الحرب على غزة تمتحن مصداقية الإعلام الغربي

دفاع أوكرانيا عن نفسها في مواجهة “الغزو” الروسي مقاومة، ونفس المواجهة في مكان آخر من العالم بين طرفين آخرين، فلسطيني وإسرائيلي، يُعتبر إرهاباً؟ هذا ليس سيناريو لفيلم فانتازي، بل هو واقع نعيشه يومياً مع بعض وسائل الإعلام الغربية، ولكن لماذا؟ وكيف يحدث ذلك؟ وما الهدف منه؟

هل تذكرون قصة “الأطفال مقطوعي الرأس والمحروقين” الذي لم يرهم إلا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأخبر عنهم الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي سارع إلى تبني هذه النظرية؟ صحيح أن مستشاريه تراجعوا عنها، تجنباً للإحراج، ولكنّ وسائل إعلام غربية ما زالت تتحدث عن هذه الفرضيات لإدانة الجانب الفلسطيني وإلصاق تهمة الإرهاب بعناصر المقاومة الذين نفذوا هجوم السابع من أكتوبر.

 كاريكاتير للرسام الفلسطيني محمد سباعنة

يقول الصحفي محمد العاصي، رئيس تحرير في قناة الحرة، إن ازدواجية المعايير في بعض وسائل الإعلام الغربية ليست واضحة، وحسب، بل هي نافرة أيضاً، ولكنه يعزو ذلك إلى “أجندة” هذه الوسائل “فهي تريد أن تسوق لوجهة نظر الدول أو الشركات أو الأفراد التي ترعاها مالياً، تماماً كتلك المؤسسات العربية التي تسوق لوجهة نظر ليست صحيحة دائماً”.

يرى العاصي من خلال متابعته وعمله أكثر من 15 سنة في وسائل إعلام مختلفة، أن وسائل الإعلام التي توصل وجهة نظر صحيحة بعيدة عن “أجندتها” شبه معدومة.

من جهته، يعبر طالب الصحافة كيرك ميريز عن استيائه حول “كيف لا يزال العالم يغمض عينيه على نفاق الإعلام الغربي”. ويتابع: “في حين أنني أدرس الصحافة في دولة عربية وأنا لست عربياً أستطيع أن أقارن بين العالمين”، مضيفاً “المؤسف أنني أرى هذا النفاق كل يوم، ولا أستطيع أن أفعل شيء غير نشر الوقائع”.

كاريكاتير للرسام المغربي عماد السنوني

 وسائل الإعلام هذه نفسها ما زالت حتى الساعة تذكر أسماء الإسرائيليين الذي سقطوا في هجوم حماس المباغت على غلاف غزة، والذي بلغ عددهم حوالي 1200 شخص، بحسب الرواية الإسرائيلية، كذلك تخصص، المرئية منها أو المكتوبة، مساحات كبيرة للحديث مع أهالي الأسرى الذين بلغ عددهم 240 قبل عمليات التبادل، ولكن هذه الوسائل الإعلامية نفسها، لا تأتي على ذكر ما يقارب 20 ألف قتيل بالهجوم الإسرائيلي، (بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في 18 من الشهر الجاري) ولم تأتِ على ذكر أسماء وقصص آلاف المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وربما يكون هذا أكبر دليل على مصداقيتها المزعومة.

ويبقى السؤال إلى متى سيظل الإعلام الغربي يكيل بمكيالين، ويتظاهر بحيادية ومهنية، وهل سيأتي الوقت الذي  يتوقف -على الأقل- عن ادعاء ذلك؟

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM