الرياضة الإلكترونية… وظيفة بدوام كامل

عادة ما يقال أن قضاء فترات طويلة أمام ألعاب الفيديو هو مضيعة للوقت وإهدار للجهد. وتتعرض هذه الألعاب إلى الاتهامات والانتقادات التي لا تنتهي، بدايةً من الإهمال وهدر المال وانتهاء بعدم الحرص على الصحة. إلا أن الكثير من اللاعبين أثبتوا عكس ذلك تماماً بعد فوزهم بجوائز مالية هائلة في بطولات، أو بطرق أخرى متعددة. وبهذا الشكل، تصبح ألعاب الفيديو وظيفة لهم بدوام كامل، وليس فقط أداة للتسلية.
في ٢٠١٨، أصبحنا في وقت يقف الحاضر مدافعاً صلباً وقوياً، رافضاً اتهامات الماضي لأثر ألعاب الفيديو السلبي على ممارسيها، ومثبتاً بالدلائل القاطعة والبراهين على أن هذه الألعاب تأتي بفوائد جمة على الأشخاص الذين يمارسونها، وتميزهم عن غيرهم بالعديد من الإشارات والدلالات والفوائد.
تسمى الرياضة الإلكترونية، وهي باتت من أبرز الظواهر في عالم ألعاب الفيديو التي تُمارس عبر الإنترنت، وبلغت هذه الظاهرة من الانتشار حدّ الاعتراف بها كباقي الرياضات الجماعية مثل كرة القدم، وهذه الرياضة الحديثة اخذت بالنمو في الآونة الأخيرة حتى تحولت الى ظاهرة حقيقية ومسابقة دولية تدر مبالغ هائلة.
مقولة “لا تستطيع أن تأكل الخبز من وراء ألعاب الفيديو”، لم يعد لها مكان على أرض الواقع، بل في الحقيقة بات محترفو الرياضة الإلكترونية يجنون الكثير من الأموال. شركةُ آكتيفيجن قامت في العام الماضي بدفع أكثر من مليون دولار أمريكي لأفضل لاعبي Call of Duty. بعضُ اللاعبين يجنون دخلاً سنوياً ثابتاً مقابل ممارسة ألعاب الفيديو باحتراف، والبعضُ الآخرُ يحصل على صفقات رعاية تماماً مثل الرياضيين الحقيقيين. هو أمر ربما لم يصدقه الجيل السابق، ولكن يحصد هؤلاء اللاعبون على الأموال عن طريق شركات مثل “لوجيتك” و”رايزور”، من أجل ترويج بضائعهم التي يستخدمُها المُحترفون. كما ينجزون ذلك عن طريق خدمات عرض وبث الفيديو والإعلانات التي تُصاحبها اليوم، الملايين يُشاهدون هؤلاء اللاعبين، أكثر حتى مما يلعبون بأنفسهم.
وقد ورد في تقرير من Newzoo بأن شعبية الرياضة الإلكترونية ستستمر في النمو وتتواصل خلال السنوات الحالية والقادمة، فيما يتوقع إمكانية وصول نمو عائدات هذا السوق حتى مليار ونصف في العام 2020. كما أفادت هذه الدراسة أن عدد متابعي الرياضة الإلكترونية وجمهورها من المُشاهدين قد وصل إلى ما يقارب 500 مليون شخص، ومن المتوقع أن يتكاثر بسرعة في السنين المقبلة.
من أبرز الأمثلة التي نستطيع طرحها، هي مسابقة لعبة Dota 2 الشهيرة، التي فاز بها الشاب اللبناني مارون نعيم مرهج بعد تحقيق فوز عالمي مع فريقه Team liquid، وتوج مرهج كأفضل لاعب وبطل Aegis، وحصد مع الفائزين الحصة الأكبر من الجائزة المالية التي تفوق 25 مليون دولار. وبعد فوزه أكد مرهج أن حياته لن تتغير، حيث أنه سيتابع في الوقت الحالي تركيزه على اللعبة وسيكمل تحصيله العلمي، وسيفتح عملاً خاصّاً به.
أما بالنسبة لبي دي باي أو “PewDiePie”، فهو معلق ألعاب فيديو سويدي الجنسية. تعتبر قناته على اليوتيوب من القنوات الأسرع نمواً، فقد ارتفع عدد المشتركين فيها من 3.5 مليون مشترك إلى 18 مليون مشترك عام 2013. بحلول يناير 2018 وصل عدد مشتركيه إلى أكثر من 60 مليون مشترك، لتصبح قناته أعلى القنوات اشتراكاً على يوتيوب، وهو يحصد على حوالي 13 مليون دولار سنوياً.
وهناك شخص آخر أيضاً، وهو كي إس آي، أو “KSI“، وهو لاعب “فيفا” محترف ويبث أوقات لعبه مباشرة كما ينتج فيديوهات عن الألعاب، وعدد مشتركيه حالياً ما يقارب 19 مليون، صافي قيمته الحالية حوالي 5 مليون دولار. وهناك الكثير غيرهم يفعلون الشيء نفسه كوظيفة بدوام كامل. فطرق كسب الجوائز تتعدد من المُسابقات الرسمية والعالمية والفيديو وعقود الرعاية والإعلانات، بالإضافة إلى أن البعض يُعطي الدروس الخصوصية لاحتراف ألعاب الفيديو مُقابل مبلغ كبيرٍ من المال.
وفي دبي كشف المكتب الإعلامي مؤخراً عن مخططات عملاقة جديدة للمدينة تهدف لجعلها إحدى أكبر الوجهات العالمية بمجال الرياضات الإلكترونية من خلال افتتاح ملعب Dubai X Stadium. وتتحدث بعض التوقعات عن إمكانية تحقيق هذه الخطوة لإيرادات تبلغ 1,4 مليار دولار بحلول عام 2020 مما تحمله استضافة الفعاليات العالمية من تأثير على الاقتصاد المحلي إضافة للسياحة كما من المنتظر أن تزيد نسبة توسع أعمال الألعاب بالمنطقة بنسبة تزيد عن 37%.
فالرياضة الإلكترونية بلا شك مفهوم عصري غير حياة الناس وطريقة كسبهم للمال، ولا شك أن خدمات البث مثل Twitch ساعدت كثيراً على شيوعها كوظيفة احترافية.
إضغطوا على الصورة أدناه لمشاهدة فيديو عن الموضوع:
الصورة الرئيسية من AFP
صورة الفيديو والفيديو من تصوير: وسام عون