أن ترمينا بلداننا على قارعة المدائن، فلا يتم تقدير مواهبنا حتى نُعرف ونلمع في الخارج وليس العكس”.

يذكر أنّ الشعشعاع درست في كلية الآداب قسم الأدب العربي في جامعة دمشق، لها العديد من التجارب الإعلامية بدءاً من التلفزيون السوري وصولاً إلى تلفزيون المشرق وتلفزيون دبي وغيرهم. في رصيدها ديوانان شعريان، الأول بعنوان “إني اختزلتك آدماً” والثاني بعنوان “كأني لم أكن يوماً” الذي كان قد نال جائزة الكتاب الأكثر مبيعاً في معرض الكتاب العربي في بيروت سنة صدوره، وظهر في ثلاثة إصدارات تباعاً من دور نشر مختلفة.

 شاركت في العديد من المهرجانات العربية الشعرية والثقافية التي أقيمت في العديد من الدول العربية. غنّى شعرَها عدد من الفنانين من بينهم “راغب علامة”، “لطيفة”، “أصالة”، “هند البحرينية”، “ابراهيم الحكمي”، “إليسا”، “فضل شاكر” وغيرهم.

 التقينا الشعشاع، وكان هذا الحوار:

*من الأضواء وتقديم البرامج أمام الكاميرا إلى كتابة الأغاني والعمل وراء الكواليس، ما هي نقطة التحول التي ساهمت في هذا الانتقال؟ وهل يمكن أن تحدثينا عن أهم المؤثرات التي ساهمت في توجهك إلى الشعر؟

الشعر بالنسبة لي هو مشروع حياة، أنا خلقت لأكون شاعرة وتوجهت إلى تقديم البرامج بصفتي الشعرية ومن خلال حضوري كشاعرة وليس العكس. كان هناك تدرج في مسيرتي المهنية، وخاصةً في تقديم البرامج، حيث تمرست أولاً كصحفية، وأجدت الإعداد الصحفي، ومن ثم فيما بعد انتقلت إلى الإذاعة حيث دربت نفسي وصوتي على الإلقاء، ثم انتقلت بعدها إلى التلفزيون، وكان الهدف من كل ذلك هو تقديم مادة ثقافية مميزة للمشاهدين، ولكن للأسف في عالمنا العربي البرامج الثقافية مغيّبة تماماً، وعندما لم أجد ضالتي في التقديم التلفزيوني قررت أن أستثمر في نفسي كشاعرة.

*كتبتِ أولى أبياتك الشعرية في عمر السبع سنوات، وبدأتِ من بعدِها رحلتَكِ المهنية الحافلة بالنجاحات، متى انتقلت موهبتك من الحيز الشخصي إلى حيز الإعلام ومن ثَمَ الشعر؟ وهل هناك عراب ساهم في ظهورك أم أنه اجتهاد شخصي؟

اكتشاف مواهب الطفل المبكرة يقع على كاهل الوالدين والأسرة ابتداءً؛ ذلك لأنَّ السواد الأعظم من الأطفال تبرز مواهبهم في السنوات الأولى من عمرهم، مما يجعل الرعاية الأسريَّة هي الأساس في اكتشاف مواهبهم وتنميتها واستثمارها الاستثمار الأمثل. وكذا كانت والدتي، فقد كان لها الفضل الأكبر في اكتشاف موهبتي، علماً بأنها كانت امرأة أمية، ولكن ذلك لم يمنعها من أن تتبنى موهبتي وتأخذ على عاتقها حضور أمسياتي الشعرية ودعمي في مسيرتي.  وبعد حصولي على عدد كبير من الجوائز في مجال الإلقاء الشعري، انتقلت موهبتي إلى حيز الإعلام. أذكر عندما ذهبت إلى التلفزيون السوري مع والدتي للقاء المخرج “خالد الشماط” الذي لاحظ موهبتي، حيث ظهرتُ فيما بعد في برنامج ” ساعة صفا” وكنت وقتها آنذاك في السابعة عشرة من عمري، ومن ثم توالت الفرص، حيث توجهت للتعليق الصوتي في العديد من برامج الأطفال، وكنت صوتاً حصرياً لـ”ديزني” لفترة من الزمن.

*ما رأيك بمقولة إنّ الشعر قد مات وولى زمانُه؟ وهل أعاد الشعر الغنائي للقصيدة مكانتها؟

القصيدة المغناة هي شكل من أشكال الشعر، وكانت دائماً متواجدة، أما عن سبب تراجع مكانة الشعر ككل فيعود إلى أنّ المحطات التلفزيونية أهملت حضوره على شاشاتها، فالبرامج الثقافية لا تجذب الإعلانات ولا المعلنين الذين يساهمون في رفد القناة بدخل مادي كبير، وبالتالي كان التركيز على البرامج الترفيهية أكبر، فغاب الشعر؛ لأنّ هناك جيلاً بأكمله انفض عن قراءته، وقد تمنيت لو أنّ هناك جهة حكومية ما تتبنى هذه النوعية من البرامج، لتعزز مكانته من جديد، ولكن ذلك لم يحصل. وعلى أي حال علينا ألا نيأس من المحاولة، فنحن أمة شعرية بامتياز، ولا بد لنا أن نعود إلى أصولنا، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

*بالتأكيد كان هناك شعراء من الجيل القديم كانوا مصدر إلهامك، مَن باعتقادك حمل رايتَهم من الجيل الجديد؟ وأيهم أكثرُ تميزاً على الساحة الشعرية غناءً وقافيةً؟

في بدايتي كنت قارئة نهمة لكل الشعر القديم، ولكن من ترك أثراً حقيقياً في وجداني كان الشاعر “بدر شاكر السياب” ويأتي من بعده الشاعر “نزار قباني”. أما عن الشعراء الذين عاصرتهم وعرفتهم عن كثب، فهو الشاعر “شوقي بزيع”؛ وذلك لأنني سافرت إلى بيروت باحثة عنه، بعد أن قرأت له كثيراً قبل أن أتعرف عليه، فأحد أساتذتي كان يحضر لي قصائده ويقول لي إنه من أميز الشعراء، وعندما التقينا آمن بموهبتي وقدمني في “ندوة المرأة والإبداع”، ومن ثم رشحني للمشاركة في “مهرجان جرش”.

  أما فيما يتعلق بأكثرهم تميزاً، فهناك الكثير من الشعراء المتميزين على الساحة الشعرية في وقتنا الحالي، ولكن برأيي الأكثر حضوراً من خلال قصائده كان ولا يزال، هو الشاعر “نزار قباني” وذلك لسلاسة ما يكتب وطراوة لغته ومرونة حرفه.

*هل توافقين على الرأي الذي يقول بأنّ شُهرَتكِ زادت بعدما دخلت عالم الأغنية، وحققت أغانيكِ رواجاً كبيراً في عالمِنا العربي؟ أم أنّ وجودك الفاعل في الإعلام قد مهد لكِ طريق النجاح في الشعر الغنائي كونك شخصية معروفة على الساحة الإعلامية؟

بالنسبة لي كلاهما صحيح، سواءً التقديم التلفزيوني أو الحضور الشعري، فأنا في الحقيقة ممتنة لكل أعمالي، فلكل عمل قدمته بصمة إيجابية وعلامة مميزة. فليس المهم الثوب الذي ترتديه القصيدة، المهم أن يكون فيه دهشة وتميز، سواء كان ذلك بالفصيحة أو بالعامية لا يهم، الأهم هي الرسالة التي نريد إيصالها إعلامياً أو شعرياً.

*من يمتهن مهنة الكلمة ويعرف مفاتَيحها سهلٌ عليهِ أن يعبر بالكتابة، هل فكرت يوماً بكتابة قصة أو رواية أو حتى سيناريو تلفزيوني أو سينمائي؟

بالطبع فكرت، وبدأت فعلاً في كتابة قصة وسيناريو وحوار لعمل تلفزيوني، وانتهيت بالفعل من كتابة إحدى عشرة حلقة منه، ولكن تمهلت لإعادة النظر من جديد لأتأكد من إمكانيتي في تقديم إضافة حقيقية للدراما التلفزيونية، فأنا أريد أن تكون خطواتي واثقة ومدروسة وتترك أثراً.

*في أحد تصريحاتك أشرتِ إلى أنّ قلة من المطربين تعرف قيمة الكلمة، وأنّ 80% منهم جاهلون وغير مثقفين. كيف لكِ أن تعملي في ظلِ هذا الواقع الفني المحبط؟

بطبيعة الحال أعمل مع 20% المتبقين منهم. فمن يفهم معنى الكلمة ويقرأ مغزاها من المطربين قلة قليلة جداً، وبالنسبة لي كان صعباً التعامل مع نماذج لديها غباء عاطفي في تحسس معاني الكلمة. فالأغلب منهم يريدون النص ملحناً وموزعاً ليتأكدوا أنّ الأغنية ستحقق مسبقاً نجاحاً ساحقاً وانتشاراً كبيراً حتى يتعطّفوا علينا ويأخذوا الأغنية. ولكنّ “أصالة نصري” و”إليسا” تعتبران من المطربات القلائل اللواتي يتذوقن الكلمة ويتمتعن بموهبة حسن الاختيار لأغانيهن ولديهن حس المغامرة.

*كتبتِ قصيدة مَحكية بعنوان “بدي ولاد”، لما لم يتجرأ أي مطرب على أدائها رَغم أنها تفيض بعاطفة الأمومة؟

أنا تجرأت في طرح الفكرة، ولكنّ الفنانين لم يكونوا جريئين بما فيه الكفاية لغنائها، مع العلم أنّ هذه الأغنية أخذتها “جنين دي” فنانة تعيش في أمريكا، ولحنها الملحن “سليم عساف” وقامت هي بتسجيلها، ولكن “جنين” تركت لبنان فجأة، ولا أحد يعرف مصير هذه الأغنية حتى الآن.

  1. من وحي الحديث عن الأم ألا تعتقدين في عالمنا العربي أن هناك شُحاً في الأغاني التي تتحدث عن الأم والأمومة؟ أتوافقينني أنّ الشعوب العربية لا زالت عالقة في أغنية “ست الحبايب” وكأنها النشيد الوطني للمناسبة؟

طبعاً، أنا كتبت نصين من أعذب النصوص الغنائية عن الأم ولحّن إحداهما الملحن “جان ماري رياشي” وتأملت خيراً في الأغنية، فاتصلت المغنية قائلة إنّ هذه الأغنية ليست تجارية وليس لديها المقدرة المادية للصرف عليها، ولشدة حبي للأغنية تنازلت عنها بدون مقابل مادي، أما الأغنية الثانية فلحنها الملحن “محمد رحيم” ولكن الناس تعتبر هذه الأغاني موسمية وأغاني مناسبات.

*بعد حساسيات متتالية بينكِ وبين الفنانة “إليسا” نشهد تعاوناً جديداً بعمل بعنوان “قهوة الماضي”، هل تعتبرين هذا العمل بمثابة صفحة جديدة بينك وبينها، أم أنك ترفعتِ عن المشاعر الشخصية؟ وهل برأيك كان أداء “إليسا” للأغنية بالمستوى المطلوب؟

صوت “إليسا” من الممكن ألا يكون أجمل أو أقوى الأصوات الموجودة على الساحة الغنائية، ولكن الشجن الموجود في عُربها الصوتية قادر على توصيل أي رسالة مهما كان مغزاها. الخلافات طبيعية بين الصديقات وحتى بين الأخوات، كان هناك خلاف ما، ولكن قررنا كسر الجليد بأغنية سبقت “قهوة الماضي” وهي أغنية “عم ثور” وأنا سعيدة بتجربتي معها، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.

*في المقابل، ما سبب الخلاف بينك وبين الفنانة “رويدا عطية”، وما القصة وراء تصريحك في إحدى مقابلاتك عن عدم رغبتك بالتعاون معها مجدداً؟

حقيقةً لا أعرف سبب الخلاف بيني وبينها، كتبت إحدى الأغاني لها والأغنية لم يتم غناؤها، ولا أعرف السبب، ولكن أنا شخصياً أحب الفن الذي تقدمه وأتمنى لها التوفيق.

*قالوا قديماً “لا كرامةَ لنبيٍ في وطنه” هل تشعرين بأنّ هذه العبارة تنطبق على تجربتك في سوريا؟ وهل قدمتِ برنامج آخر في سوريا بعد برنامج “ساعة صفا” الذي عرَضه التلفزيون السوري منذ سنوات؟

لقد خلقنا في أوطاننا العربية وكأنّ قدرنا أن ترمينا بلداننا على قارعة المدائن، فلا يتم تقدير مواهبنا حتى نُعرف ونلمع في الخارج وليس العكس، وبالغالب ليست المشكلة في الوطن نفسه بل بالأشخاص الموجودين في مواقع القرار، وليس أدل على كلامي مما حصل مع الشاعر نزار قباني

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM